المرأة الخليجية بين النقاب وفكر ابن عبدالوهاب



عبدالله مطلق القحطاني
2015 / 5 / 16

من يقرأ أو قرأ الفقه الإسلامي يعرف أن الخلاف في تغطية الوجه بالنسبة للمرأة عند أهل السنة قديم ومشهور ، منذ عصر الأئمة الفقهاء الأربعة الكبار عند أهل السنة ، بل إن المذهب الواحد فيه من الخلاف بين علمائها الكبار من تلاميذ الإمام صاحب المذهب ما هو معلوم ومنقول ، وأشهر أقوال الأئمة الأربعة بحكم تغطية المرأة للوجه والكفين على النحو التالي : الإمام أحمد بن حنبل مع الرأي والقول الراجح من مذهب الإمام الشافعي بوجوب تغطية الوجه والكفين ، وذهب الامام مالك وأبو حنيفة إلى عدم وجوب ذلك ، وعليه فإن جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن تبعهم قالوا إن النقاب ليس واجبا ، وهؤلاء من كبار علماء خير القرون الثلاثة الأولى ، وأقربهم صحبة وزمنا وفهما واستنباطا وتعمقا ودراية بالنصوص المتعلقة بحجاب المرأة وعدم وجوب النقاب ، بل صديقي القارئ الكريم والعزيز ووفق النصوص لا يجوز للمرأة المحرمة النقاب أو لبس القفازين في الحج لحديث رواه البخاري في صحيحه عن ابن عمر هذا نصه : لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين ، ولعل من نافلة القول إن النقاب قلما وجد في العالم الإسلامي في غير دول الخليج وبعض مناطق اليمن الشمالي ، ولعل هذا يفسر لنا أثر الفكر الوهابي أولا ثم عادات وتقاليد بالية نشأت بسبب البيئة وطبيعة المجتمع والأرض والواقع المعاش في القرون الثلاثة الماضية ، ولعل منطقة الحجاز خير شاهد لذلك ، فالحجاز كان ولازال أكثر انفتاحا وقبولا وفهما للنصوص وممارسة من منطقتي نجد حيث عقر دار فكر ابن عبدالوهاب ومنطقة القصيم الأقرب لنجد والأكثر تأثرا بفكر ابن عبدالوهاب ، ولهذا ترسخ بالعقول في هاتين المنطقتين وما جاورها ومنذ قرون ثلاثة مفاهيم متشددة ومختلفة ومبتدعة عن النقاب ، أذكر في السنة الأولى من دراستي بكلية الشريعة في الرياض أن أمي الغالية رحمها الله ذهبت للحج وعندما قمت بوداعها لحظة سفرها أوصيتها ألا تغطي وجهها عندما تصل الميقات ، قرب الطائف ، وعند عودتها أخبرتني أن من معها من نسوة من الرياض استغربن فعلها ، فقالت ابني عبدالله أوصاني ولن أخلف وصيته وهو يدرس في كلية الشريعة ، رحمك الله يا أماه ، فنساء نجد استغربن ويجهلن الحديث الذي أشرت إليه آنفا ، وبالقطع المشائخ والدعاة في موسم الحج نظام طنش تنتعش !! ، ولم أسرد هذه الواقعة إلا للتدليل على أثر البيئة المتأثرة أصلا فكرا ومنهجا وممارسة بفكر ابن عبدالوهاب نفسه !! والذي في الفقه نحى منحى ابن حنبل وإن خالفه في مسائل كثيرة في الأصول !! ولكن من المعلوم أن أسد أهل السنة قديما وحديثا هو ابن حنبل والتمسك بمذهبه في الفقه له أثره المعلوم ، وباعتقادي الشخصي أن المرأة الخليجية عقبتها ليس في النقاب قدر ما هو بموروثات ابن عبدالوهاب ، ولن تتحرر من براثن التخلف والنظرة الدونية إلا بتحريرها أولا من فكر ابن عبدالوهاب !! ولن يتحقق هذا الأمر ما لم يتم تعين إمرأة بمنصب وزير للتعليم.