المغاوير وحروب التنانير



أماني أريس
2015 / 6 / 17

من المؤسف أن تتحول الفضاءات الالكترونية الجزائرية، ساحة للمعارك وحشد الأنصار، والتباري بالحملات الالكترونية بسبب التنانير، ومن المشين أن تصل الحماسة ببعضهم، حد الترويج لحملة ملاحقة الفتيات المتبرجات في شهر رمضان، وتصويرهن من أجل نشر صورهن عبر مواقع التواصل الإجتماعي، والأغرب أن تأخذهم العزة بالإثم، ويبررون خطوتهم الطائشة بحقهم في ردع أي امرأة ترتدي ما يستفز غرائزهم ويفسد صيامهم !
إن الهوس الهستيري لكثير من رجال مجتمعنا بجسد المرأة، واعتباره مصدرا لكل رذائلهم وذنوبهم، وجعلهم حجابها على رأس قائمة الحقوق التي يطالبون بها، حالة تعبر عن غياب أفقهم الأنطولوجي، فتتجسد أساليب البحث عنه في هذه الخرجات الغريبة، التي تعتمد على ابتزاز المشاعر باسم الرجولة، واستنفار النقمة باسم الدين، ويصبح كل ذكر بغض النظر عن مستواه وعقله وسنه وأخلاقه، يحاضر في أخلاق الأنثى ومفهوم الأنوثة، ويحدد معانيها وفقا لدائرة تفكيره ومكبوتاته وعقده، بدل النظر في قيم استحقاقية تحقق المصلحة العامة للوطن.
ليتهم يدركون أن هذا التركيز على جسد المرأة قد أخذ منحى خطيرا، بعدما اِستُغِلّ في الصراع من أجل ما يسيل اللعاب على الطريقة البافلوفية، أكثر بمراحل مما يسيله جسد المرأة، والأخطر أن يغيب على الناقمون؛ أن صياغة بند يقمع المتبرجات لا يعدو عن كونه ضرب على العقول سنينا عددا، لتقبع الهمم أمدا ما بعده أمدا عند جيب امرأة، تكتمل الرجولة وترفع رايات النصر برتقه، ويقام العويل وتردد قصائد التأبين على الدين والوطن بفتقه.
فمن باب الانصاف، أهيب بكل ناقم على المرأة المتبرجة حدّ التفكير في تعريتها والتعدّي عليها، أن يبتكر حدًّا تاسعا يقام على أبصار بني جنسه الزائغة، كما اِبتَكر حدًّا ثامنا على المتبرجة، وتوعّد بتطبيقه في شهر رمضان، كما لا يفوتني أن أهيب جادّة بكل امرأة، ومن باب النظر في المصلحة العامة أولا ومن ثم مصلحتها الخاصة، أن تنتقي لباسا يراعي خصوصية المجتمع، ويستر ما يفسد صيام وقيام وأخلاق هؤلاء !