العراقيات والاستفتاء علي الدستور



رغد علي
2005 / 10 / 19

17 - اكتوبر-2005

د. رغد علي

الكثير من النساء العراقيات قالوا نعم للدستور رغم وعي بعضهم انه لا ينسجم مع طموحاتهم , وأخريات رفضوا الدستور لأسباب مختلفة , والبعض قاطع .

تشكلت اللجنة الدستورية بعد انتخابات يناير 2005 من قبل الجمعية الوطنية في تاريخ 12 نيسان 2005 , قاطع العرب السنة تلك الانتخابات , لذا لم يكن لهم تمثيل بالجمعية , وضمت اللجنة الدستورية 55 عضو من القوائم البرلمانية , و بدأت اللجنة أعمالها في 13 -6-2005 بعد رفع تمثيل العرب السنة إلي 15 عضو إضافة لعشرة مستشارين , بلغ عدد النساء في اللجنة الدستورية سبع سيدات من المجموع الكلي, وقدمت مسودة الدستور للاستفتاء بالعراق في 15- أكتوبر -2005.

تمثل المراة العراقية أكثر من 65% من عدد السكان بالعراق , وهذا يمنحها قوة التأثير علي القرار السياسي بالعراق , لذلك كانت هناك دعوات مختلفة لتشجيع المراة علي المشاركة, ولزيادة وعيها بالقضايا السياسية , وكانت هذه التحركات من قبل أعضاء الجمعية الوطنية ومنظمات المجتمع المدني .

حثت عضوات بالجمعية الوطنية النساء العرقيات للمشاركة في الاستفتاء علي الدستور , الدكتورة عقيلة الدهان عضو اللجنة الدستورية من قائمة الإتلاف الموحد " تشكيل حكومة دائمة يتطلب وجود دستور يعالج هموم الشعب " , المحامية سولاف عبدا لله العضو بالجمعية الوطنية من قائمة التحالف الكردستاني , دعت المرأة العراقية بالتصويت بنعم علي الدستور لأنه يبني مستقبلها حسب كفاءتها " أدعو جميع الأخوات لترسيخ الديمقراطية وبناء غد جميل لأطفالنا " , سلوى التميمي العضو بالجمعية الوطنية عن قائمة الإتلاف الموحد وضحت للنساء خطورة إسقاط الدستور " فشل الدستور يرجع الدكتاتورية بلباس أخر " , وهذا لان إسقاط الدستور يترتب عليه إعادة انتخابات الجمعية الوطنية و كتابة دستور أخر, بظل حكومة مؤقتة .

سامية عزيز عضو الجمعية الوطنية ومن قائمة التحالف الكردستاني من ضمن الحزب الكردي الفيلي " الدستور لا ينصف المراة لكن العملية السياسية مهمة للهدوء والاستقرار" , دعت سامية النساء لقول نعم لكي يتم التغير المطلوب بالأسلوب الديمقراطي .
وتتفق الدكتورة سها العزاوي مع أراء سامية , سها عضو باللجنة الدستورية عن العرب السنة و صاحبة منظمة سميراميس النسوية , هذه المنظمة عقدت الكثير من الندوات والمحاضرات لتوعية النساء بالمفاهيم الدستورية , أخرها كانت بالموصل, وكان قرار النساء هناك " عدم المشاركة بالعملية السياسية" , لكن المنظمة لعبت دورا " أفهمناهم أن السلبية تلغي دورهم ولا بد أن يشاركوا " , توضح سها أن النساء بالفعل استجابت لهذه الندوات وتغيرت آراؤهم من السلبية إلي المشاركة الفعلية , سها قالت نعم للدستور رغم تحفظاتها علي بعض بنوده " نريد الانتقال لمرحلة نبني بها ونعمر ونصلح الأخطاء "

قامت منظمات المجتمع المدني بالفترة الأخيرة بالعديد من النشاطات التي تهدف لنشر الوعي بين النساء ولإفهامهم المواد الدستورية وأهمية المشاركة بالعملية السياسية.
الدكتورة إيمان عبد الجبار صاحبة تحالف نساء الرافدين , وهو تحالف يضم 36 منظمة نسويه , عمل هذا التحالف حملات واسعة للتوعية , شملت مناطق العراق كله , وتري إيمان أن تجاوب النساء كان" رائعا فالمرأة العراقية تريد أن تفهم ما يدور"خصوصا المراة التي بالأرياف " , إيمان ستصوت بنعم للدستور "إذا لم نحصل علي حقوقنا لن نقف حجر عثرة بطريق العملية السياسية " , وتؤكد علي المرأة العراقية أن تواصل نضالها مستخدمة بعض البنود التي بالدستور كقاعدة لتحقيق طموحاتها .
الدكتورة سندس عباس رئيسة معهد المراة القيادية , تعتقد أن دور المنظمات ليس تحديد خيارات الناس إنما " رفع مستوي الوعي لاتخاذ القرار " , وتتفق معها بان جميل المسئولة باتحاد النساء الأشوري , لهذا فان سندس وبان أقاموا العديد من المحاضرات وورش العمل , شعرت سندس ب" تعطش النساء لفهم العملية السياسية " مما يجعلها تشعر بحجم مسؤولية منظمات المجتمع المدني في تسليح المراة بالمعرفة " كي لا تكون تابعة".

الناشطة ميسون الدملوجي وكيلة وزارة الثقافة وصاحبة التجمع النسائي العراقي المستقل , تنصح النساء لقول نعم لإنجاح العملية السياسية , مع أنها شخصيا كانت ستقول لا لولا التغيرات الأخيرة التي حصلت للمسودة , وتمنح هذه التغيرات الصلاحية للبرلمان القادم بإعادة النظر بالدستور , تؤكد ميسون " سنعمل لإدخال التغيرات المطلوبة بالدستور", وتتفق معها هند شنين صاحبة منظمة رعاية الطفولة بالعراق " الدستور فيه ثغرات خاصة بالطفل والمرأة " , هند لا تقاطع الدستور بهذه الظروف التي تحتاج لتوحيد كلمة العراقيين لان " الدستور قابل للتغير " .
الدكتورة ابتسام الشمري صاحبة منظمة المراة لخير المراة كان آخر نشاط لمنظمتها في بعقوبة قبل أيام قليلة من الاستفتاء, وبعقوبة من المناطق الساخنة بالعراق لكثرة العمليات الإرهابية فيها , تصور ابتسام تفاعل النساء مع الدورات التي أقاموها للتوعية بأنه " كان فظيعا دعونا 40 سيدة جاءتنا 70 " ولن ترفض ابتسام الدستور , لأنها تري أن رفضه " يجعلنا نعود للصفر وهذا لا نريده " .

هناء ادوارد صاحبة جمعية الأمل العراقية وشبكة نساء العراق , تتفق هناء مع الأخريات علي دور منظمات المجتمع المدني , في نشر الفهم والتوعية والدعوة للمشاركة , عملت هناء بمناطق مختلفة بالعراق, مثل الاهوار وكربلاء والمحافظات الجنوبية " تركت النساء بيوتهن وجاؤا لنا لنوضح لهم معني الدستور في ظروف أمنية صعبة " , لكن هناء تصر علي رفض الدستور, لأنها تري أن" بناء هذا الدستور لم يكن علي قاعدة صحيحة " , فهي تطمح لدستور مدني ليس فيه تناقضات , وتقول" أن الرفض لا يعني موقفا سلبيا إنما لمواصلة العمل لتحسين المسودة " , توافقها لامعة طلباني التي ستصوت بلا للدستور, لامعة صاحبة منظمة صوت المراة المستقلة التي لها نشاط للتوعية بالدستور بمناطق شعبية ببغداد, كان النساء يطلبون منها نسخا من الدستور ليقرؤوه ويدعون أولادهم لقراءته .

بدأت عملية الاستفتاء منذ الساعة السابعة صباحا واستمرت للساعة الخامسة بعد الظهر, وعن إقبال النساء قالت رجاء الخزاعي العضو باللجنة الدستورية " علمنا أن النساء تذهب بصورة اكبر من الرجال لصناديق الاقتراع " يؤيدها في هذا قاسم المظفر مدير مركز للاستفتاء بمنطقة الحارثية ببغداد " إقبال النساء كان اقوي من الرجال " ,كذلك عبد الحميد عز الدين مدير مركز للاستفتاء بمنطقة المنصور ببغداد " اقبال النساء علي الاستفتاء جيد جدا "
, لكن شذي سلمان الموظفة بالمفوضية العليا للانتخابات تنتقد المفوضية , لانها جعلت اغلب الموظفات النساء يعملون علي التفتيش " لم تكن هناك مراقبات ألا تستحق المرأة المشاركة بهذه العملية ؟ "
تباينت مواقف العراقيات من الدستور في عموم العراق , ففي بغداد هدي عمر الموظفة في بنك الرشيد " أنا سنية وسأقول نعم باعلي صوتي يكفي ما يحصل نريد السلام " , لكن زينة صبيح المدرسة تقاطع الاستفتاء , لانها لم تعرف شيئا عن الدستور " المفروض أن يوزع لنا مع الحصة الغذائية التموينية لنعرف عن ماذا يتكلمون " , تختلف معها بالرأي مني عباس الطالبة الجامعية " أقول نعم مثل الغالبية لعل هذا الدستور يهدا أوضاعنا الأمنية" , اما زينب محمد الموظفة ترفض الدستور, لأنها قرأته , وتري فيه تناقضات وأخطاء " قبل ايام قليلة يحدث تغير بالدستور لا يعرف ما هوالشعب " , ولسمر محمد الاستاذه الجامعية وجهة نظر " أقول نعم رغم كل ما فيه من سلبيات لأنه اذا لم يستقر العراق ويتحقق الأمن لن نتمكن من عمل أي شيء في سبيل حقوقنا "
الملفت للنظر ان بعض السيدات ذهبن للاستفتاء بصحبة كل أطفالهن , سها احمد تفسر هذا بالخوف علي أولادها " إذا مت أموت مع أطفالي وإذا عشت نحيا كلنا " لكن الأطفال كانوا يتجمعون بمناطق قريبة من المركز الانتخابي, ويلعبون كرة القدم وتعلو أصواتهم , سامية علي جاءت للاستفتاء وتركت أطفالها مع أبوهم الذي سيأتي بعد أن تعود هي , وتعلل هذا " كي نضمن بقاء احدنا للأولاد لو تعرض الأخر لعملية إرهابية "
تنفعل بعض السيدات في بغداد عند الحديث عن الدستور, سميرة احمد موظفة بوزارة التربية يعلو صوتها " لا يهمني أي شىء بالدستور لأننا نريد حكومة تضبط الأمن وتحل أزمة الكهرباء والماء وتشعر بمعاناتنا" لذا فان سميرة تقول نعم حتى ينتهي " مسلسل الحكومات المؤقتة التي لم تفعل شيئا سوي المزيد من الفوضى", غالبية النساء في بغداد قالوا نعم بحثا عن الامل في تحسين الوضع الصعب الذي يعيشونه.

المناطق الاخري في العراق كانت تتباين فيها مواقف النساء من الدستور , راز رسول من مدينة السليمانية في إقليم كردستان العراق , راز صاحبة شركة تصوت بنعم للدستور رغم تحفظاتها علي بعض بنوده وتعتقد أن كلمة لا بهذه المرحلة لا تخدم إلا أعداء العراق " أنها المرة الأولي التي نقول فيها نعم أو لا بكل حرية " , نرجس مصطفي من مدينة اربيل في كردستان العراق تقول نعم لان الدستور يعطيها حقوقا سياسية لم تتمتع بها المرأة سابقا .

شيماء عمر موظفة تركمانية في مدينة كركوك المتنازع عليها بين العرب والأكراد , تقول شيماء لا للدستور لان فيه " غبن لحقوق التركمان "

شريف هزاع موظف من أهالي الموصل " كان إقبال النساء بالموصل جيدا " , فنادية عزيز وهي مدرسة ترفض الدستور لأنها تعتقد انه لا يلبي متطلبات الكتلة السنية , بالمقابل فان هبه صالح الطالبة الجامعية تقبل بالدستور رغم اعترافها بأنها لا تعرف جوهر الخلافات بين الأطراف السياسية, لكنها تعتقد أن "اللجنة الدستورية حاولت إرضاء كل الأطراف", تعلق هبة " نعم لأنها تعني نهاية لحمامات الدم وليس لتطلع سياسي لفئة معينة" , الطريف أن خديجة حسين وهي ربة بيت تقول " قال لي زوجي اكتبي لا وسيكتب هو نعم " لان كلاهما لا يعرفان الصواب لكنهم تركوا حرية الاختيار لأولادهم .

اما المرأة في المناطق الجنوبية , كانت تقع تحت المؤثرات الدينية والمعاناة الشخصية ,
فاطمة علي من مدينة الحلة في جنوب العراق " أقول نعم لأني لم أجد من يفهمني إياه " وتوضح مها الخطيب صاحبة منظمة حقوق الإنسان بالحلة " تقول النساء نعم لأنه أصبح تكليفا دينيا بعد فتوى السيد السستاني المرجعية الشيعية لقبول الدستور " , لكن فاطمة حسن من الناصرية 75 سنة لديها سبب قوي لقبول الدستور " وفاء لأولادي الشهداء الأربعة "

المناطق الغربية من العراق حيث الكثافة السكانية للسنة , كانت مشاركة المراة ضعيفة, إبراهيم احمد من تكريت " العائلات هنا لا تسمح بمشاركة النساء" سلمي عثمان طالبة جامعية تبرر ذلك" لعدم وجود نساء للتفتيش بتلك المراكز "
نشمية الدليمي ربة بيت من أهالي مدينة الرمادي تقاطع الاستفتاء لان ولدها و العديد من أقاربها تعتقلهم قوات التحالف " ليس لدي ثقة بالمستقبل " تتفق بالرؤى معها شيماء عبد صالح من عانه بمحافظة الانبار, شيماء ستقاطع الانتخابات القادمة أيضا " كل هذا مزيف لصالح كتل سياسية تسيطر علي العراق "كذلك مها فليح من الانبار " قلنا نعم أو لا لن يؤثر شىء" وتوضح مها ان الانبار كلها قتل ودمار" لن يتم الاستفتاء بكل الانبار " , لكن سوسن عبد الهادي مدرسة من مدينة سامراء تصر علي المشاركة" سوف نشارك بالاستفتاء رغم كل التهديدات التي يرسلونها لنا " لانها تريد دستورا يحميها ويرسم مستقبلها.

اختلفت الآراء ومواقف النساء , لكن استطاعت المراة العراقية أن تعلن عن رأيها مهما كان , باسكال ايشو وزيرة المهجرين سابقا " هذه هي الحرية التي جاءت بعد التحرير"