أسباب انتقاص الإسلام من المرأة



جهاد علاونه
2016 / 1 / 6

إذا قمنا بعزل أي إنسان في بيته أو في خيمته أو في شقته أو في مغارته مدة طويلة من الزمن وأخرجناه بعد ثلاثين عام من العزلة فإنه في البداية سيواجه صعوبات جمة في التغلب على ظروف الحياة.
طبعا الرب أو الله لا يخلق شيئا ناقصا,من أين جاء الإسلام بفكرة أن المرأة ناقصة عقل ودين؟, هذه الفكرة ليست أسلوب في خلق الله ولكنها طريقة غير مثلى في تعامل الرجال مع النساء في شتى أنحاء العالم حتى في بعض الدول المتحضرة.
حين ظهر الإسلام كانت غالبية النساء وليس جميعهن محرومات من المشاركة في صنع القرار.
كُن محرومات من صناعة الحياة اليومية والمشاركة فيها.
وهذا يعني أنه كان أكثر من نصف عدد سكان القبيلة محرومون من صناعة القرار, الأطفال والنساء جميعهم محرومون ويبقى الموضوع حكرا على كبار السن من الرجال.
ولكن لماذا؟.
ليس الإسلام وحده من كان ينظر للمرأة هذه النظرة, وإنما الإسلام هو الدين الوحيد الذي ما زال مصرا على رأيه رغم تغير ظروف المرأة.
الموضوع بدأ عندما سيطر الرجال على مراكز القوى الدينية التي كانت في البداية حكرا على مجتمع النساء ومن ثم أصبح الرجل مساويا للمرأة في صناعة الحياة الدينية ثم انقلب عليها وطردها من المعابد الدينية بسبب رائحة دم الدورة الشهرية.
إنه من الملاحظ حينما نقرئ الميثولوجيا الدينية(الأسطورة) أن هنالك آلهة أنثى كان الإنسان الحجري الأول يعبدها, وإلا لما كانت هنالك في الأصل آلهة مؤنثة,لماذا كانت هنالك أسماء نساء آلهة؟ الجواب: لأن الرجل في البداية كان يعبد الأنثى أو بالأصح كان يعبد رحم وفرج المرأة, ولكن لماذا؟ والجواب: لأن الرجل كان يلاحظ بأن المرأة تحمل وتلد, لذلك اعتقد جازما أن الذي خلق الكون هي آلهة أنثى وليست ذكرا, ولم يكن الذكور يعلموا أن لهم دورا رئيسيا بحمل الأنثى, تماما كما لو جئنا اليوم إلى أي حيوان وقلنا له أن هذه الحيوانة قد حملت وأنجبت منك, لضحك علينا, فعقله لا يستوعب مثل هذه القصص, وكذلك الأنثى الحيوانة, وكان الإنسان مثل تلك الحيوانات لا يعلم أن للذكر دور في الحمل وكان يمارس الجنس رغبة باللذة وكانت المرأة تتخذ ما تشاء من أزواج دون أن تقف عند سقف محدد لها.
ولما عرف الرجل مع تقدم التاريخ أن له دورٌ في حمل المرأة صار يقف إلى جانبها في المعابد والهياكل الدينية وظهر لدينا ميثولوجيا دينية مذكرة, ومع تقدم التاريخ شيئا فشيئا أخذ الرجل يبعد ويقصي المرأة عن مراكز صنع الحياة الدينية بسبب الدورة الشهرية التي تأتيها كل شهر, فقد لاحظ الرجل أنه عندما يجامع المرأة أثناء الدورة الشهرية فإنها تتسبب له بأمراض جلدية تظهر على شكل حكة في القضيب وغير ذلك من الأعراض المعروفة كما أن المرأة نفسها تتألم, لذلك اعتقد الرجل أن المرأة نجسه فلطالما صارت لديه قناعة أنه يتجنب المرأة اثناء الدورة الشهرية طالما صارت لديه قناعات أخرى بأن الإله نفسه لا يحب أن تدخل المرأة بيته وعليها الدورة الشهرية فعزلها وأبعدها عن المراكز الدينية أثناء الدورة الشهرية ثم صار يعزلها نهائيا حتى أنه لم تبق آلهة مؤنثة تُعبد وأصبحت الساحة الدينية ملعبا للرجل وحده.
هذا من ناحية.
أما من ناحية أخرى فكانت الآلام التي تُصاب فيها المرأة أثناء الدورة الشهرية تجعلها تقعد في البيت ملازمة للفراش ولا تخرج للحياة العامة.
ثالثا وهو الأهم: أن المرأة دائما مريضة بسبب الدورة وبسبب أعراض الولادة والحمل طوال السنة لذلك جلست المرأة في البيت معتزلة الحياة لذلك تراجعت قواها العقلية وخبراتها الاجتماعية وأصبحت لا تبدو أنها بمستوى الرجل.
هذا طبعا ليس لأن الله خلقها ناقصة ولكن بسبب ظروفها البيولوجية والدينية.
مع مرور الزمن بقيت المرأة لمئات السنين محجوبة عن الحياة الاجتماعية أيضا صارت مع بداية الملكية وحب الملكية خوف من الرجل من أن يأتيه رجل آخر أقوى منه فيسلبه زوجته كما يسلبه حصانه أو غنماته ونعاجه وما يملكه من مُتع الحياة لذلك حجب الرجال نساءهم عن أعين الغرباء, وأخيرا خاف الرجال أن تختلط أنسابهم مع تنامي القوى العشائرية وصعود وتقدم مستويات العائلة الممتدة وهي القبيلة, لذلك ولأن الرجل عرف أنه مسئول عن حمل المرأة صار يخاف من أن يأتيه من هو أقوى منه فيسلب منه زوجته فعزلها مرة أخرى خوفا من الاغتصاب واختلاط الأنساب.
وحين ظهر الدين الاسلامي في المجتمع الرعوي كانت فيه المرأة ممنوعة من المشاركة في الحياة العامة وصناعة القرار في المؤسسة العائلية, ربما صحيح أن هنالك بعضا من النساء كنا يشاركن في صناعة الحياة ولكن هذا أقل من 1% من نسبة أعداد النساء البدويات, وايضا ظهر الاسلام في مجتمع رعوي بدوي يعتمد بحياته على النهب والقتل والسلب لكي يعيش, فكانت السرقة والقتل مظهرا عاما من مظاهر الرجولة والفحولة عند العرب, وهذا يعني أن الرجال أنفسهم ما كانوا يعملون في أعمال مهمة غير السلب والقتل وهذه الظروف الصعبة لا تقوى المرأة عليها عضليا مطلقا لذلك حجبها الرجل والزمها البيت لكي ترعى الأولاد وتقوم على تربيتهم من هنا تراجعت خبرات المرأة ولم تعد تفهم من الحياة العامة ما يفهمه الرجل, لذلك اعتقد محمد مثلما كان يعتقد كل الرجال بأن الله خلق المرأة ناقصة عقل, وهذه مغالطة خطيرة جدا فهي ليست ناقصة عقل وإنما تنقصها الخبرة والدراية والممارسة لأنها محجوبة عن صياغة الحياة العامة.
اليوم الموضوع مختلف, المرأة تعمل في نفس المهن التي يعمل فيها الرجل لذلك لديها نفس الخبرة والكفاءة بل أحيانا تتفوق على الرجل.