لماذا تقبل المراة الشيعية على الكتب الروحية؟



زكي لطيف
2005 / 11 / 24

من خلال عملي في مجال تجارة الكتاب بشكل عام والكتاب الإسلامي على وجه الخصوص لأكثر من 10 سنوات متواصلة إضافة لمتابعتي للنشاط الفكري والثقافي المحدود لأسباب عديدة في بلادنا استطيع القول أن المرأة الشيعية تعيش انحدار ثقافي وذاتي فريد من نوعه في عصر المعلوماتية وتدفق الآلف المعلومات من خلال قنوات الاتصال الدولية ، فالكتاب الذي تطلبه المرأة الشيعية في مجتمعنا على الشكل التالي :
60% الكتب الروحية ( الطلاسم التي تحتل المرتبة الأولى و50% من هذا التصنيف ثم الكتب التي تهتم بالأرواح والموت 25% والكتب الأخلاقية 25% )
25% قصص وروايات متعددة المواضيع
10% الكتب التي تهتم بالطبخ والجمال والصحة
5% مجالات ثقافية أخرى
أما مساهمة المرأة في الناتج الثقافي المحلي فهو اقل من 10% من الناتج ولا يتعدى الشئون المرتبطة بالمرأة كالزواج والعناية بالأطفال والعلاقة مع الزوج وأهله إلى غير ذلك ، أما في المجال الأدبي فالمرأة قريبة من مستوى الرجل في الإنتاج الأدبي من شعر وقصة قصيرة ورواية طويلة ، أما في الإنتاج الفكري والثقافي فنسبة مساهمة المرأة لا يتعدى 2% .
إن المرأة في مجتمعنا حياتها منغلقة ورتيبة ابتداء من كونها طفلة في المدرسة وانتهاء بها إلى طالبة جامعية و تتسم بالجمود والسلبية وعدم القدرة على المساهمة بأي شكل من الأشكال في تنمية المجتمع وإدارة شئونه المختلفة، إنها ذات مهمشة تعيش على هامش الحياة التي يتحكم بزمامها الذكور ، وبالتالي ينعكس ذلك على قدراتها الذهنية وإمكانياتها ومدى قدرتها على العطاء واستغلال الطاقات الواسعة التي حباها الخالق بها والتي تصاب بالجمود في مراحل الحياة المبكرة ولتكون المرأة في نهاية الأمر مهمشة تماما في الحياة الاجتماعية والثقافية والفكرية وما يرتبط بها من شئون مختلفة، والمرأة تعاني أيضا من عدم القدرة على التفاعل والانسجام والتأقلم مع ظروف الحياة المختلفة وملابسات ومشاحنات الحياة الإنسانية بمختلف أطيافها .
لم يتصور الذكور يوما أنهم سيرون المرأة قاضية فضلا عن كونها محامية في محكمة أو حتى صيدلانية في صيدلة عمومية أو سائقة لسيارة خاصة أو موظفة في قطاع خدمي ، لم يكونوا ليروها سوى امرأة مرتدية رداء اسود يحجبها وتحتجب به عن الحياة بكافة ايجابيتها وسلبياتها وتحدياتها لتقتصر على الذكور الذي يحكمونها بعشوائية واستبداد .
المرأة في معظم الأحيان لم تكن لتتصور نفسها في مواجهة الحياة، الرجل هو الذي يقوم بكل شي ويتحمل أعباء على شي أما المرأة في العنصر السلبي المتقوقع الغير قادر على العطاء والإدارة الايجابية والمساهمة في بلورة واقع تشترك في صنعه باقتدار .
إن المرأة في مجتمعنا تعيش في ظل واقع ضبابي يقل نظير في مجتمعات البشر في الألفية الثالثة، ولا بد انه سينعكس على مدى قدراتها ليصبح عطاءها الإنساني في مستوى لا يتناسب على نحو الإطلاق مع ما انعم الله عليها من نعم كانسان قبل أن تكون امرأة .
ومن هنا نستطيع الإجابة على سؤال هذا المقال لماذا تقبل المرأة الشيعية على الكتب الروحية لا سيما كتب الطلاسم ولماذا تنتشر بين النساء أعمال السحر والشعوذة ؟ إن الإجابة واضحة دون شك : لان المرأة العنصر المهمش والمحطم تماما في كافة جوانب حياته، لذلك يلجا هذا العنصر للأوهام وكل وسيلة تخرجه من واقعه السيئ ، لذلك تقبل المرأة الشيعية على الكتاب الروحي في محاولة للتعويض عن حياة التهميش والفشل والاستبعاد التي يمارسها الذكور الحاكمين على ذاتها ، تلجا المرأة للمكر والخداع والكذب لأنها لا تمتلك أي وسيلة للنجاح في المعارك التي تخوضها لأنها العنصر المغلوب على أمره ، العنصر الذي لا يمتلك مسببات وأسباب النجاح في مجتمع ذاب على تحطيم الذات الأنثوية وواد إنسانيتها بشتى السبل وبمختلف الطرق والأساليب .
إذا ما القينا نظرة على واقع المرأة في مختلف أوجه الحياة فسنراه واقعا مثقلا بالسلبية والتأخر فعلى مستوى الحياة التفاعلية على الواقع الافتراضي (( الانترنت على سبيل المثال)) نجد المرأة في مواقع الشات والبالتوك يتسلى بها الذكور الحاكمين دون أن تحرك ساكنا سوى تفاعل تغلب عليه المشاعر الأنثوية التي يقصدها الذكور ، أما في الحوارات الثقافية والفكرية فان مشاركة المرأة ضئيلة جدا وقلما تشارك الفتاة في موضوع جاد يهم الجميع سواء كانوا ذكور أم إناث، نعم قد تشارك فيما يخصها كامرأة كالزواج والخطبة والعلاقة بين الجنسين ولكنها لا تشارك في جدل يخص المرأة كانسان يقف بموازاة الرجل ، لقد جردت المرأة في مجتمعنا من كونها إنسانة لتحصر في كونها امرأة ويجب عليها أن تتعامل مع نفسها ويتعامل معها على أنها كذلك أما قيمتها الإنسانية فقد استبعدت تماما من معادلة التفاعل الإنساني .
فشلت المرأة في مجارات الرجل في ما هو متاح ، فلم تستطع إقامة مهرجان للزواج الجماعي على غرار الرجل ولم تستطع تطوير المجالس الحسينية فظلت على حالها قبل مئة عام أو يزيد ، يغلب عليها البكاء الساذج البعيد عن غرس القيم في الذات المتلقية، حتى الإنتاج الكتابي عن واقعة ألطف لم تتعدى كونها أبيات شعرية ذات طابع شعبي وزخم عاطفي محدود .
إن المرأة إنسان مغلوب على أمره ، إنسان تحت الوصاية ، مكبل بمختلف القيود التي تأن منها النفس السوية ، لذلك لا بد من العمل النهضوي لإرجاع الإنسانية المفقودة لكلا الجنسين اللذين يعيشان في ظل الاستبداد والدكتاتورية والقهر ليكون القانون وصيا على الرجال والنساء ولتعود للمرأة إنسانيتها الحقيقة ليغدوا مجتمعنا مجتمعا إنسانيا في ظل الحق والعدل والحرية .