أبناء الزنى ..



قاسم حسن محاجنة
2015 / 11 / 29

أبناء الزنى ..
"دقت عائشة الشنا، الناشطة حقوقية رئيسة جمعية التضامن النسوي، ناقوس الخطر بخصوص وضعية الأمهات العازبات والأطفال المجهولي النسب بالمغرب، مشيرةً إلى أنه يولد يومياً 100 طفل خارج إطار الزواج في البلاد. وكشفت الشنا أن حوالي 500 ألف طفل مغربي وُلدوا خارج مؤسسة الزواج بين سنتي 2003 و2009، حسب ما جاء في دراسة عن هذا الموضوع. مضيفةً أن هؤلاء الأطفال وُلدوا من طرف 200 ألف أم عازبة، وأنه يولد يومياً 100 طفل خارج إطار الزواج، وأن 24 طفلاً يُتخلى عنهم في الشارع يومياً ." عن موقع العربية ..
هكذا يجب أن يتحدث إنسان يعيش في القرن الحادي والعشرين ، وتحديدا استعمال مصطلحات تصف الوضع بدقة وتتفادى التنميط والإهانة ... لكن ما العمل وغالبية المجتمع العربي الذكوري ، يتعامل مع الأم العازبة ، كزانية يجب ازدرائها ، ملاحقتها حتى القتل وفي احسن الأحوال إقصائها من الحيز العام لتتدبر شؤونها دونما عون أو سند ...
وهذا المجتمع ذاته، يحكم على الطفل المولود لتوه بأنه ،إبن زنا ، ويرى من واجبه أن يعاقبه معنويا ويحرمه إجتماعيا من حقٍ لهُ أصيل .. فالمجتمع لا يعترف به إنساناً كامل الإنسانية بل يرى فيه تهديداَ "للنسيج " الإجتماعي وخدشاً "للحياء العام " ، وكأن ما يخدش حياء فلان ،يجب بالضرورة أن يخدش "حياء" علّان .. فالحياء ليس عاماً ،بل هو شأن خاص وفرداني ... وما استعمال مثل هذه الكلمات والمُسميات ، سوى فرضٍ لوجهة نظر واحدة ...ومحددة ، تُقرر للآخر كيف ومتى يُخدش حياؤه ..!! لكن ومع ذلك هناك سلوكيات مقبولة على غالبية المجتمع وأُخرى مرفوضة ، والمجتمع هو الذي "ينبذ" جانباً سلوكيات مرفوضة عن طريق التربية والتثقيف ، وليس "بالقوة " ..
الأنكى والأمّر هو وقوف القانون خلف التعريف القانوني ل"إبن زنا" ، وتخويل الأب والأب فقط ،صلاحية تقرير نسب إبنه وتسجيله في السجلات الرسمية ..!!
طبعاً ،عٍش رجباً ترَ عجباً ، فالأُم التي حملته في رحمها وعانت ما عانت حتى وضعته ، ليس لها حقٌ بالحاق ابنها الى نسبها ...دنيا عجيبة غريبة ..
لكن ، لا القانون ولا الثقافة العربية السائدة ، لا يفكرون للحظة ، كيف حملت هذه الأُنثى ؟! ومن يتحمل مسؤولية هذا الحمل ؟ وأين "الشريك "؟ ولماذا يتهرب هذا "الرجل " ؟
في الحالات الطبيعية ، فقد يكون هذا الحمل هو نتاج علاقة جنسية "مسبوقة " بعلاقة عاطفية تخللتها الكثير من الكلمات المعسولة والوعود الخلابة ، من قِبل الذكر للشريكة ، لكنه يتنكر لكل وعوده ويهرب بجلده سالماً ، تاركاً وراءه "أثار" جريمته ...!! نعم هو مجرم لأنه يتخلى عن إبنه ويتركه لقطيع الضباع تنهشه وأُمه .
أما الكارثة الكبرى ، فهي حالات الإغتصاب واسعة الإنتشار في المجتمعات العربية ، فلا يكفي الفتاة بأنها ضحية لعدوان وحشي ، بل يحولها المجتمع والقانون الى مجرم بلا حقوق لها ولإبنها ... ناهيك عن حالات الإعتداء الجنسي داخل العائلة ...!!
ويقول مثل شعبي فلسطيني : ثلاثة اشياء لا يمكن تخبئتها ، الحب والحبَل والركوب على الجمل (في شوارع القرية ذات البيوت الطينية وحيدة الطابق ) ..
فلو كان الامر عكسياً ، والذين يحبلون هم الذكور ، فكم من الذكور الذين كانوا سيحبلون خارج مؤسسة الزواج ؟ وكيف سيُخفون حملهم ؟؟!!