ارحموا حياتنا



نرجس عبد الحسن الكعبي
2016 / 2 / 18

في وسط زحمة الحياة حيث الناس كل بهمه وارقه الذاتي كانت رؤى تعيش حياة هانئة مع زوج متفهم له رصيده من الحب ووظيفة جيدة مما يمكنهما العيش بسعادة .. يعود الزوج في الثانيه عشر ظهراً من العمل فيقضي في المنزل الى اليوم التالي جالساً على الاريكة يستغل وقته بالمطالعه .. أو مشاهدة الاخبار المفجعة يومياً عن حوادث جرت في هذه البلدة أو تلك ..! أيام هادئة لا تعكرها شيء وتفاهم وانسجام كحياة حلم، وفي احد الايام بينما هم على احدى الطرقات بدأت رؤى تكمل حديثها عن فوائد قيادة السيارة للنساء وتلح عليه بطريقه وديه أن يعلمها القيادة لوقت الحاجة لكنه كان يصر على أنه لا يستطيع لا لرادع ديني , ولكن للعادات والتقاليد السائدة .! يجيبها بصوت هادئ تتبعه آهات ـ سينظر لنا الناس بتعنت وانحطاط ويروني كالمهزوم او الراضخ وكما أنه لم يكن أحد من أعمامي أو ابي يفعل ما أردت الان سأكون الشاذ بنظرهم لا ريب .  وسكت وكأنه ليس لديه كلام اخر أو لم تسعفه مثالياته هذه المرة ! اما هي ورغم قناعتها بمطلبها لكنها لم تجد بدا من مجاراته السكوت  ثم تغير الموضوع , فكما قال (أنها العادات والتقاليد ) وفي أحد الايام في الساعة الواحدة صباحاً أحس الزوج بضيق بالتنفس , وألم حاد بالصدر . اضطربت الزوجة المحبة ولكنها أخفت قلقها بصعوبة بالغه .. كانت كلما تأتي له ببعض الأدوية تقول في نفسها : هذا ما كنت أخشاه يا فؤاد .. ماذا أفعل في هذا الوقت ومن يساعدني ..؟ لم يفد كل ما أعطته من ادويه فهي حالة جديدة عليه، قد سمعت عنها قبلآ ولكنها لا تعلم ماذا تفعل .! وكأن القدر قد أحالها الى لحظات الم وحزن تعوض أيام السعادة والهناء . كل ثانية تمر عليها في ذلك الوقت كدهر قاتل..  وهي تترقب وجهه المتألم الذي كانت تقرأ فيه نظرات حسرة والم , لأنه كان يعلم أنها كانت يمكن أن تساعده أذا ما وافق على طلبها في ذلك الوقت فيكون الان بالمستشفى وقد خضع للعلاج المناسب. لكنه يجيب نفسه كل لحظه (بما ينفع الندم ) وبعد أن اشتدت حالته أخذت الزوجة دفتر التليفونات واتصلت بدئاً بجيرانها لأنهم الاقرب .. ولكن لم يجب أحد .! ففكرت بالاتصال بوالدها لكنه كان يسكن ببلدة أخرى ومن البديهي أنه سيتأخر في الوصول . كان قلب رؤى يعتصر من الالم والحزن ..  تتنفس بسرعه والدموع تنهمر من عينيها وهي حائرة ماذا تفعل .؟! وبعد التقليب المستمر المتكرر للمرة الرابعة عثرت على رقم الشرطه ..فأدارت الارقام دون تفكير بمن سيجيب . فرن الهاتف .. طويلآ والزوجة تنظر بحدة واضطراب شديد .. وتتوسل بالله أن يجيب أحد وأخيراً رد ـ الووو من المتصل .. فقالت : أرجوكم زوجي مريض ولا أحد يرد على الهاتف .. ولا أعرف القيادة " واكملت وهي تختنق بعبرتها .. أنه يموت أمام عيني .. ولا أستطيع فعل شيء.. أرجوكم تعالوا لتنقذوه .. فأجابوها بتهكم أنهم الشرطه وليسوا الاسعاف..! ردت بغضب : ليس لدي رقم الاسعاف .. وأنا أحدثكم عن روح تكاد تفارق الجسد وتقولون لسنا أسعاف ! أتصلوا بالاسعاف أو المستشفى أو أي شخص أخر وتعالوا لتنقذوه. فسألوها عن مكان السكن فأجبت وهي ترتعش ثم أقفلت الخط لتعود لزوجها وتمسك يديه الباردتين وهي تزداد حرارة وتتصبب عرق وقد ملئ وجهها بالدموع .. فكانت تضع راسها بين يديها حينا فتجهش بالبكاء وهي تخاطبه لماذا ( منعتني .. لو كنت أعرف القيادة لكنت الان بالمستشفى ) تذرع الغرفة جيئة وذهابا بالم وتضرب الحائط حينا أخر . . وهي في حيرة مما تفعله ..؟ ولم تأخر الاسعاف ..! وبعد مرور دقائق سمعت صوت الاسعاف فكاد يغمى عليها .. ولكنها تماسكت بقوة .. ونقل زوجها للمستشفى الاقرب بالمنطقة .. فأخذ العلاج المناسب ولكنه .. أصيب بشلل في أحدى يديه .. جراء تأخر العلاج والمسعفين.. وأخبرها الاطباء أنه لن يتحمل نوبة أخرى مع أنه كان سيشفى لو حضر للمشفى أقرب من هذا الوقت لما حدث ما حدث . ومن وقتها صممت الزوجة أن تتعلم القيادة مهما كلفها من ثمن .. وأنها لن تراعي ـ تقاليد ـ تودي بحياة البشر وتدفنهم تحت التراب . من هذه القصة نعلم أن الضرورة والعقل يجب أن تطغى على الحياء المبتذل  والعادات والتقاليد البالية