العجلاني يدافع عن فتيات دمشق00ليحيى الوطن 00 ؟



شمس الدين العجلاني
2005 / 10 / 17

تختزن ذاكرة الوطن الأحداث الهامة في حياتنا ، وجلاء القوات الاستعمارية الفرنسية عن سورية في السابع عشر من نيسان عام 1946 لم يكن حدثاً وطنياً عادياً عابراً، بل جاء يوما مشهوداً بعد سلسلة من الأحداث الجسام وتضحيات أبناء الوطن رجالا ونساء وأطفالا, يحمل دلالات وطنية عميقة.
هذا الإنجاز التاريخي جاء نتيجة حتمية للنضال المتفاني السياسي والجماهيري السلمي والمسلّح الذي خاضته فئات شعبنا كلها على امتداد ربع قرن، والذي جسّد إرادة شعب وقضية وطن، عبّر فيها الشعب السوري عن عمق الانتماء لوطنه، والإيمان بالحرية والعدالة، وكانت الوحدة الوطنية التي تجلت بكل معانيها عاملاً أساسياً في تحقيق النصر, ولا يستطيع احد نكران الدور الهام والبطولي الذي قامت به المرأة السورية في مقارعة الاستعمار , وظهرت العديد من الاسماء النسائية التي ساهمت في مقارعة المستعمر , كنازك العابد , و زينب الغزاوي , رشيدة الزيبق , سارة المؤيد العظم، ومنيرة المحايري، وثريا الحافظ، ويسرى ظبيان، وزهيرة العابد، وسنية الأيوبي، وجيهان موصللي، وبلقيس كردعلي, والشهيدة سلمى بنت محمد ديب قرقورة وغيرهن كثيرات0
إن العادات والتقاليد التي كانت سائدة آنذاك , لم تستطع أن تقف عائقا دون مشاركة المرأة , الرجل في حماية وصون الوطن ، وصولا لنيل الحرية والاستقلال ,
ليحيى الوطن :
ومن أروع مظاهر مقاومة المستعمر الفرنسي من قبل نساء دمشق , حين تنادين للخروج بمظاهره تنادي بالاستقلال , وتندد بالمستعمر , وتدعو لعودة الحياة البرلمانية التي عطلتها قوات الانتداب 000 ( نحن فتيات العرب , ليحيى الوطن , ليحيى الوطن ) هكذا هتفن سيدات دمشق بمظاهرة انطلقت من مسجد الاقصاب وجابت شوارع دمشق الرئيسية في السابع عشر من تشرين الثاني 1943 , ونددن بالانتداب الفرنسي , وطالبن بخروج المستعمر من سورية فكانت قوات الاحتلال وازلامة بالمرصاد لهن , فتصدت لهن قوات الدرك والشرطة واعتقلوا 12 سيده دمشقية , وفي اليوم التالي بدأت محاكمة فتيات دمشق أمام المحكمة الفرنسية المؤلفة من المسيو ليغ رئيسا , و قسطنطين منسي و المسيو انورة اعضاء , ومثل النيابة العامة المسيو موغان , وتداعى محاموا دمشق للدفاع عن السيدات المعتقلات وكان على رأس المحامين الدكتور منير العجلاني , ولمن لا يعرف منير العجلاني نقول :



منير العجلاني :

منير العجلاني من اعرق الأسر القرشية في بلاد الشام , بدأ تعليمة في دور الكتاتيب بدمشق ثم التحق بالكلية العلمية الوطنية ونال الشهادة الثانوية في سن مبكرة ثم نال شهادة الحقوق من جامعة دمشق و نال دكتوراه دولة في الحقوق وشهادة في الصحافة من معهد العلوم الاجتماعية العليا وشهادة في فقه اللغة وفي علم الاجتماع من السوربون. ومارس في العاصمة الفرنسية أنشطة سياسية متنوعة بصفته أميناً للجمعية العربية, ولجمعية الثقافة العربية, ونشر مقالات في صحيفة "لوسوار" انتقد فيها السياسة الفرنسية في سورية, مما دعا السلطات الفرنسية لإبعاده فتوجه إلى جنيف حتى سمح له بالعودة ثانية إلى باريس لإتمام تخصصاته 0
عاد العجلاني إلى دمشق عام 1933 واخذ ينشر مقالات في السياسة والاجتماع بهدف تعزيز "الشباب الوطني" بمظهر عصري وتوسيع قاعدته السياسية وكان في عمله حر نفسه في كل تصرفاته, واستطاع الزعيم السوري جميل مردم بك أن يضمه إلى الكتلة الوطنية. كما كانت القيادة الفعلية لتنظيم القمصان الحديدية في سورية معقودة على العجلاني حيث اسند إليه منصب الأمانة العامة لهذا التنظيم, وكان زعيم التنظيم عام 1936 فخري البارودي وهدف التنظيم إلى الدفاع عن الوطن السوري , وفي عام 1939 أصدر العجلاني مع الدكتور سامي كبارة جريدة "النضال" في دمشق وهي سياسية يومية0
دخل العجلاني لأول مره المجلس النيابي عام 1936 وحافظ على مقعده كنائب عن دمشق إلى عام1956 حين تم اعتقاله و أودع سجن المزه , كما دخل العجلاني الوزارة السورية لأول مره عام 1942 وزيرا للدعاية والشباب, و كان وزيرا للمعارف في وزاره جميل مردم بك عام 1947 , وزيرا للعدليه في وزاره معروف الدواليبي عام 1951 , وعاد في وزاره صبري العسلي عام 1954 وزيرا للمعارف واستمر في وزارته هذه في عهد فارس الخوري , وفي وزاره سعيد الغزي عام 1955 كان وزيرا للعدل 0
انتقل العجلاني إلى جوار ربة يوم الأحد العشرين من يونيو (حزيران) 2004 عن عُمرٍ ناهز 95 عاما في مدينه الرياض ودفن فيها 0

محاكمة فتيات دمشق :

انعقدت محكمة الانتداب الفرنسي يوم 18 تشرين الثاني 1943 , ومثلت فتيات دمشق الواحدة تلو الأخرى أمام المحكمة بتهمة الاشتراك في مظاهرة غير مسموح بها , وإقلاق الراحة العامة , وشتم الشرطة , ( السيدات هن : بدرية محاسن , نديدة الطرابيشي , حياة الفوال , زينب الكردي , نعمت ارضروملي , جويدة اسما , علية موسى , فريدة قبرصلي , ميمونة الصرماياتي , فاطمة ارضروملي , فوزية الفاكياني , حياة السمان) ودافعت فتيات دمشق عن أنفسهن , كما ترافع عنهن محاموا دمشق وفي مقدمتهم الدكتور منير العجلاني و الدكتور سيف الدين المأمون , ومما قاله العجلاني والمأمون أمام المحكمة الفرنسية : ان السوريين يفتخرون إذ يرون نساءهم يشاركنهم في العاطفة الوطنية , ويفهمن معنى الحياة والوطن والوطنية , وليس في هذا شيء من العار لان الأمم الأخرى الراقية تباهي ان نساءها قد وصلن إلى درجة من الرقي أصبحن معها يضاهين الرجل ويضارعنه في كل شيء 000 إن هؤلاء السيدات حالة خاصة 00 إن نداء السيدات ( ليحيى الوطن ) ليس فيه خطر على الدولة 00 لا أرى ما يؤخذ على امرأة تقول في مظاهرة هادئة : ليحيى الوطن , وطالبن عودة الحياة البرلمانية , كما يطلبها كل إنسان 00في يوم إغلاق المجلس النيابي 0
وبعد المرافعات اختلت المحكمة للتداول 00 ونطقت بالأحكام التي تراوحت بين البراءة والسجن 8 أيام بحق فتيات دمشق اللواتي وقفن كالزرافات شامخات في وجهه جبروت المستعمر , وطالبن بعودة الحياة البرلمانية , وخروج قوات الانتداب 000 ليحيى الوطن حرا كريما 00