وزارة التربية تبيح حرق النساء , ووزارة الثقافة تبيح ضربهنّ



فؤاده العراقيه
2016 / 4 / 11

وزارة التربية تبيح حرق النساء , ووزارة الثقافة تبيح ضربهنّ
ابدأ من جنوب العراق وتحديدا مدينة البصرة التي عانت الكثير من الويلات شأنها شان بقية المدن العراقية وكان لها الحظا الأوفر من هذه الويلات وبالتأكيد سيكون للنساء حظا مضاعفا بكثير من هذه الويلات كونهنّ الأضعف سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ,حيث لم تكتفي طيور الظلام من ملاحقة النساء ومحاصرتهنّ تارة بالحجاب وتارة بملابسهنّ وأخرى بإباحة ضربهنّ والكثير من السبل التي تبغي قمعهنّ وإذلالهنّ , فلم يكتفوا بهذا القدر بل بدؤوا يتفننون ببث سموم افكارهم من خلال تشجيع النساء على حرق انفسهنّ بطرق ملتوية لعبت على اوتار الناس الحساسة من أصحاب العقول ألساذجة , وهو الشرف والفضيلة , الشرف الذي حصروه بأجساد النساء فقط لا بأجسادهم ولا بسرقاتهم وتركوا شرفهم الذي تلطخ بسفك دماء الابرياء الذين سقطوا ولا زال يسقط مهم الملايين دون ذنب , بل وغفلوا عن الدمار الذي لحق من جراء الحروب , وعن الكذب الذي صار مبعثا لفخرهم وعن الفقر والبطالة والفساد الذي صار مباحا للأغلبية ,ومن وسط كل هذا الدمار أخذوا يشجعون النساء على حرق أنفسهنّ بحجة ستر اجسادهن وأعلنوا على الملء خبرا يعظّم ويبجل امرأة كانت لحظها العاثر في موقع تفجير من مجموع تفجيرات عديدة ومتكررة كل يوم , الخبر كان عن مديرية تربية البصرة ومفاده امتداح وتكريم امرأة كانت داخل احدى السيارات التي احترقت وسط هذا التفجير الارهابي ، وعن لسان شهود عيان ,كما ذكر الخبر, كانت هي داخل السيارة المحترقة وقد التهمت النيران ملابسها ففتحت الباب وخرجت لكنها تفاجأت بالنار وقد احرقت ملابسها فكانت تحاول ان تستر جسدها غير انها لم توفق في ستره كون النيران شبت به فخجلت من مواجهة الناس بجسد مكشوف ففضلت العودة لسيارتها حتى فارقت الحياة داخلها وهذا من شدة عفافها ,وبالرغم من قسوة الموقف اختارت ان تلقي بنفسها في النار وتحترق على ان يطّلع أحدهم على جسدها لتلقي خالقها بستر وعفاف !!!
بدأت وسائل الاعلام بنشر الخبر على عدة مواقع وركزت على عفة هذه المرأة وتكريمها باستبدال اسم المدرسة باسمها, والبعض اقترح بان يُعمل لها تمثالا تخليدا لذكراها , أما عن كلمات الفخر بها لكونها صانت عورتها فحدث ولا حرج وكانت لها صدى وضجيج حيث بدؤوا يتفننون بطرح الموضوع المخزي ليدخلوه بعقول الساذجات ليمتثلنّ بها ,رغم ان الخبر وأنا اجزم بأنه غير صحيح كون لا يعقل لعاقل ,ومهما وصلت درجة جهله وتقديسه لجسده, في ان يلقي بنفسه في النار لمجرد ستر جسده , فهي غريزة الحياة والابتعاد عن اي الم ,فما بالنا ان كان هذا الالم هو الحرق بالنار؟
فأي خيال واسع هذا الذي يتحدثون عنه وأي عقول يبغون لها أن تصديق ما جاء في خزعبلات لا تُعقل , فعندما صوّروها بأنها خرجت من السيارة ومن ثم ادركت والنار تلتهم جسدها بان ملابسها قد احترقت ففكرت في ان تعود للسيارة وتحترق على مهلها وبسلام بدلا من ان تظهر للناس عارية ؟ !!
وكأنهم يقولون للنساء عليكنّ بحرق انفسكنّ على ان تكشفوا اجسادكنّ للرجال الضعفاء والعاجزين عن السيطرة على غرائزهم في ان يشتهوا جسد يحترق وكأنه دجاجة مشوية !!
أو كأنهم يقولون للنساء بان موتكنّ ولو حرقا هو افضل لكنّ من حياتكنّ فيما لو ظهر جزء من اجسادكنّ , فالجسد مقدس لنا دون العقل والهوس قائم به على قدم وساق .
ولكن هل سألوا انفسهم عن الكيفية التي بها سيحرّك جسد يحترق وسط النيران لشهواتهم ليهللوا من بعدها لذلك الفعل الذي هو بالتأكيد من خيالهم المريض ؟
أم هي نيران شهواتهم التي هي بلا حدود؟
الم تكتفوا بالنار التي تسكنها النساء معكم لتطالبوهنّ بحرق اجسادهنّ فيما لو حدث ما حدث لهذه السيدة ؟
وماذا عن الانفجار الذي مرّ مرور الكرام والذي أخذ ارواح العديد وبتكرار لم يشهد له مثيل أي بلد آخر , الم تحرّك تلك الارواح ساكنا بكم كما حرك جسد هذه السيدة المحترق الذي كان كل همكم كيف تستروه ؟
وهل فعلا هو ستر النساء ما تبغون ,ام انكم تبغون رجوع الزمن بهنّ لعصور حجرية كان لا يعرف بها الإنسان سوى جسده ومن ثم تدميرهنّ لتكون رهن اشارة الاجساد دون العقول ؟ وفي نفس الوقت عندما يمرض احدكم سيهرع لنساء الغرب العاريات يتوسل العلاج منهنّ .
أما في شمال العراق ’’ اقليم كردستان ’’ فقد تم طبع كتاب عن وزارة الثقافة والإعلام تحت عنوان (ضرب النساء أحد الطرق لمعالجة المشاكل الاسرية ) !!, ليرجعوا ويعززوا النظام الابوي كلما حاول الاحرار تقليصه والذي يبيح ضرب النساء لتأديبهنّ ومسخ انسانيتهنّ وحصرهنّ في دائرة الطاعة والرضوخ للرجل ليرفعنّ شعار, ضرب الحبيب مثل اكل الزبيب .
فوزارة الثقافة تنشر وتبيح ضرب النساء في شمال العراق , ووزارة التربية تشجّع وتبيح حرقهنّ في جنوب العراق , فقد هّزلت ثقافتنا وهُزلت وزاراتنا التي تبيح ضرب النساء تارة وتشجعهنّ على حرق اجسادهنّ تارة اخرى , لتقول بالمعنى الحرفي بأنكنّ مجرد جسد وعليكنّ حجبه بل وحرقه هو الحل الامثل لكنّ فيما لو تطلّب الموقف وتعرّضت إحداهكنّ لموقف مماثل لما تعرضت له هذه السيدة .
هكذا تُحاصر نساء بلدي من الشمال إلى الجنوب ولا من يحرّك ساكن .

دمتم بوعيكم سالمين
~~~~~~~~~~~~