الإطار الفكري لمفهوم النوع الاجتماعي



نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
2015 / 4 / 17

الإطار الفكري لمفهوم النوع الاجتماعي
أولا: مفهوم التمكين الاقتصادي للمرأة:
يقصد بمفهوم التمكين لغويا إعطاء القدرة على فعل شيء ليتيسر له، فيقال مَكنَه الله من الشيء وأمكنه منه، بمعنى استمكن الشخص من الشيء وتمكن منه وفلان لا يمكنه النهوض أي لا يقدر عليه. وجاء أن المُكْنَةُ تعني القدرة والاستطاعة، القوة والشدة ومن ثم التمكين يعني جعل الإنسان ذي قوة و استطاعة، ليصبح متمكناً قادراً على فعل الشيء فيقال ((متمكن من تأدية عمله)) .
عرف التمكين اصطلاحيا بأنه قدرة الأشخاص، نساء ورجالا على امتلاك ناصية أمور حياتهم: وضع التخطيط لأنشطتهم الخاصة واكتساب المهارات أو الحصول على اعتراف بما يملكونه من مهارات ومعارف ورفع مستوى ثقتهم في أنفسهم وتنمية قدرتهم على الاعتماد على الذات وأتخذ تعريف التمكين في معناه العام ثلاثة مظاهر أساسية هي :-
1- وصف الظفر بالسلطة بأنه العمود الفقري للتمكين: إذ يعني ممارسة دوائر التأثير ومراكز القرار السياسي المزيد من الضغط على نزعات الانفراد الأحادي بالسلطة وباتخاذ القرار .
2- ارتباط التمكين بالفعل: والمقصود هنا هو فعل هؤلاء الأشخاص الذين هم محور التمكين.
3- وصف التمكين مفهوما متعدد الأبعاد: إذ يؤثر الوصول لمواقع القرار في جوانب عديدة من الحياة الشخصية والجماعية والمجتمعية، كما يمس مختلف الجوانب الذاتية والموضوعية.
ظهر مصطلح التمكين في الثمانينات من القرن العشرين وارتبط في دراسات التنمية بالمرأة، كونه ينطوي على ضمان المشاركة الفاعلة للمرأة في صنع القرارات الاقتصادية و السياسية والاجتماعية التي تنعكس على حياتها اليومية وعلى مجتمعها ككل( ). وارتبط مفهوم تمكين المرأة تاريخيا بحركات التحرر الوطني في العالم ومساهمات حركة الحقوق المدنية الأمريكية ومساهمات الحركات النسوية في البلدان النامية في أمريكا اللاتينية وآسيا.
يتفق الباحثون على أن تمكين المرأة هو عملية إكساب المرأة القدرة على استخدام الموارد المتاحة واتخاذ القرارات الإستراتيجية التي تؤثر في حياتها، مما يمكنها من تحديد مصيرها وتحقيق مصلحتها وبناء عليه يمكن فهم عملية تمكين المرأة بمستويات عدة :-
1- بناء القدرة:- وهو يعني توسيع قدرات وإمكانات المرأة في المشاركة والتأثير والتحكم والتعامل مع المؤسسات التي تتحكم في حياتها. فضلا عن إمكان محاسبة هذه المؤسسات.
2- التمكين الاقتصادي:- لا يقف هذا المفهوم عند حدود الحصول على الدخل، فهو يشمل كيفية أو مدى التحكم بهذا الدخل، بل يتعدى ذلك إذ تعرف منظمة العمل الدولية تمكين المرأة الاقتصادي بأنه انتشالها من العمل متدني الأجر والعمل لبعض الوقت
3- القدرة الذاتية:- وهي الثقة بالنفس والوعي على المستوى الفردي والاعتداد بالذات. فالقدرة الذاتية تمكن المرأة من التعرف على كيفية تأثير علاقات القوة على حياتها عبر تحليل تجاربها وخبرتها الحياتية واكتساب الثقة بقدرتها على التأثير والتغيير.
4- القيادة الحكيمة:- ويعني اتخاذ القرارات الصائبة، كاستخدام الأموال استخداما أمثل من خلال عملية اتخاذ القرارات المتعلقة باستثمار هذه الأموال واستغلال الفرص المتاحة؛ حتى تتمكن من الحصول على أكبر عائد ممكن( ).
ولابد من إدراك أن التمكين هو عملية متكاملة لها عدة أبعاد لا يمكن في الواقع فصلها تماما بعضها عن بعض. وهذه الأبعاد هي: التمكين الاقتصادي والتمكين الاجتماعي أو الثقافي والتمكين الأسري أو الشخصي والتمكين القانوني والتمكين السياسي والتمكين النفسي. وأن لهذه الأبعاد مستويات ثلاثة هي: مستوى الأسرة، ومستوى المجتمع، والمستوى القومي. وللتعرف على التمكين الاقتصادي للمرأة على مستوى الأسرة على سبيل المثال يتم تحديد مدى تحكم الزوجة في توزيع الدخل على مختلف احتياجات الأسرة، ومدى إسهامها في دخل الأسرة، ومدى تحكمها في موارد الأسرة كالمدخرات. أما التمكين الاقتصادي للمرأة على المستوى العام فيتمثل في نسبة النساء في الوظائف ذات الدخل العالي، ونسبة تمثيل المرأة ومصالحها في صنع السياسة الاقتصادية، ونسبة تمثيل المرأة في وضع ميزانية الدولة. وعلى الرغم من أن هذه الأبعاد تبدو مستقلة بعضها عن بعض، أي أنه يمكن مثلا تمكين المرأة على مستوى الأسرة دون تمكينها على المستوى السياسي، إلا إنه غالبا ما تتقاطع هذه الأبعاد في الواقع فيلاحظ أن التمكين الاقتصادي والاجتماعي يتداخلان مع التمكين الأسري وكذلك يتداخل التمكين السياسي والاقتصادي وهكذا
ثانيا: الإطار الفكري لمفهوم النوع الاجتماعي:-
لمفهوم تمكين المرأة صلة بعدة مفاهيم تؤثر فيه ويؤثر بها، أهمها مفهوم النوع الاجتماعي (Gender). الذي تبلور بشكله البارز في العقدين الأخيرين من الألفية الثانية. يعني مفهوم النوع الاجتماعي مختلف الأدوار والحقوق والمسؤوليات والخصائص والسلوكيات الراجعة للنساء والرجال والعلاقات القائمة بينهم. كذلك يرتبط النوع الاجتماعي عموما بحالات اللامساواة في النفوذ، وفي إمكان الاستفادة من الخيارات والموارد. وتتأثر الأدوار المختلفة للنساء والرجال بالحقائق التاريخية والاقتصادية والثقافية التي من الممكن أن تتغير عبر الزمن
ركز تحليل النوع الاجتماعي على توزيع العمل بين النساء والرجال. فمثلا من وجهة النظر الاقتصادية إن توزيع العمل هو عملية توزيع العمال لأداء النشاط الذي يعدون فيه أكثر إنتاجية، أما توزيع العمل بحسب النوع الاجتماعي فيعني في الأساس توزيع العمل المأجور وغير المأجور بين الرجال والنساء في الحياة العامة والخاصة وعلى وفق ذلك يقسم العمل أو الأدوار بين الرجال والنساء كالآتي:-
1- الدور الإنتاجي:- ويتمثل بالعمل لإنتاج السلع والخدمات. وإن كلا من النساء والرجال يسهمون في العمل الإنتاجي. إلا أن عمل الرجل غالبا ما يكون في القطاع الرسمي. أما عمل المرأة فكثيرا ما يكون في القطاع غير الرسمي لأنه قد يتمثل بالعمل داخل المنزل أو قد يكون الإنتاج للاستهلاك الأسري وليس للبيع ومن ثم فهو غير ظاهر ولا تأخذ عنه أجراً على الرغم من أنها إذا لم توفره لكان على الأسرة شراؤه ودفع ثمنه فهو له ثمن ولكن لا يحسب.
2- الدور الإنجابي:- يشمل ليس فقط العملية الإنجابية بكل أوجهها، ولكن أيضا العملية التربوية والعناية بالطفل وصحته وبالمنزل، وغالبا ما يكون من مسؤوليات المرأة. و يضمن الدور الإنجابي استمرارية القوة العاملة في المجتمع ( ).
3- الدور المجتمعي:- يشمل نشاطات يقوم بها كل الأطراف على المستوى المجتمعي لتوفير الخدمات أو الموارد الخاصة كالعناية بالمواشي، والدواجن، وخدمة الأرض، وجلب المياه، والحطب ويعد عملا تطوعيا غير مدفوع الأجر، وغالبا ما تقوم به المرأة.
4- الدور السياسي:- ويمثل العمل السياسي القومي. وهو نوع من العمل قد يكون مدفوع الأجر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مستمدا من السلطة المخولة لكل صاحب مركزويعمل فيه في كثير من الأحيان الرجال لا النساء.
يحلل توزيع العمل على وفق النوع الاجتماعي تركز الرجال والنساء في مجتمع معين بأدوار مختلفة على أساس ثقافة وقوانين واقتصاد الدولة، وليس اعتمادا على مقياس إنتاجية الفرد في العمل الذي يناسب مهاراته وخبراته الفنية.
إن أولى محاولات الضبط العلمي لمفهوم النوع الاجتماعي تمت عبر عالمة الاجتماع آن أوكلي (Ann Oakley). التي صرحت بأن الجنس يمثل مفردة تشير إلى الفوارق البيولوجية بين الذكر والأنثى، في حين لفظة النوع تشير إلى التصنيف الاجتماعي للذكور و الإناث
وقد كان لهذه الخطوة الفكرية المتجسدة في التمييز بين مفهوم الجنس والنوع الاجتماعي الأثر البارز في التنحي عن دراسة المرأة كموضوع بحث منفصل بذاته. ليتعزز بذلك التوجه نحو تكثيف البحث في دراسة العلاقات الرابطة بين الجنسين ( ). وبهذا أهتم الفكر النسوي الحديث بدراسة أسباب توزيع الأدوار على وفق مفهوم النوع الاجتماعي.
بدأت الحركة النسوية في القرن التاسع عشر، إذ قامت الفرنسية هبرتين أكلار(Hubertine Auclert)عام 1881 بإحياء مصطلح النسوية. وقد عُرفت النسوية Feminism بشكل عام على إنها كل جهد نظري أو عملي يهدف إلى مراجعة واستجواب أو نقد أو تعديل النظام السائد في البنية الاجتماعية، الذي يجعل الرجل هو المركز، هو الإنسان والمرأة جنسا ثانيا أو آخر في منزلة أدنى، فتفرض عليها حدود وقيود وتمنع عنها إمكانات النماء والعطاء من ناحية، ومن ناحية أخرى تبخس خبرات وسمات المرأة لتبدو الحضارة في شتى مناحيها إنجازاً ذكوريا خالصا، يؤكد ويوطد سلطة الرجل وتبعية أو هامشية المرأة. ويذكر أن المصطلح ظهر لأول مرة عام 1872 على يد "ألكسندر دوما" الابن ولكنه لم يتخذ معانيه الحديثة إلا بعد 9 سنوات وقد ظهرت عدة حركات نسوية أبرزها:-
1- النسوية الليبرالية Liberal Feminism:-
نشأت الليبرالية تقريبا في القرن السابع عشر وكان واضحا منذ البداية أنها أثارت تساؤلات إشكالية حول سلطة الرجل داخل الأسرة وخارجها، فكانت العلاقة بين الحركة النسوية الليبرالية والليبراليين تتسم دائما بعدم الارتياح ( ). إذ يعزون أن سبب توزيع العمل التقليدي بين النساء والرجال هو الاختلاف الطبيعي بينهما. باعتقاد أن النساء غير قادرات على التحكم بعواطفهن وبذلك لا يمتلكن حسا للعدالة، فضلا عن كونهن مقيدات بطبيعة وظائفهن البيولوجية( ). وعلى الرغم من أن العديد من النساء قد عملن خارج المنزل، إلا إن الربط بين المرأة وأدوار النوع الاجتماعي مثل ربة المنزل والأم قد تم تطبيعها؛ مما قلل من أمن المرأة الاقتصادي واستقلالها. واستنادا إلى ذلك لم يكن مصطلح المواطنة أو رب الأسرة محايدا، بل كان مرتبطا بالرجال. وهذا يتعارض مع أساس مفهوم الليبرالية(المساواة والحرية)
تضمنت النسوية الليبرالية مذاهب متباينة نوعا ما في مستويات الإصلاح المطلوب لتحقيق المساواة بين الجنسين تتمثل بما يلي:-
أ‌- نسوية التماثل:- أي تعامل المرأة مثل الرجل في القوانين ومختلف مجالات الحياة. فإن المساواة على وفق القانون تكفي للقضاء على التفاوت بين الذكور والإناث. تدافع هذه النسوية عن توجه المعاملة المتساوية الذي يتحدى افتراض دونية النساء وينتقد بعضهم هذا المذهب؛ لأنه لا يؤدي إلى المساواة ولا يسهم في تغيير علاقات النوع الاجتماعي في المجتمع. ولكنه يتخذ من الرجل المعيار الذي تقاس عليه القوانين والسياسات التي في الغالب لا تناسب وضع المرأة ولا تستجيب لاحتياجاتها ومن ثم هي لا تكون عادلة ولا فعالة، بل إنها تكرس التمايز النوعي
ب‌- نسوية الاختلاف:- وهي تدعو إلى المساواة الرسمية انطلاقا من الاختلافات بين الجنسين. فإنها تعد الاختلاف أساسا للمطالبة بالمعاملة الخاصة بوصف أن النساء تستحق امتيازات خاصة بموجبه وذلك من خلال توفير برامج تدعمها الدولة التي تخدم مصالح المرأة كتوفير رعاية الطفل، والإجازات العائلية، وإلزام الجامعات والمؤسسات الحكومية والمجالس المحلية بالعمل بنظام الحد الأدنى أو الحصة (الكوتا): لضمان حد أدنى من النساء في هذه المؤسسات
2- النسوية الراديكالية Radical Feminism:-
ظهرت النسوية الراديكالية كرد فعل على تحليل النسوية الليبرالية. إذ ترجع الراديكاليات توزيع الأدوار التقليدي بين الجنسين إلى التنشئة الاجتماعية لا إلى الاختلافات الطبيعية كما بينه الليبراليون؛ وهذا يعني إن الاختلافات بين النساء والرجال نابعة من آليات التعلم والإدراك المرسومة لكل منهما مسبقا ومن ثم هي قابلة للتغيير وليست قائمة على الطبيعة أي ثابتة. فما أن تتغير التنشئة الاجتماعية للنساء وتتغير آفاق الفرص والأدوار فتصبح مفتوحة أمامهن في المجتمع، فإن الشيء نفسه يحدث في سلوكهن وتمكنهن.
ترى النسوية الراديكالية أن غياب المساواة بين الرجل والمرأة ترجع أسبابه إلى القيم الذكورية المسيطرة على الثقافة. وإن القوانين والأعراف والممارسات التنظيمية هي التي فرضت الفصل بين مجالات الرجال والنساء، كذلك المصالح والقدرات الطبيعية التي تعزا للنساء والرجال هي نتيجة الحدود التي تضعها الدولة في مجالات مثل: التعليم، والعمل، والمناصب الرسمية
تعد الراديكاليات بأن مفهوم النوع الاجتماعي يمثل تراجعا عن الدفاع عن قضايا المرأة وخطوة إلى الوراء، بوصفه مفهوما غامضا وغير قابل للتفكيك ويخفي وراءه نسقا متحركا من الهيمنة الخفية. وإن المرأة مضطهدة في معظم المجتمعات وأن اضطهادها يأخذ أشكالا ثلاثة هي
أ‌- الاضطهاد النوعي:- الذي يعني شيوع تفوق الرجل على المرأة وسيادته عليها.
ب-الاضطهاد الأبوي:- الذي يظهر في سيطرة الذكر على الأنثى في العائلة والمجتمع والسلطة.
ح-الاضطهاد القانوني:- الذي ينبثق من الاضطهاد الأبوي و ينعكس في القوانين الوضعية والعرفية.
وتنظر النسوية الراديكالية إلى الترتيبات التي تتخذها النسوية الليبرالية لتحقيق المساواة بين الرجال والنساء بأنها تؤدي إلى زيادة التمييز بين الجنسين. فإن تقبل تلك الإصلاحات أو الترتيبات دون اختبار أثرها في النوع الاجتماعي، يمكن أن يؤدي – وإن كان عن غير عمد- إلى استمرارية استبعاد النساء من المناصب العامة ومن أجل تمكين المرأة بشكل حقيقي يتطلب ذلك تغييراً جذرياً للنظام الاجتماعي المبني على المنظومة الأبوية الذي يستغرق مدة طويلة من الزمن، إذ لا يتوقف على إجراءات سريعة كما هو الحال في النسوية الليبرالية.

3- النسوية الماركسية Marxist Feminism:-
تركز النسوية الماركسية على أن الطبيعة الإنسانية لها أساس بيولوجي، تكمن في قدرة الفرد على السيطرة واستغلال الطبيعة بوعي وبما يخدم غاياته، وكيف أن مفهوم الطبقة هو المحدد لطبيعة وخصائص وأدوار الجنسين، وأن الأسرة والعمل المنزلي للنساء يرسخان تقسيم العمل التقليدي بين الذكور والإناث. إذ تربط النسوية الماركسية ظلم النساء بالبنية الطبقية، فالاضطهاد الطبقي في ظل النظام الرأسمالي يضع المرأة في مواقع عمل دونية وأجور ضئيلة ويعدها قوة عمل يتم الاستعانة بها عند الحاجة أو في حالة الأعمال المتدنية الأجر وأن الانحياز الذكوري للنظام الرأسمالي هو وسيلة لمكافأة الطبقة العاملة من الذكور؛ لكونه يتيح لهم السيطرة على النساء ومن ثم ينتج هذا النظام تمايزا نوعيا، فضلا عن التمييز الطبقي ويصبح الاقتصاد والعائلة مؤسستين اجتماعيتين متوازيتين، كلتاهما تخضع النساء وتستغلهن، تارة كأيدٍ عاملة رخيصة وتارة كعاملات بدون أجر في المنزل. وبهذا فإن التفسيرات الأبوية والرأسمالية حول مسألة المرأة هي المحاور الرئيسة للنسوية الماركسية.

4- نسوية ما بعد الحداثة Postmodern Feminist:-
انتقدت نسوية ما بعد الحداثة النظريات النسوية الأخرى لتناولها مفهوم النوع الاجتماعي كمفهوم ثابت لا يتغير وكأنه أمر مسلم به وليس نتاجا للغة الثنائيات التقليدية المفروضة على المجتمع مثل : رجل و امرأة، مذكر ومؤنث. فهي تفكك بناء نمط معين ومحدد من المجتمع والثقافة والشخصية، الأمر الذي يقود إلى تعددية ثقافية بمعنى أنه لا يوجد تفسير عالمي للأدوار يمكن الأخذ به وحده فقط.
تنظر نسوية ما بعد الحداثة إلى التقسيم التقليدي للعمل بين الجنسين على إنه نتاج السلوك الواعي للفرد؛ أي أن النساء والرجال هم المسؤولون عن القيام بادوار يحددها المجتمع. ومن ثم هم قادرون على تغيير هذه الأدوار بما يتلاءم مع متغيرات الحياة المستجدة( ). وفي مجتمع متعدد الثقافات يجب عدم التركيز على فهم مفرد لتجربة المرأة، إذ يعد اضطهاد النوع الاجتماعي حقيقة لا يمكن فهمها إلا من خلال منظورات مختلفة لنساء مختلفات. وبناء على التجارب المختلفة لهن يوجد أكثر من جواب صحيح لمشكلة التفاوت بين الذكور والإناث في مختلف مجالات الحياة.

5- النسوية الإسلامية Islamic Feminism:-
ترى النسوية الإسلامية عدم تناقض مبدأ المساواة النوعية مع مبادئ الإسلام. ذلك أن الثقل الأشد وطأة على النساء في الدول النامية إنما ينبع من منظومة الثقافة شعبية كانت أو نخبوية مقروءة، والتي انعكست على مؤسسات المجتمع( ). وتؤكد أن المساواة لا تعني التطابق، وأنه لا بد من احترام الاختلاف بين المرأة والرجل، مع عدم تحميله أكثر من حجمه وتفسيره لصالح فئة دون الأخرى. وتركز النسوية الإسلامية على دراسة النصوص الدينية وتحليلها ومراجعتها من أجل إعادة صياغة منظور للنوع الاجتماعي يمتاز بالتقدم والأصالة الثقافية
فلا يوجد في الدين الإسلامي ما يعوق عمل المرأة خارج المنزل وتطورها في السلم الوظيفي واتخاذها مراكز صنع القرار سواء في الحياة الاقتصادية أم السياسية. إذ أن النسوية الإسلامية ترجع التقسيم التقليدي للعمل إلى نتاج ظروف تاريخية واقتصادية وسياسية، لذلك عملت على فصل المظالم العامة والأسرية والاجتماعية والفردية في الثقافات الذكورية عن التفكير والفهم العقلاني الموجود في الدين
أن أهم نقاط الالتقاء بين الحركات النسوية هي أن الجميع يتفق على أن التمايز النوعي قائم، وأنه لكي تحقق المرأة ذاتها وتشارك في دفع النهضة الحضارية المنشودة، لابد من تغيير الظروف الاقتصادية والسياسية والثقافية؛ أي إنه لابد من الإصلاح. وهناك أيضا خطوط عريضة تتفق عليها جميع النسويات منها أهمية تمكين المرأة اقتصادياً وسياسيا وحق المرأة في أن تتعلم وأن تتمتع بالأمان والحرية وسائر الحقوق التي يجب أن يتمتع بها كل إنسان.