على هامش تداعيات قصة الحب في زمن حكومة...



حليمة زين العابدين
2015 / 4 / 17

امي التي عارضت رغبتي في الزواج من امرأة ثانية، باركت زواجي من الوزيرة، وزوجتي هي من خطبها لي

أشياء كثيرة اعجبتني في المرأة الوزيرة.
أعجبني تصالحها مع ذاتها، فهي حين احبت رجلا اخر غير زوجها، لم تقبل على نفسها ان توزع جسدها بين رجلين، رجل تحبه، ورجل تتقاسم وإياه مصالح مؤسسة الزواج... فطلبت الانفصال، وما اظن زوجها الا رجلا أبيا، إذ قبل طلب طلاقها ولم يشن حربا عليها ولم يقل عنها كلاما دنيئا، ولم يحرض العالم ضدها.
أعجبني تحديها، رغم منصبها ورغم كل الضجات التي أثيرت حولها، انتصرت لحبها، ولم تبالي بسقوط السماء فوق راسها وهي تخرج علاقتها للعلن... هي امرأة لم تخن ذاتها بامتهان جسدها، تفرشه في النهار لحبيبها وفي الليل لزوجها متحججة بمصالح الأسرة المشتركة، حاربت الازدواجية التي تعيشها كثير من النساء المتزوجات غيرها، وجه لها ووجه للناس.

وبغض النظر عن خرق القوانين وانتهاكها، اشياء كثيرة أخرى لم تعجبني في علاقة الوزيرة والوزير.
* لم يعجبني في هذه الوزيرة وهي بهذه الصورة التي رسمتها لها، قبولها الاقتران برجل متزوج، ان تحبه فذاك لا قدرة لها على رده، إذ ليس بوسع أحد منع عاطفة الحب ان تشتعل بداخله، ولكن بوسعها ان تمنع نفسها الاقتران بالنصف من رجل تحبه، هي التي ضحت بكل العالم من اجل هذا الحب... فالحب إما كل او لا حب.
لا يقول أحد انها امرأة مسلمة رضيت بشرع الله، فشريعة الله لا تجبر كائنا كاملا على ربط حياته بنصف كائن أو ربعه... فمن الأكيد من سنن رسول الإسلام، والتي لم ينازع فيها أحد من معاصريه أو يشكك، انه، لما كان الحب ما جمعه بالسيدة خديجة، لم يقترن بامرأة أخرى غيرها لا في السر ولا في العلن، ولم يتخذ له جواري ولا حريما من ملك اليمين، ولأنه استمر يحبها حتى بعد موتها، لم يسمح لنفسه بالاقتران بغيرها بعقد نكاح او بغيره، إلا بعد مضي سنتين وفاء لحبها.

* لم يعجبني في امرأة الوزير أن تدوس على كيانها وكبريائها وتنقاد من طرف زوجها لتخطب له امرأة غيرها لتشاركها فيه...
فلا يقول أحد، هي الأخرى مسلمة، وإسلامها يقتضي خضوعها لشريعة الله. فمتى كان الله يرضى بمثل هذه المهانة وفي عصر أصبح للمرأة فيه، حق الشغل وحق الاستقلال المادي، وحق الاختيار، وحق الكرامة وحق الحياة بلا احتقار بلا مهانة، أما حق رفض اقتسام المرأة رجلا مع نساء اخريات فذاك كان مما سنه رسول الإسلام حين جاءه ابن عمه علي بن ابي طالب، يستشيره في مسألة زواجه على السيدة فاطمة، فرفض بكل الصرامة الممكنة، مخيرا ابن عمه بين الإخلاص لزوجته او طلاقها.
فلا امرأة تقبل ذلها اختيارا، أو تقبل ان تشاركها امرأة رجلا تحبه وهي وفية له، الا في حالة واحدة إن كان لا يعنيها من هذا الزوج سوى امتيازات او مصالح تحققها من ارتباطها به.

أما الوزير فلا أرى فيه سوى ما يدعو للاستغراب... *
_ كيف لرجل أن يكون مسؤولا في حكومة بلد وهو لازال تحت وصاية امه، وشرط المسؤولية الرشد، وعلى من يكذب وهو يقحم امه في مشروعه للعصف بمدونة الأسرة وغيرها من قوانين تلك التي أمضت أجيال من ديمقراطيين حياتهم في نضال مرير، لتغييرها بما يضمن للمرأة والرجل حقوقهما على حد سواء.
_ كيف لوزير مسؤول في حكومة البلد، ان يهين ام أبنائه، بجرها كالألة بلا عواطف او مشاعر لخطبة صديقتها زوجة له، وهل كان السيد الوزير ليقبل مهانة شبيهة بهاته لأمه، وإن كان، فأي ذل هذا الذي تعيش فيه امرأة وصية على مسؤول في حكومة هذا البلد...
_ وإذا كان الوزير المسؤول في حكومة هذا البلد، قد يقبل إذلال أبيه لأمه، فهل يقبل ابناؤه بإذلاله لأمهم، ليس بالزواج عليها إن لم تكن لها القدرة على تخييره بين الاكتفاء بها زوجة واحدة أو تسريحها بإحسان، بل بإعلانه للعموم، ما كان يحدث سرا في الزمن الغابر، حين كانت المرأة التي لم تعد راغبة في علاقة السرير مع زوجها، تقترح عليه الزواج وقد تخطب له امرأة، هي من يختارها صغيرة في السن ومن غير تجربة لتكون تحت سلطتها، لا أن تقاد لمباركة زواجه من امرأة، أكبر سنا منها و لها تجربة ولها سلطة الوزيرة، وهو من اختارها...؟