الاغتصاب بذريعة طريقة اللبس



ناجح شاهين
2016 / 7 / 8

الاغتصاب بذريعة طريقة اللبس
ناجح شاهين
فتاة في التوجيهي يقوم سائق متزوج في منتصف الثلاثينيات، ومعروف للأهل، بإيصالها للمدرسة مع عدد من زميلاتها. وفي أحد الأيام يستغل أنها كانت بمفردها ويأخذها إلى منطقة نائية، ويشرع في اغتصابها. شجاعة الفتاة ومقاومتها وصراخها حال دون نجاحه في إكمال المحاولة حتى "نهايتها السعيدة" بالنسبة له، و"نهايتها الكارثية" نفسياً وجسدياً واجتماعياً بالنسبة لها.
تقدمت الأم بالمعلومات اللازمة لأجهزة الأمن. لكن هذه الأجهزة لم تقم بإلقاء القبض عليه على الرغم من مضي وقت طويل. وتعتقد الأم أن قرب السائق مقترف الجريمة من مراكز قوى معينة يحميه من الاعتقال. وعبر الوسطاء تأتي رسالة فحواها أن الصغيرة لم تكن ترتدي الزي الشرعي. إذن، والاستنتاج للأم وليس لنا: "هذا يعطيه حق الاغتصاب."
بالطبع ذلك عذر وقح وسمج حتى لو لقي شيئاً من التعاطف من أنصار الزعي الشرعي. حريتي وأمني الجسدي والنفسي ليسا مرهونين بارتدائي لأي زي، وليس لأحد الحق فيما نحسب في الاعتداء علينا مهما كان وضعنا. حتى لو كنت معتوهاً بالكامل فإن ذلك لا يسوغ لك الاعتداء علي بأي شكل. أنا إنسانة كاملة الإنسانية لا يحق لأحد مسها جسدياً أو مادياً بأي أذى. على الأقل هذا من ناحية الكلام النظري.
لكن الكلام النظري في حاجة إلى من يدعمه عملياً. ذهبت الأم بشجاعة إلى الشرطة لتشتكي. هناك تعرضت الأم التي ترتدي الشرعي، لحسن الحظ، للتحرش من رجال الأمن.
أرأيتم كيف أن جواب السؤال أعلاه قد توافر على الفور؟ إن الشرعي لا يحمي أحداً من التحرش، كما أن التعري ليس مسوغاً أخلاقياً ولا قانونياً ولا اجتماعياً للاعتداء على أي شخص في جسده أو اي شيء يخصه.
ماذا تفعل الأم بعد أن حاولت –وما تزال- الاستنتجاد بأجهزة الدولة التي يفترض أن واجبها حماية الفرد من اعتداء الآخرين؟ ماذا يحصل مع الناس عندما يطلبون حماية الجهاز المكلف بالحماية ولا يفعل؟
بحسب هوبز والمدرسة الليبرالية أيضاً، فإن وظيفة الدولة الوحيدة تقريباً هي حماية أمن الناس وحياتهم وممتلكاتهم من اعتداء الآخرين. فإذا فرطت الأجهزة في هذا الدور لأي سبب، فإننا نعود إلى الغابة حيث تشتعل "حرب الكل ضد الكل".
وقد شاهدنا حرب الكل ضد الكل في يعبد، ونابلس، وسعير، وبيت لحم، وغزة طوال أيام الشهر الفضيل وحتى أول أيام العيد. وكتب الأستاذ مينا الحصري: "كان شرطيان في رام الله "أيام الاحتلال" يضبطان الوضع تماماً. اليوم مع وجود ما يزيد على مئة الف رجل أمن، فإننا نعيش في الغابة."
وهناك في الوطن الان مئات المنظمات النسوية التي تجتمع في الفنادق الفخمة تحت إشراف الممول الذي يرطن الإنجليزية أو الفرنسية، ولكن ذلك لا يفيد الأم التي "تريد حلاً فعلياً" وتريد عقوبة حقيقية للمعتدي على ابنتها.
المنظمات النسوية الناعمة لا تفعل شيئاً على ارض الواقع على الإغلب، وتكتفي بالنشرات والبيانات الفضفضاضة التي تصدر كلما تم عقد لقاء ممول في قاعة فخمة.
هل حان الأوان لنفكر في الحماية الشعبية، ولكن ليس فيما يخص التنمية، وهي الفكرة التي ابتكرها عادل سمارة، وإنما نوسع هنا فكرته لتعني حماية المواطن-الإنسان من اعتداءات الجريمة بأنواعها: النصب والاحتيال والتحرش والسرقة والاغتصاب، ولكن عن طريق تكوين خلايا ولجان شعبية أشبه بأيام الانتفاضة الأولى.
قد يكون هذا أسلم من أن يأخذ كل منا القانون في يده، وينتقم من خصمه مباشرة، فنصل إلى فوضى "خناقة" لا تقل همجية عن فوضى داعش المنجزة أمريكياً وخليجياً في العراق وسوريا وليبيا.