توارد خواطر حول ستر العورة



رشاد الشلاه
2005 / 12 / 4

بعد الانتصارات "المبهرة" التي حققها الإرهابيون الظلاميون في غزواتهم على البشر الأبرياء، وخصوصا غزوة فنادق عمان غير المباركة. و وفق الصحافة السعودية، فان نقاشا ساخنا يدور هذه الأيام داخل أوساط أساطين الظلاميين الإرهابيين، فهم منقسمون ما بين مؤيد، ومعارض، لقيام المرأة الإرهابية بتفجير جسدها. وبعد أن تبَحّر الفريقان في كتب السلف الصالح، كان لكل حجته، الفريق المؤيد لتفجير الإرهابية لجسدها لا يجد أية غضاضة في إقدام المرأة على ذلك مادامت الغاية، غاية قتل اكبر عدد من خلق الله، مبررة، والغاية عندهم تبرر الوسائل مهما كانت هذه الوسائل وضيعة، أما الفريق المعارض، فيبرر رفضه استنادا على سبب رئيس هو بالنص" إن المرأة لا تصلح للقيام بمثل هذه العمليات( تفجير نفسها)كقنبلة وذلك لأنها ستكشف عورتها حين قيامها بتفجير نفسها وهذا لا يجوز شرعاً ".

وللتذكير، وبعيدا عن جدل بيزنطي لا يمكن أن يعالج بخاطرة كهذه حول إباحة أو تحريم كشف عورة المرأة والرجل، فان معاجم اللغة العربية تشير إلى أن مفردة عورة تعني كل مكمن للستر. وعورة الرجل والمرأة: سوأتهما. والعورة كل ما يستحيا منه إذا ظهر، وهي من الرجل ما بين السرة والركبة، ومن المرأة جميع جسدها إلا الوجه واليدين الى الكوعين.

كان ذلك الحال في الساحة السعودية، أما في ساحتنا العراقية وفي توارد خواطر نادر بين حكومتنا وبين أعدائها الإرهابيين الظلاميين، فان وزارة التربية اشد احتراسا وحرصا على ستر عورة رجالنا ونسائنا من أعدائها وان كانت غير مكشوفة، فقد حسم النقاش في ذات الموضوع بإصدار قرار وزاري يوجب فصل الذكور عن الإناث في المدارس والمعاهد حتى على مستوى الكادر التدريسي والشغيلة. وبذلك تؤكد حكومتنا أنها تبدع في تطبيق" الشريعة الإسلامية". وهي لا تكتفي بإدانة الإرهابيين و الأعمال الإرهابية بل تثبت بإجراءات ملموسة أنها تسفه فقههم، لأنهم خرجوا عن"ثوابت الإسلام" وأباحوا كشف عورة الرجل المنتحر واختلفوا في كشف عورة المراة المنتحرة.

إن من المؤسي أن يكون ما يشغل بال حكومتنا الآن والبلد غارق في الظلام، ودم أبنائه مسفوحا فرادى وجماعات، واللصوص والإرهابيون يرتعون ويمرحون، وسيطرة " الحكومة" إن وجدت فعلا في ساعات النهار فان وجودها ينعدم تماما قبل غروب الشمس لتتولى مهامها عصابات الخطف والقتلة، حيث لا حركة مواصلات من والى العاصمة بغداد. أقول من المؤسي إن تنشغل حكومتنا عن هذا الغيض من فيض المحن، وتكرس وقتها للقضاء على تجربة اختلاط الجنسين الناجحة ومنذ عشرات السنين في مدارسنا ومؤسساتنا التعليمية.

إن قرار حكومتنا الموقرة القاضي بمنع اختلاط الجنسين في المؤسسات التعليمية جاء تحقيقا لهدف معلن من قبل قائمة الائتلاف الموحد، وقرارها هذا هو " حق" تمارسه باعتبارها القائمة التي حققت فوزا ساحقا، فما المانع من سحق كل منجز حققه شعبنا بتضحيات غالية، لا يتوافق مع أهدافها؟

إن السكوت على هذا القرار من قبل بقية المسئولين غير الممثلين لقائمة الائتلاف العراقي الموحد في مؤسسات الدولة، ومن قبل القوى الديمقراطية والعلمانية العراقية والعربية والدولية ومؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان، سيجعل هذه الحكومة تتمادى في فرض إجراءات أخرى لا تزال تتحين الفرص لاتخاذها، وفي المقدمة منها سلب المرأة العراقية المنجزات القليلة التي حصلت عليها بكفاح مرير وصعب. وما القرار الذكوري بامتياز هذا إلا أول الغيث.