البحر بيضحك لصبايا غزة



مها التميمي
2015 / 4 / 16


نشرت صحيفة فلسطين الناطقة باسم حركة حماس في قطاع غزة منذ ايام قليلة مقالا عن زيارة شابات جامعيات لبحرغزة. وقد تناول كاتب المقال " هذه السلوك الطبيعي والصحي الذي يزاوله كل سكان المدن الساحلية، باعتباره انحرافا في سلوك الشابات. وطالما انه انحراف فقد استعان بطبيب نفسي ليحلل الانحراف الذي أغاظ الرجل واربكه. لماذا تذهب الشابات الى البحر في نهار ربيعي جميل ؟ وأين أولياء امورهن؟ مئات الاسئلة طرحها كاتب المقال مضافا اليها سخطه واستنكاره لهذا السلوك الغريب لكائنات اسمها فتيات تجرأن وذهبن للشاطىء كي يتنفسن الصعداء بمداعبتهن الموج بأيديهن وأرجلهن وهن "محتشمات" دون ان يتورطن بالتوغل سنتيميترات اضافية. فتيات لا يعرف كاتب المقال من اين أتين من المدرسة ام من الجامعة ام من العمل. وكما يفهم من السياق أردن إيجاد فسحة للفرح والترويح عن النفس وتجديد النشاط .
موقف الكاتب الكاتب الذي لم يذكر اسمه انطوى على شيء من الريبة وسوء النية. كما وعبر عن مفاهيم تحط من انسانية الصبايا، وتنكر عليهن حقهن في الترويح عن النفس والتمتع بجمال البحر، والاخطر انها تمس حريتهن الشخصية في المجيء الى هذا المكان الجميل القريب او البعيد عن بيوتهن او مكان دراستهن. ألا يحق للشابات الغزيات التمتع بالبحر لساعات، خاصة وان بحر غزة صار المتنفس الوحيد لكل أبناء قطاع غزة الذي يتعرض لحصار شامل وخانق وقد تحول الى اكبر معسكر اعتقال جماعي في العالم . والذهاب الى البحر هو طقس شعبي لكل الناس، وهي المتعة الوحيدة الباقية لديهم. لم يدر بخلد الشابات انه مطلوب منهن ان يكن في سجن صغير ضمن السجن الكبير في عرف صاحب المقال وأصحاب الفكر الذي يتعامل بدونية مع المرأة، ويتشكك في سلوكها ولا يثق بعقلها ولا بأخلاقها ولا بتدينها ويضعها تحت المراقبة الدائمة والحجر الدائم.
المقال السيء الذكر موضوع هذا المقال ولد تفاعلات وردود فعل وانتقادات شديده، ما دفع موقع صحيفة فلسطين الحمساوية لحذفه، دون اعتذار أو تصويب، ما يدل على ان الموقع يتبنى الموقف ذاته لصاحب المقال. وان إزالة المقال هي لتفادي تشكل رأي عام ضد هذا الفكر التعصبي الغريب عن ثقافة المجتمع الفلسطيني. ولتفادي خسارة او انفضاض ناس جدد.
ان هذا المقال وما حمله من مواقف سلبية ضد ابسط حقوق وحريات النساء والشابات ليس الوحيد ولا الاخير فقد سبقه قرار من وزارة الداخلية الحمساوية في غزة يقضي بمنع النساء من تدخين النرجيلة في الاماكن العامة. وبررت الوزارة قرارها "بالحفاظ على المظهر العام والتقيد بالعادات والتقاليد والاحكام الاسلامية ". تبرير اخرق وغير مقنع فلو جاء المنع للجميع تحت مبرر صحي مثلا ، كان يمكن ان يكون مقنعا، لكن ان يكون المنع للنساء فقط فهذا يعني تمييزا سافرا ضدهن. وعزو ذلك لاحكام اسلامية غير مسنودة بنص لان اختراع النرجيلة وعادة التدخين لم تكونا موجوتين في عهد نزول القرآن الكريم وغير متضمن في الاحاديث الشريفة.
تعلم حماس جيدا ان التحكم بالنساء هي الوسيلة الوحيدة لاحكام السيطرة على المجتمع بكامله ، كما تعطيها نماذج سيطرة مثيلاتها في مناطق سيطرة التنظيمات المتعصبة كداعش وبوكو حرام وطالبان والقاعدة والنصرة وغيرها. لم توفر حركة حماس فرصة لسن قوانين ولوائح إلا واغتنمتها لتحدد حركة النساء الداخلية والخارجية بما يضمن السيطرة الذكورية الكاملة عليهن.
منعت حركة حماس النساء من المشاركة في ماراثون غزة الذي كان مقررا في العاشر من نيسان القادم وبررت ذلك بالقول : إن مشاركة النساء في السباق يخالف التقاليد الاسلامية" ولا نعرف اي تقاليد اسلامية تحظر مشاركة البنات والشابات والنساء في الماراثون!. ذكرت الاونروا ان عدد المشاركين في ماراثون غزة وصل الى 1500 من خلال المدارس و800 من الكبار ، وانه كان سيضم عددا قياسيا من المشاركة النسائية ،260 فلسطينية و119 اجنبية. واشار عدنان أبو حسنة المستشار الاعلامي للاونروا " ان اقامة ماراثون غزة كان مناسبة سنوية لاظهار التضامن مع الشعب الفلسطيني ولجمع تبرعات لصالح انشطة المخيمات الصيفية التي ترعاها الاونروا ويشارك فيها 250 الفا من طلاب وطالبات في قطاع غزة. إن منع حركة حماس للنساء أدى الى إلغاء الماراثون ، وكان في ذلك اكبر خسارة للشعب الفلسطيني. يذكر ان حكومة الوفاق الوطني هي من المفترض ان يكون بيدها قرار السماح او المنع. وهي التي سمحت وشجعت ماراثون بيت لحم لكنها لم تتمكن من قيام ماراثون غزة ، لان حكومة حماس الموازية تتحكم في كل صغيرة وكبيرة في القطاع وهي صاحبة القرار الفعلي ولا سلطة لحكومة الوفاق ابدا في قطاع غزة.
ان حرمان النساء والفتيات هو عنف مجتمعي تمارسه حماس على النساء في غزة ، يضاف الى سلسلة طويلة من االممنوعات والتضييقات التي تمارسها على النساء وعلى كافة قطاعات الشعب بشكل عام .