المرأة العربية 9: علياء المهدي، كابوس مصر



سندس القيسي
2016 / 3 / 14

المرأة العربية 9: علياء المهدي، كابوس مصر

علياء المهدي والتي يطلق عليها زوار مواقعها على الإنترنت عرياء، والتي تعتبرها رصيف22 " إسم جنس وليس إسم علم. والسبب هو التعري وما للتعري من ارتباطٍ بالجنس" فالمهدي تحاول أن تسيس فعلتها وتنسلخ عن الدين ثم تحاول أن تلحق بركاب الثورة في مصر. بل إنها أول ما طرحت نفسها، كثائرة في مذكرات ثاثرة ولم تقل إنها متمردة فقط. وفي مسيرتها القائمة على التعري وفي أوضاع جريئة أيضًا تعزز الحرية الجنسية المغالية في الإنفتاح على الملأ، فهنا نستطيع أن نرى علياء وهي تفرط في الإيحاء الجنسي، ومعنى هذا أن هذه المرأة ستظل تصدمنا بسلوكها من خلال جسدها التي تريدنا أن نعتبره أداة تعبير.

وهذه المرأة قد صافحت الشيطان وعقدت معه عقدًا مدى الحياة منذ اليوم الأول لتعريها عندما نشرت صورة شخصية عارية لنفسها، الأمر الذي فعلته عن قصد كي تطلع من جحيم مصر عام 2011. فعلياء كما تقول إنها مرتاحة بتعريها، الذي يزداد يومًا بعد يوم، خاصة بعد ذهابها للسويد التي احتضنتها. وبحسب فيديو "الحقيقة عن علياء المهدي".بجزئيه والذي أنتجته خرابيش وأسمته خربشات متحررة، فإن هناك ثلاث أنواع من فنون التعري: أولاً؛ الفني، ويقال ليس فيه إيحاء جنسي، فقط قيمة جمالية ثانيًا؛ الإيروتيك: وهو فني مع إيحاء جنسي وثالثًا: الإباحي أو البورن. وقد وضع غالبية المصريين علياء في الخانة الأخيرة، نافيين صفة الثورة والنضال عن هذه المرأة التي يطالبون بسحب الجنسية المصرية منها لأنها لا تمثل قيم وأخلاقيات المجتمع الذي أتت منه. بل إن الليبراليون يرفضونها كليًّا إلا فيما ندر، حيث يقول البعض بأنها أفضل من المتطرفين الإسلاميين، ويعتقدون أن عالية المهدي ضربت وأضرت بالتيار الليبرالي بأفعالها هذه التي حسمت القضية لصالح التزمت اليميني الذي يخوّف من الليبرالية وفي نتاجها غير الأخلاقي، كعلياء المهدي.

إن علياء المهدي، محصورة الآن في نوع واحد من التواصل ألا وهو التعري. وهي قبل أن تذهب إلى السويد لم تكن حريتها الجنسية منقوصة كي تتمرد بالشكل الذي فعلت. فهي تقول بأن كان لها صديق يكبرها بأربعين عامًا في سن الثامنة عشرة. إن صدم المجتمع بتكتيك واستراتيجية التعري ليست مسألة جديدة. هذه الصدمة مطلوبة لجلب انتباه الإعلام والحديث عن المشكلة بما يخلق حوارًا أو نزاعًا في المجتمع .فهؤلاء النساء العربيات اللواتي تعرين لم يقوموا بفعلٍ قاهرٍ للعادة في إطار المنظومة الإنسانية، لكنهن اخترن أن يكن تابعاتٍ عمياءات للمرأة الغربية يمسكون بها من جسدها العاري في وجوههن ويلحقون بها يفعلن ما تفعل دون أن يدركوا معنى ما يفعلون. فالمرأة الغربية إذ تفعل ذلك، لن تفقد أبًا أو أمًا أو أختًا أو أخًا. ولن تخسر مجتمعها. وَيَا ليتنا نعرف حجم الدعم الحقيقي لظاهرة التعري في العالم العربي. فلا أعتقد أن يكون هناك أبًا وأمًا يريدون أن يكونوا في محل والدي المهدي أو الأخريات.

إن المصريين يرفضون أن تمثلهم علياء المهدي. فهي خرجت من مجتمعها واختارت أن تعيش في ظل مجتمع آخر خاصة أن ما فعلته لا يعد فنا وهو بالتأكيد لا يمثل المجتمع. ولا بد أن يوجد من يوجهها ويستغل الفرصة ليضرب بها المجتمعات العربية الإسلامية. فما استرخاؤها العاري على علم تنظيم داعش إلا محاولة من علياء المهدي ومن خلفها من حركات نسوية وغيرها لتسييس التعري وجعله قضية نضال. يجب أن لا نقع في هذا الفخ، لأن علياء المهدي وضعت نفسها في إطار التعري، تحت عنوان التعري وبغرض التعري والحريّة الجنسية، ولن نستغرب إذا قامت علياء بأعمال أكثر إثارة جنسية بعد أن يذهب هذا الغطاء السياسي الذي يستخدم كورقة توت. وعندما يمل الإعلام من علياء المهدي، وهي ليست بذات جمال معتبر، فإنه قد يدمرها، وفي العالم الغربي، فإن الصعود السريع قد يعني الهبوط السريع. ولننتظر ونرى ماذا ستفعل علياء وما هو حجم كفاءاتها الحقيقية. ومن مقولات علياء أنها ليست سلعة جنسية، معتبرة أن تعريها صرخة ضد مجتمع العنف والعنصرية والتمييز الجنسي والتحرش الجنسي والنفاق. وهذا كلام مردود عليه، وغير صحيح ومنطقه غير سليم. إن فعل تعري هؤلاء النسوة يعيبهن ولا يعيب الجميع لأنه فعل فردي. وإذا كانت علياء ليست سلعة جنسية، لماذا قامت ببيع جسدها لعدسات الكاميرا لتصبح سلعة جنسية بحتة؟

أما لماذا لا يوجد موقف موحد ضد علياء المهدي أو حتى معها في العالم العربي؟ ولماذا ظلت مسألة علياء المهدي عائمة؟ وهل تكون ردة فعلنا عنيفة بمقدار العنف الذي شعرت به الجماهير العربية؟ أم هل نتريث قليلاً، لأننا بحاجة أن نفكر في هذا الموضوع الذي جاء كالصدمة؟ وهو في الحقيقة صدمة للمجتمع العربي الإسلامي، الغارق في التطرّف. وقد يستند مؤيدو المهدي إلى أنها ردة فعل متطرفة جاءت نتاج التطرّف الموجود على أرض الواقع وخلل استراتيجي في التربية وانفصام في التعليم وضياع في حدود الله! علياء المهدي لم تأت من فراغ، فهي جاءت نتيجة التدمير الحاصل في بلادنا، وأهم برج تريد أن تهدمه المهدي هو برج الأخلاق الحميدة، حتى يصبح الإنحلال السياسي مصحوبًا بإنحلالٍ أخلاقي، وهكذا تنهدم البنية التحتية للأخلاق العربية التقليدية تمامًا، وبالتالي المجتمع ككل

والمهدي تريد أن تهدم أيضًا الدين. وهذا ظهر في تحريفها الآذان، فأصبح المرأة أكبر عوضًا عن الله أكبر، وفي استخدامها القرآن لستر عورتها في الإعتصامات التي قامت بها مع منظمة " فيمن"، والتي هي منظمة نسوية متطرفة، تدعو إلى هدم المجتمع البطريركي أو الأبوي وإعادة السلطة للمرأة. ومن الغريب أن المهدي ضربت الثالوث المقدس؛ السياسة والدين والجنس بحجرٍ واحد هو حجر التعري، وهل نقول أصابت؟ لكن علياء تعرف أن مجتمعها لن يسمعها، لأنه لا يفهم لغة التعري، إذًا، لم يكن قصدها التحاور مع مجتمعها بل ضربته بشدة وبقسوة. ومن الغريب في الموضوع أنها لم تتحدث في موضوع مثليي الجنس وهي التي تستخدم الجسد كوسيلة للتعبير كما تعتقد، هل ستتحدث في هذا الموضوع المحرم أم ستظل فقط تضرب مصر بوابلٍ من حجارِ التحدي؟ إن المهدي، على صغر عمرها، إلا أنها قد أحدثت ضجة كبيرة بأفعالها الخارجة عن المألوف والشاذة.

هل نعرف كفاية لكي نحكم على علياء المهدي؟ فصحيفة دير شبيغل الألمانية أجرت مقابلة مع "العارية" كما أطلقت عليها، وفي هذه المقالة تحدثت المهدي عن ضرب أبيها لها ورسمت للصحفي صورة أداة حادة تقول إن أباها ضربها بها، فهل هذا يعني أن علياء المهدي ضحية عنف أسري؟ كما ألمحت أن والدها تعرض لها كأنثى، فما الذي تقصده بهذا الكلام؟ وقد علق الصفحي على بيئة المهدي، بأنه لا يوجد غرباء في البلدة التي تعيش فيها المهدي مشيرًا إلى أنها أدارت رأسها إلى المارة في القهوة التي جلسا فيها، خوفًا من أن يكون أحد قد يتبعها. وعلياء تعتقد أنها وضعت الدعم الغربي في جيبها الصغيرة، لقيامها بفعلٍ "شجاع"، وخرجت من منظمة "فيمن" التي طلعت على أكتافها، لأنها لا تحب أن يملي عليها أحد ما يجب أن تفعل. أوظنت أن "فيمن" دعمتها لسواد عيونها وليس لديها أجندة واضحة وضوح الشمس؟ ثم اتهمت الصحفي الألماني من دير شبيغل بأنه مارس التمييز ضدها مصرحة بأن التمييز ضد المرأة موجود في كل مكان، ولكن هل يمكن أن يكون أنها وجهت هذا الإتهام للصحفي الألماني لأنه وصفها بالعارية، عوضًا عن "الناشطة" أو حتى "المناضلة"؟ وربما أيضًا لأنه صور قلقها كمطاردة الأمر الذي لا بد أزعج المهدي.

وقد أغضبت المهدي التيار الليبرالي في مصر، و الذي كان يدعو إلى مقاطعة الدستور، حين وقفت عارية وهي تحمل علم مصر ويافطة تقول الشريعة ليست دستورًا، وقت إنتخابات 2012 أمام السفارة المصرية في ستوكهولم. وقد رفض مئات المصريون والعرب المتظاهرين مع حركة "تمرد" في ستوكهولم عام 2013، إنضمام المهدي إليهم، حيث تعاملت الشرطة السويدية معها وأجبرت المهدي على الوقوف بعيدًا عنهم. ولنتذكر أن أوائل النساء اللواتي تعرين مؤازرة للمهدي كن إسرائيليات، حيث "تجمعت قرابة أربعون امرأة في تل أبيب والتقــــطن صورة جماعية لهن وهن عاريات، وقد تم إخفاء أعـــضائهن الجنسية خلف لافتة كـــبيرة كتب عليها بالعربـــــية والعبرية «حب من دون حدود» وبالانكلــــيزية «تكريما لعلياء المهدي.. الأخوات مــــن إسرائـــــيل»" كما جاء في "ويكي نيوز". وفي محاولات أخرى، تضامنت نساء منً إسرائيل مع المهدي وأردن إعلاء شأنها.

المهدي ستظل وتبقى المرأة العارية، وهذه هي حقيقتها البحتة، وأي محاولة لربط أفعالها بالنضال النسوي لن تكون مجدية لأن كسر الحواجز في المجتمعات العربية لا تتم بهذا الشكل. وعريها لن يغادر تاريخها أبدًا وكل إنسان في النهاية يدفع ضريبة خياراته بشكل أو بأخر، وكل إنسان يقف أمام نفسه من وقتٍ لآخر ويواجه حقيقته، والمهدي هي ليست سوى عارية تهوى التعري.