الطوق و الأسورة



زين اليوسف
2015 / 10 / 17

هل شعرتِ ببوادر الاختناق؟؟..لا ألومكِ كثيراً..فتلك العبارة تحمل رائحةً عطِنة تستوطن ما بين أحرفها كتلك الرائحة التي تسكن أركان أي معتقلٍ عربي يحترم تاريخه العريق في انتهاك كرامة مواطنيه..نعم إنها تلك الرائحة التي تشعركِ بأن ذرات الأكسجين النقية الرائحة أصبحت قليلة و غير متوافرة و أن حتى تلك الذرات القليلة المتبقية و التي تحتفظ بحدها الأدنى من النقاء تفر هاربةً من أمامكِ نحو بشرٍ اعتادت على التسلل آمنةً إلى أجسادهم دون جسدكِ أو جسدي!!.

ففي معتقلنا هذا ستجدين أن قائمة الممنوعات التي تليق بأن ترحل عن أجسادنا -كما أرواحنا- كإناث أصبحت تزداد طولاً مع الأيام حتى لتكاد أعناقنا أن تلتوي ألماً و هي تشاهد ارتفاعها الشاهق الذي يعلونا..قائمةٌ نتمنى مخالفة ما تحتويه ليصبح لدينا مصيرٌ ربما مختلف قليلاً عما هو مُقدَّر لنا منذ الأزل..مصيرٌ بتِّنا لا نجرؤ حتى على تمني الوصول إليه ألا و هو نبذنا من جنة آدم التي لا تحمل بين طيات تفاصيلها إلا أغلب معالم الجحيم..ذلك الجحيم الذي يظنون بأنه جنةٌ نتمنى الوصول إليها و لا نملك إليها سبيلاً إلا عن طريق إخضاع أجسادنا كما عقولنا لهم.

لهذا ستجدين أن الذكر الشرقي يرفض أن يكون هناك من سبقه إلى ما بين ساقيَّ أي أنثى تروقه -و لن أقول يعتقد إنه يهواها- لأن فرائصه ترتعد رعباً من فكرة المقارنة التي سيخضع لها نتيجة لذلك الأمر..و لأنه ربما على يقين من أنه لن يرضيكِ أبداً مهما كان ما فعله من سبقوه لجسدكِ لهذا يفضل أن لا يكون هناك من "فعل"..هكذا سيصبح أي أداءٍ جنسي سيء ركيك لا يُغني و لا يُسمن من رغبة و يمارسه هو نحو جسدك الذي لا يكتفي أبداً أكثر من رائع باللنسبة إليكِ..فلم يعد لديكِ أي تاريخٍ للمقارنة و لم يعد لديكِ أي مقياسٍ للشغف لتسقطي تجربتك معه في محيط درجاته..نعم إنهم يرغبون بجسدٍ لم يُمس ليس لأن ذلك الأمر ينتقص حقاً من قدره بل من قدرهم!!.

لديك بعض النهم و تشتهين أن يكون لكِ الحق في خوض تجربة ذلك العقار الذي يثير كيمياء جسدكِ بطريقةٍ شهية و المُسمى بالحب؟؟..أعتذر لكِ فغالباً ليس مسموحٌ لكِ بأن تقومي بهذا الأمر فحتى تلك النشوة التي يصيبك بها ذلك المُخدر يجب أن لا تظهري آثارها علانية..لا بأس أعلم أنكِ ستشعرين ببعض الإحباط كونهم يحاربون حقكِ في تعاطيه علانية و دون خجل منه أو من نشوتكِ به..و لكن ربما لهذا السبب اخترع الإنسان الأبواب لكي يستطيع خلفها أن يمارس تعاطي تلك النشوة دون أن يجد تلك العيون الآثمة تنظر إليه بإدانةٍ مقيتة و كأنها عيون لملائكةٍ لا تملك قلباً لتطعمه حباً و لا جسداً لتسقيه لذة.

و حتى على صعيد الحرية الدينية ستجدين أن أغلب الذكور يخشون أن يأتي اليوم الذي يكتشفون فيه أن جواريهم لا يعتنقن ذات الدين أو المذهب أو المعتقد الذي به يؤمنون..هم لا يكترثون كثيراً لقدسية الرب و لكنهم يكترثون جداً لأي تهديدٍ و لو كان سطحي أو غير ظاهري تجاه قدسية أفكارهم الخاصة أمام جواريهم..فأن تصبح للجارية وجهة نظر فيما تؤمن به أو ما تُلقي به بعيداً عنها فهذا يعني أن هذه الجريمة الفكرية قد تتطور مع الأيام لكي تطال انتقاد الفكر الديني الذي يُصرَّح به هذا السيد أو ذك.

لهذا سترينهم دوماً يتمادون في غيِّهم تجاهكِ بطريقةٍ ملتوية..فتجدين أنهم قد يتقبلوا أن تنتقدي ربهم الأعلى الذي ينظر إلينا الآن بمللٍ من فوق عرشه و لكنهم لن يسمحوا لكِ أبداً أن تمارسي ذات الأمر مع ربهم الأسفل الذي يقوم بمنحكِ -كما يمنح غيرك- مقاعدكم في النار فقط لأنكم لا تروقون له "كثيراً"!!..و ستجدين أيضاً أن كل محاولاتكِ لانتقاده أو انتقادهم ستصبح كمحاولة تمردٍ يخضع لمواجهتها خليفة مسلم ما و لهذا سيتعامل معها كما كان أسلافه يفعلون..الكثير من القمع و الكثير جداً جداً من انتقاد أخلاق المتمردين عليه و الكثير جداً جداً و جداً من الدماء التي تقطر من أطراف صفحةٍ تُوصفين فيها بأنكِ ما تمردتِ إلا لأنكِ كنت من الساقطات!!.

و هكذا ستجدين أن كونك أنثى و كونك أنثى بينهم يجعلهم يغرقونكِ في لُجَّةٍ مُظلمة من العادات و التقاليد التي تحيط بأيدينا و أعناقنا كما تحيط السلاسل الحديدية بنظيرتها لدى أي مجرمٍ يحمل سجلاً إجرامياً مُرعب التفاصيل..و لهذا أيضاً سيصبح كل ما تحاولين القيام به هو مقاومة الحصول على أي قيدٍ إضافي في وقتٍ ما زالتِ فيه تقاتلين -و ربما تستكشفين- مواضع القيود الأخرى التي وُضعت من قبل أسلافهم على عقلكِ قبل الجسد!!..نعم إنكِ تحاولين انتزاع الطوق و الأسورة و اللذين ورثناهما منذ الأزل و يمنعان أي أنثى من الحياة و من اللذة و من أشياء أخرى كثيرة عالقةٌ بينهما.