إصلاح الأهبل يتم بتزويجه بامرأة فاضلة !



حمودة إسماعيلي
2015 / 6 / 23

من ضمن أغرب الظواهر الاجتماعية، أن تجد الإبن، حشاشا، فارغا، بطيء الفهم، له حق تلقين الفضيلة لأخته. طبعا بإطار المجتمع الذكوري، تضفي القيم الذكورية هالة قداسة للذكر كوجود، فلا يتعلق الأمر سوى بوجوده: كتمثيل للقيم الأخلاقية من ضمن ذلك الفضيلة، مهما بلغ الذكر هنا من انحطاط وجودي. بالعكس الأنثى يجب أن تكافح لتضمن سمعة الشرف: متمثلة في الفضيلة ـ من خلال مباركة القيم الذكورية ـ بالرغم من أن إشكالية الأنثى بالأصل، تتعلق بتسلط الذكر بحقاراته وتناقضاته، ونقص فهمه للانفتاح الإنساني : فالأنوثة بالأخير، ليست جنسا محددا، بقدر ما هي الجانب الشاعري في الإنسان، الأنوثة هي قدرة البدع والخلق، وتصوير الجمال وإدراكه. والملاحظ أنه رغم القهر التاريخي الممارس على الأنثى، فقد احتفظت بجمالها، وقدرتها على إنتاجه، وذلك لا ينفي وجود مجموعة أخرى شبيهة بالمسوخ نتيجة تنمّطها وتشبّعها بالتمجيد الذكوري، على حساب الأنوثة كممارَسة وجودية.

تستمر المهزلة، مع سعي المجتمع ـ متمثلا في الأسرة ـ لإصلاح الإبن (السابق ذكره) الحشاش، الفارغ، بطيء الفهم: عند ذلك أول ما يخطر على البال كخطوة إصلاحية، هو تزويجه من امرأة فاضلة، صالحة، قويمة.. بدل إلقاه في مصحة عقلية أو لمعالجة الإدمان ! فلنتخيل الموقف من جانب آخر : أنثى تكافح كل يوم، تبني حياتها، تصنع مستقبلها، وبالأخير ينحصر دورها في ربطها بكائن أهبل، وذلك بغرض تقويمه ـ هنا يُختزل وجودها ودورها في أداة، تصبح أداة لتقويم ذكر لا نفع فيه اجتماعيا !

ذلك ما يفسر عدم توقف الأعمال التلفزيونية والإعلانية، بفرض الفكرة المتعفنة التي تُظهر المرأة بأنها لا تطيق العيش كعازبة، مهما بلغت مراتبها وقيمتها الاجتماعية والاقتصادية. تتوق لعريس، حتى لو كان مجرد جثة تتحرك ! يصبح دور الارتباط بعريس، بقيمة الإنجاز البطولي في الحروب الصليبية.

لماذا يقوم المجتمع والنساء الغبيات بالترويج لهذا التّعفن ؟ حتى يحمي المجتمع الذكوري قيمه بإخفاء عيوب الذكر وإعاقاته بدمجها مع الإناث.. فذلك الحشاش الفاشل بطيء الفهم الذي تحدثنا عنه، إذا تم لمّ شمله أخلاقيا بعد تزويجه، فذلك هو المتطلّب، أما إذا ظل أهبلا وحمارا، فتتحمل زوجته معه نسبة من فشله، أو حتى تعود هي السبب !! ليظل الذكر الوسِخ هنا كالنجم الساطع لا يُمس. هكذا يفك مجتمع الحمقى إشكالياته، وينقذ ماء وجهه وقيمه الحقيرة !