رسالة من رجل شرقي ..



زكريا كردي
2015 / 10 / 13

ستخسرين .. يا حبيبتي ..
ستخسرين.. لأنك قرَّرت أن تخوضي وَحْدكِ غِمارَ بحر الذكورة الشرقي المهيب والمقدس..
ستخسرين.. لأنهم لنْ يَسمحوا لحُريتك انْ تتكاثر.. ستخسرين.. لأن مآذن السماء كلها ترتّلُ معهم، وأنتِ لا أحد معك، سوى غراب حلم ساذج ، وبضع شذرات من أوهام، لا طعم لها ولا لون ولا رائحة ..
ستخسرين.. لأن راياتك ليست سوى حزمة من تخرّصات مقدّسة، دسّوها في وعيك اللاّهي كي يَحكموا وجودك الغض ..ويمنعوك من أن تكوني الإمام .. أو بين المصلين ..
ستخسرين.. لأن الرجال في شرقنا أنبياء، وهم يرون للمرأة نصف رأي أخرس ، وهي لا تزيد عن كونها انثى فقط ، أومتاع مدفوع الثمن إلى حين .. انثى ناقصة العقل والمُلكية والدِيّة .. ليست ضمن حساباتهم الانسانية ولا القيمية ولا يحق لها أن تخطوا في صحن الموازين ..
ستخسرين.. لأنهم أخذوا كل كنوز الجنة لهم ، واقتسموا القصور وشربوا الكوثر فيما بينهم ، وطردوك خارجاً من محراب حور العين .. وفي الاستراحة قصّوا عليك عذاب القبر وحذروك من النمص والتنمّص ومن السلام والابتسام والعطر.. ثم جعلوك تُسعدين للحظات بأنك التابع المُحصّن والأمين .. وانك الحلوى المصونة وستطفقين فرحاً بذلك .. لكن في النهاية، ستكتشفين، أنك قد أدمنت عبودية ناعمة، متسربلة بنسيج قميء، يلفُ ما مات من أحلامك ، ويُغيّر ملامح انسانيتك ..عبوديةً خاطوها تماماً على مقاس أبعاد الجسد لديك..
وستعلمين أن كل رنين الأساور الذي كنت تسمعين صداحها، ليست سوى أغلال سُكتْ من آياتٍ بيناتٍ، ومرويات صفراء قاحلة، جعلتك يوماً ما ، تخرّين ساجدة لهم خاشعة منهم، خائقة من طلاق رضاهم البائن وأنت ترتجفين..
ستخسرين .. لأن المجتمع الذكوري في شرق شهريار يا حبيبتي، لايقرأ سوى ما تخطه المرأة على عينيها .. وهو مجتمع يستحي من الحب ويجاهر بالكراهية .. ولا يفقه من إعراب النساء سوى تاء التأنيث الساكنة في حي المساكين ..
ستخسرين لأنك تعيشين بين أناس لا جوهر لهم، ولايهمهم منك سوى المظهر، والمرأة المفضلة عندهم هي الحمقاء المستكينة، وليست الذكية أو العاقلة أو التي تقبض على حريتها أو الفطينة .
ستخسرين لأن العمر الافتراضي للأنثى في مجتمع الفحولة قصير جداً، و لأن الذكور في بلادي يتعاملون مع المرأة مثل هواة جمع الطوابع .. الثمين منها يحظى بالرضاب ..
ويوماً ما ، ستجلسين وحيدة تتحسَّرين على ما مضى من أيام العمر، وستكون كل غلالك كدراً، دلواً من ذكريات الماء والطين، وستقعدين بين الصغيرات ترشين عليهن أقاصيص التندر والتحسّر .. وكيفية غسل ذنوب الزنازين ..
وستكذبين على نفسك وعلىهن بأنك سعيدة .. لكن في النهاية ، ورغم كل هذا ..
ستخسرين لأنك ستكتشفين بعد رحيل العمر والشباب ،في هذا الشرق اللعين، ان تجاربك لم تكن قط ، مع رجولة أو رجال، بل كانتْ مع غرائز ذكور ووحوش مجانين ..ستخسرين..!