صور التعبير عن المشاعر والأحاسيس



صاحب الربيعي
2005 / 12 / 16

تنال المرأة الجميلة ذي الشخصية القوية والمثقفة والناجحة إعجاب العديد من الرجال وهي تشعر بذلك من خلال الإيحاءات والتعابير والنظرات التي تلاحقها حيث تواجدت...لكنها تعجز عن التجاوب معها لشعورها بعدم صدقها أو لربما لا تلبي طموحها وكبرياءها. فقوة الشخصية للمرء تفرض حضوره في الوسط الاجتماعي وغالباً ما يتحاشى البعض المبادرة في التعبير عن مشاعره للمرأة ذي الشخصية القوية خشيةً من تبعات الرفض والزجر، وتكون حظوظ المرأة الجميلة وضعيفة الشخصية أكثر في تشجيع المعجبين للتعبير عن مشاعرهم تجاهها، فشخصيتها لا تفرض حواجز أو موانع تفصلها عن الآخرين.
ويعود ذلك لشعور المرء في اللاوعي لاحتواء الآخر (رجل أو مرأة) ولكن هذا الاحتواء وفقاً لعلم النفس يسير في اتجاهين: الأول قبول المرء ذي الشخصية الضعيفة بالاحتواء من الشخصية القوية، والثاني رفض الشخصية القوية التعاطي مع الشخصية الضعيفة بحثاً عن شخصية قوية وموازية.
وفي المجتمعات المتخلفة بالتحديد حيث طغيان المجتمع الذكوري يرفض الرجل الضعيف الشخصية حالة الاحتواء من المرأة القوية الشخصية، وإذا حصل أن قبل بها فإن علاقتهما غالباً ما تبوء بالفشل تحت ضغط الأعراف والقيم الاجتماعية. لذلك توصم المرأة القوية الشخصية في المجتمعات المتخلفة بأنها (مسترجلة!) أي أنها ترفض هيمنة الرجل وتتعامل معه بالندية.
تصور ((إملي نصر الله)) تلك الحالة قائلةً:"كان يتطلع صوبك كمن يتطلع نحو نجمة عصية المنال، وأغلب الظن أنك لم تلاحظين ذلك. ولم تصلك عشرات الرسائل التي كتبها أولئك المتيمون في صمت وحدتهم، وفي لحظات حب نادرة، كان حبهم لك، غير أرضي، إذ بدوتِ لهم ذلك الكيان السائر فوق أرضنا دون أن يكون جزءً منها".
وقد تُعجب المرأة ذي الشخصية القوية بشخص ما، وتحس بنظراته ورسائله عبر الأثير لكنها تنتظر أن يبادر في التعبير عن مشاعره تجاهها لكنه بالمقابل ينتظر منها أن تبادر في الاستجابة لمشاعره المرسلة عبر الأثير خشيةً من الرفض أو الاحتواء. وهذه الخشية قد تقضي في النهاية على تدفق المشاعر والأحاسيس تجاه الآخر، لخشية كل طرف من الاحتواء أو الرفض لمشاعره وأحاسيسه من الآخر!.
ولاتتخذ تلك الحالة من الإعجاب المنحى الايجابي لها إلا عند مبادرة الطرفين في تشجيع الآخر على التصريح عن مشاعره وتجاوز حالة (الخجل!) أو تبعات الاحتواء المسيطرة على هواجسه.
تعبر ((إملي نصر الله)) عن ذلك قائلةً:"هذا المناضل الواقف أبداً في ساحة المعركة، لا أخاله يهاب الاقتراب من فتاة (تخجل من خيال أذنيها) ومن فتاة لاتؤذي نملة".
إن الجليد الخشية من الرفض أو الاحتواء الذي يسد مسالك التصريح عن المشاعر والأحاسيس بين شخصيتين قويتين، لايتطلب انتظار المبادرة من الآخر وأنما مساعدته في فتح مسالك أخرى له لتشجعه على المضي قدماً لتحقيق هدفه دون الانتظار طويلاً لإذابة الجليد من الطريق لأن المشاعر والأحاسيس أن بلغت ذروتها دون أن تجد لها مخرجاً تنحسر منابعها!.
وغالباً ما تنسج المسالك الأخرى وشائجاً تخفف من ضغط المشاعر والأحاسيس المتبادلة، فسبر الأخر عبر المسالك الثقافية والفكرية والسياسية والاجتماعية تزيد من محطات الإعجاب ليتجاوز محطة الجمال وينهل أكثر من جمالية الذات الذي يسعى كل طرف لاكتشافه في الآخر. وكلما أصبحت المسالك متاحة، تعددت نقاط الاتفاق التي لاتخلو من الممرات السرية لتمرير المشاعر والأحاسيس (خلسة!) للتأكد من استجابة الآخر لها وبذلك تزول حالة الخشية من الاحتواء أو الرفض.
تصور ((إملي نصر الله)) تلك الحالة قائلةً:"حوارنا تناول قضايا فكرية وسياسية واجتماعية، وكان يخوضه في أكثر من لغة. ولم أخفِ عنه إعجابي أو أمسك انسياق الفكر والعاطفة. كدتُ أصل معه إلى تلك المطارح التي يبلغها المرء في الآخر بعد جولات من الصراع ومحاولات متكررة لطرق الأبواب المغلقة وحل الألغاز المستعصية".
تراهن المرأة الجميلة والمثقفة ذي الشخصية القوية على مبادرة أحد الفرسان لاختراق حدودها دون استأذن يفرض وجوده وشخصيته ويتحلى بالثقة العالية بالنفس للتعبير عن مشاعره وأحاسيسه دون الخشية من الاحتواء أو الرفض، ويصرح علناً عن مشاعره وأحاسيسه بمجرد أن يلمس ومضة بريق في عين الأخر. إنها لحظة اغتنام الفسحة التي قد لا تأتي ثانية في عمر زمن اللقاء.
وتلك اللحظة من زمن اللقاء إذا لم يستجب لها الآخر في اللاوعي تسقط في براثن حالة الوعي التي تستوجب التفكير قبل الاستجابة، فتضيع فسحة المصادقة على عقد علاقة الحب التي هي بالأساس من خاصة القلب وليس العقل.
إن عدم القدرة على التقاط الإشارات والتلميحات المعبرة عن حالة الإعجاب في اللحظة الزمنية المحددة تُضيع على المرء فسحة مد الجسور للاقتراب من الآخر عند منتصف الطريق لاختصار الزمن والاستحواذ على مشاعره وأحاسيسه بشكل مباغت لمنعه من الانكفاء أو الهروب من استحقاقات حالة الإعجاب المتبادل!.