عذرا سيدي إنها دعوة للقتل



غسان المفلح
2005 / 9 / 23

وفي حواري لكم سيدي
أناشدكم...
أيضا إلى هدى أبو عسلي
الشيخ هاني جربوع، شيخ العقل الثاني للمسلمين الموحدين الدروز في سوريا: لم يجد في تعاليم المذهب ما يحلل القتل..
لقاء: أيمن الشوفي "العنف ضد المرأة"
في فقه المذهب التوحيدي (الدرزي) كما سائر الأديان السماوية القتل فعل لا يستحسنه أحد إلا إن كان كافراً، ولا يوجد في تعاليم المذهب ما يحلل القتل، لكن العرف ومثله الممارسة شرّعت القتل فقط دفاعاً عن النفس والوطن، وقبل بلوغنا دولة القانون كان ثمة ما يعرف (بقضاة الدم) وهو احتكام عشائري يحدد القائمين عليه مسؤولية القاتل مثلاً وينظرون إن كان هناك أسباب تخفيفية. أما بعد حلول القانون كفيصل بين الناس وملاذ احتكام أعلى شأناً من القضاء العشائري التزمنا نحن (الدروز) بنصوص ذاك القانون ولدينا محكمة شرعية تناط بها قضايا الزواج والطلاق والتركة وما ذهب إليه قانون الأحوال الشخصية في مادته 307 التي حددت أو نصّت على عدم إمكانية زواج (الدرزي بأكثر من زوجة في آن وعدم إعادة المطلّقة، فضلاً على حرّية الموصي بجميع ما يملك، وفي حال تزوج شاب درزي من غير درزية يعتبر حكماً خارج من المذهب لكن يمكن أن يوثق زواجه في المحكمة الشرعية ويسجل أبناؤه كدروز (يتبعون لمذهب الأب)، لكن في حال تزوجت فتاة درزية من غير طائفتها فتعبر كذلك خارجة من المذهب ولا تستطيع توثيق زواجها في المحكمة الشرعية، ويسجّل أبناؤها تبعاً لدين الأب. لكننا كرجال دين لا نشجع على القتل في حال تزوجت فتاة درزية من غير مذهبها، ولا ندعو إلى قتلها على الإطلاق، بل نعتبرها دينياً قد اختارت طريقاً أو ديناً آخر بملء إرادتها، وما حدث (لهدى أبو عسلي مثلاً) هو قضية عائلية نحن لا نتدخل بها، قتلها أهلها هذا شأنهم أما نحن كرجال دين فلن ولم ندعو على الإطلاق للقتل في هكذا حالة.
17/9/2005




سيدي الشيخ الجليل :
.. إننا معشر الذين يكتبون دوما فيهم حكة انتظار مأساة ما كي يجردوا أقلامهم فورا من غمدها , و يبدءون
في التشريح في هذه المأساة التي حدثت .. وكل كاتب من معشر الكتاب يكتب لدوافع تختلف عن الآخر .. وأنا أحدد دافعي سلفا في الكتابة عن هذا الموضوع وفي هذا الالتماس الحواري مع :
حضرتكم .. دافعي هو أن الحب بين البشر لا يتوقف ولن يتوقف على الإطلاق .. ولا يوجد قوة في الأرض يمكن لها أن توقفه مهما كانت ومهما علا شأنها وسمى والدليل الأكثر براءة هو هدى على حد السكين .. في عرف كما أسميته حضرتكم , وقضية عائلية أنتم معشر رجال الدين لا تتدخلون فيها , أفترض سيدي أن بكل الأعراف هنالك وجهاء في العشائر و الحمايل ــ والحمولة مصطلح خاص بأهل الجنوب السوري من أهل درعا والسويداء ويعني العشيرة أو القبيلة بشكل أدق ــ يتدخلون كأهل حل وعقد في أية مشكلة تعترض هذه الحمولة أو تلك أو هذه العشيرة أو تلك ..الخ
لا يوجد في منطقتنا وفي أعرافنا يا سيدي شيئا أسمه : شأن عائلي نحن لا نتدخل به .. فالتدخل قد تم قبل القتل .. والعرف كرمز فاعل هو تدخل قبل القتل إن لم يكن هو القاتل الحقيقي, هنا له مفعول المقدس الديني وليس الوضعي .. وهذا العرف الذي يتكرر باستمرار .. وهو مدان .. وسيادتك لم تدينه , بل اعتبرته شأنا عائليا خاصا .. وهل جريمة كهذه يمكن أن تعتبر كذلك ؟
أين إذن الوجهاء والأجاويد كي يساهموا في تغيير هذا العرف ؟؟ وسيادتك تخاطب السوريين بقولك : نحن الدروز .. إذن هل هذه العائلة درزية أم لا ؟ وهل مقاطعة أهل كل فتاة تتزوج من خارج الطائفة من قبل المجتمع هناك ..حتى يتم ذبحها وتقام أعراس عودة العائلة لدائرة المقدس بوجهيه العرفي والديني , هو أيضا أمرا عائليا .. طالما أن سيادتك أقريت بأن أي فتاة درزية تتزوج من خارج الطائفة تعتبر خارجة عن المذهب أي خارجة عن القانون الديني : مرتدة والارتداد عند المسلمين : عقابه القتل ياسيدي ... وقبل أن استمر في الحوار أناشدك باسم هذه الفتاة المسكينة أقصد أي فتاة تفكر الآن بالزواج من شاب أحبته من خارج الطائفة .. أن تحميها سيادتك أنت والسادة أشراف جبل العرب الأشم ...
ويا سيدي كان منذ زمن لي صديق من جبل العرب وهو الآن شأن مسرحي معروف في سوريا لم أره منذ أكثر من عشرين عاما لأسباب قاهرة .. ولكن في تلك الأيام الجميلة عندما كان اليسار السوري يحاول ــ بسذاجة كما كانت تبدو للبعض ــ إزالة الفارق الطائفي والمذهبي بين الناس ـــ أحب فتاة على ما أذكر من إدلب ولم أعد حتى أذكر أهي سنية أم مسيحية .. لم يستطع الزواج منها
لما شاهد من مقاطعة فظيعة من أهله وقريته ...الخ وتهديده بالطرد وحرمان رؤيته لأمه ..الخ وأيضا كرمى لشاب درزي يفكر الآن بالزواج من امرأة أحبها من خارج الطائفة أن يتم تسهيل الأمور
.. ممكن اشتقاق عرف جديد ياسيدي ..قاطعوا الفتاة لكن : لا تذبحوها .. الذبح ياسيدي لم يعد من شيم الإنسان في هذه الحقبة .. وأنا ياسيدي بعكس الآخرين لا أجرم الأخ الذي ذبح هدى#1 .. لأنني أعرف ماذا يعني .. العار ومقاطعة أهله في أعرافنا وتقاليدنا وخصوصا في السويداء .. حتى يشعر أخوها للمرحومة أنه هو نفسه بات عارا ..!! ولا يعرف أين يتجه ليخبأ رأسه من معارفه بعد
أن فعلت أخته هذه الفعلة الشائنة .. ماذا يفعل في هذه الحالة هل يترك مدينته أو قريته ويرحل !!؟ أم يذبح أخته .. وأنا أعرف أيضا سيدي : أن الفتاة التي تتزوج من خارج الطائفة يصبح صعبا على أخواتها العازبات التزوج من داخل الطائفة قبل غسل العار ..؟؟ تصور سيدي لو أن لهدى أخوات عازبات ولم يعد أحدا من الطائفة قادرا على الزواج من إحداهن ..سيبرن .. وبارت في أعرافنا
يعني : بقيت عازبة وعانس إلى الأبد .. فكيف يتصرف الأخ في مثل هذه الحالة .. ؟؟ وأنا سيدي ألوم الذين أوقعوا اللوم على الأخ واعتبروه مجرما .. فهو في عرفه وأخلاقياته وثقافته يمارس
دينه وأخلاقه بنزاهة حتى .. !! وخصوصا الذين أرادوا تجريمه وحكمه مؤبد أو إعدام ..!! إنهم لا يعرفون الحكاية ..
نحن ياسيدي نتحدث عما قبل القتل عن عرف كما أسميته سيادتكم هو الذي قتل هدى وسيبقى يقتل غيرها .. هذا العرف هو ما نناشد الأجاويد من إيجاد حلا آخر غير الذبح ياسيدي ..!!؟
وهذه المناشدة ليست من باب التشهير وإنما من باب الحرص على مجتمعنا وعلى صورة الطائفة في هذا العصر الذي لم يعد أحدا بمنجى عن إعلامه الكثير والمتكثر .. لم يعد هنالك غربال يحجب شمسا يا سيدي .. والمثال أمامك : هذه الحملة بشأن هدى .. وبعد هدى ستصبح الرقابة أعلى والقضية دخلت في العلن الإعلامي ولم تعد عرفا ينفذ في هزيع الليل بدم أي فتاة أحبت وستحب من خارج طائفتها .. وحل هذا الأمر أنتم أدرى بذلك ولكننا نناشدكم أن تساهموا بإيقاف الذبح ياسيدي .. وفي الحقيقة أخاف التدخل والكتابة عن هذه الأمور ولكن المصاب أكبر من هذا الخوف ياسيدي
بعد لجوئي إلى حمايتكم ..
#1ــ هذا لايعني عدم محاكمته جنائيا بالطبع .. ولكن من يجب أن يحاكم هو العرف كما أسماه حضرة شيخ العقل السيد : هاني الجربوع .
وتقبل مني الاحترام والتقدير
غسان المفلح

ينشر بالتعاون مع نساء سوريا