عيدنا حزين



فؤاده العراقيه
2016 / 3 / 8

لم اجد كلمات مفرحة أهنأ بها المرأة في عيدها بقدر ما وجدت ما يحمل منها من الحزن والقهر لحالها الذي صار يرثى له , ففي الوقت الذي به بدأت التهاني تنهال عليها ومع اقتراب يومها العالمي بدأ الكثير يكتب عنها بكلمات لا تحمل من واقعها شيء يذكر حيث انهالت الشعارات الرنانة التي تتكرر كعادة هذا اليوم من كل عام بنفس الكلمات الإنشائية وتُقام الاحتفالات على قدم وساق بل وتتزايد مع تزايد الضحكات المرسومة على شفاه اصحاب المصالح بقهر المرأة وقهرها يتضاعف بسلطة دولة تلهث لمصالحها ,إلى سلطة الرجل الذي يلهث إلى املاء نقصه بها, إلى القهر الذي تمارسه هي أحيانا امام نفسها دون دراية منها , وحالها هو نفس الحال حيث تنهض من انتكاسة لتقع بانتكاسة اكبر وأشنع من سابقتها .

في الوقت الذي به تعيش المرأة اليوم في دوّامة وحرب أمام عدة جهات يأتيها الرجل الذي تخلّف ,وهؤلاء الغالبية اليوم ,وحمل عقده الذكورية التي صارت مزمنة به بعد أن حمّله اياها المجتمع وجعلها تتجذر وتنغرس بعيدا في لا وعيه لتشّكل اساسه وكيانه وتفكيره المبطن الرافض لكل فكرة أو عمل يجعل من المرأة في أن تكون نداً بند معه , حيث يأتيها بباقة من الزهور يحملها بيد مع بضع من الكلمات المعسولة وفي يده الثانية يحمل لها صفعة تنتظر دورها لتخفف عنه ضائقة طالما حملها معه على اكتافه.
فأي تهاني نقدم لها وأي احتفالات نقيمها وهناك من الجرائم التي ترتكب يوميا بحق انسانيتها , وتذهب اعداد منهنّ يومياً ضحية للنزاعات المسلحة التي يقيمها الرجال علاوة على كونها ضحية للعنف الجسدي وللتحرش الجنسي وللاضطهاد المنزلي.
وبالرغم من كل انواع العنف التي تتعرض لها النساء لكننا نجد بعضهنّ القليل مؤمنات بقضيتهنّ ولا يسكتنّ عن الظلم لكن اصواتهنّ غير مسموعة نظرا لقوة الهجمة التي تحتاج لإعادة النظر في دورهنّ والعمل المكثف والجاد , والبعض الكثير نجدهن صامدات لا عن وعي منهنّ بالصمود ولكنهنّ مجبرات عليه لقلة حيلتهنّ , هذه حقيقة مؤلمة يجب التوقف كثيرا عندها وعدم التغاضي والتستر عليها ولا على تزويقها بكلمات رقيقة نتستر فيها على ضعفها وغياب عقلها الناتج عن الأوضاع الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في مجتمعنا , فوضع المرأة حاليا يحتاج لوقفة تأملية جادة واسأله كثيرة قبل ان نقيم احتفالاتنا ونعلن تهنئتنا لها ثم ندير الرأس عنها بعد انتهاء مراسيم الاحتفاء بها .
لنسأل عن ماهية الإنجازات التي قدمناها خلال العام المنصرم ؟

الحقيقة تقول لا شيء قُدم ولا تقدم طرأ على وضعها بل حالها من اسوء لأسوء حيث اشكال العنف في ازدياد لتشمل العنف الجسدي واللفظي والنفسي المستند على قانون أنصف في التمييز الجنسي فقط وتستر بالدين .

ومع ازدياد اشكال العنف هذا نجد ازدياد المنظمات النسائية الرافعة لشعاراتها الرنانة والمطالبة دوما بحقوق المرأة والعاقدة لمؤتمراتها النسوية ولندواتها التي هي لا نفع منها للمرأة ولا دفع لها سوى من مصالح ذاتية والدليل هو حال المرأة المقيدة بسلاسل الجهل والتغييب ووضعها من حضيض إلى حضيض .
فالنزاعات السياسية قائمة اليوم على قدم وساق بل وشملت حتى المنظمات المسماة بالإنسانية وحتى النسائية منها والخلافات قد تشعبت باستثناء قضية واحدة لم يختلف عليها اثنان وهي محاولة تهميش دور المرأة ومحاربتها بكافة الطرق والحط من قيمتها تحت راية حرية المرأة , فاجتمعت عليها جميع القوى المتخلفة واتفقت على مصالحها الذاتية واذلالها فصارت قضيتها تشّكل عاملا مشتركا اشتركت عليه كل هذه القوى المختلفة والمتنازعة فيما بينها لكنها متفقة فقط على الحط من مكانتة المرأة .

لنعيد النظر بالمنظمات النسائية وبالحركات النسوية التي اضعفت المرأة وشوهت صورتها بدلا من ان تقوم بإنهاض واقعها والعمل على توعيتها .
لكن بإتحادنا وبعوننا وبوعينا بحقوقننا ستبزغ شمس الحرية من خلف قضبان المرأة وستكسر قيودها وستحقق المساواة الكاملة وسنحتفل بالعيد الحقيقي عندما يتغير حالنا فعليا بعد ان ننتزع حقوقنا كاملة ونغير القوانين الجائرة بحقنا لتكون منصفة وعادلة ولتحمي النساء من كل ما تتعرض له من أنواع العنف والإضطهاد.

نحن اليوم بحاجة الى المزيد من العمل الجاد والنضال الحقيقي والوعي المكثف ولسنا بحاجة لمجرد شعارات ومتاجرات بقضية المرأة, ولتكن ايامنا جميعها وليس فقط الثامن من آذار مناسبة لتعرية وكشف الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة يوميا ودراسة مسبباتها من أنظمة سياسية أو حركات أسلامية بل وشمل التقصير حتى من المنظمات النسائية.

نحن لا نعمل سوى على نضيّع الوقت فكم نحتاج منه , فيما لو بقينا نكرر نفس الحال على مر الاعوام ,فكم نحتاج من القرون لتتحد النساء وتصل الى الحال الذي وصلت له النساء العاملات في امريكا منذ ما يزيد عن القرن بحركاتهن النسوية الاحتجاجية التي دوّنت البطولات في مسيراتهنّ النضالية ضد كل انواع الظلم الذي كنّ يتعرضنّ له .

بوعينا نرتقي