الحجه نعمه والانتخابات



عطا مناع
2016 / 8 / 29

في البداية اعذروني على تلعثمي، فانا أعيش كما بعضكم مرحلة متلعثمة من أقصى يسارها إلى أقصى يسارها.

عرفت الحجه نعمه ختياره منحنية الظهر، فهي عاصرت الحكم التركي وثورة ال36، وعاشت الحجه نعمه زمن الأردن وعصر الخواجات إلى أن جاءت السلطة الفلسطينية العتيدة ولم تشارك في الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأولى غير أنها قررت أن تشارك في الانتخابات التشريعية الثانية وعمرها قد تجاوز المائة وعشرة سنوات.

كانت الحجه نعمه تمارس العمل السري، فهي رفيقة النجاب، وكانت تعشق إذاعة موسكو، وكنا إذا أردنا أن نعرف آخر الأخبار نلجأ إليها، ففي زمنها لم تكن وسائل التواصل المجتمعي موجودة، فقط الراديو وإذاعة موسكو.

كان بعضنا يناديها بالرفيقة نعمه، وكانت تروى لنا كيف تزوجت وعمرها تسع سنوات، وكانت الحجه نعمه التي انتخبت وقتها احمد سعدات محط أنظار وكالات الأنباء لأنها اكبر منتخبه في فلسطين، وبالرغم أنها ماتت وعمرها 110 سنوات إلا أنها حافظت على ذاكرتها وانحيازها للصح كما كانت تقول.

ماتت الحجه نعمه ومن قبلها ماتت ألاف النساء اللواتي دفعن ثمن الهزيمة، كنا نتعاطى مع النكبة كهزيمه، لم نعتقد أنها باكورة الهزائم التي ستلحق بنا كمجتمع فلسطيني، هزائم الفكر والقيم التقدمية والوطنية، هزائم تحكي لنا كيف أن اكبر شنب قرر أن يكون عبداً للمرحله مقابل فتات.

ماتت الحجه نعمه وشبعت موت، هكذا اعتقدت !!! اعتقدت أن الموت يعني أن ننقل الميت إلى المقبرة ونستمع للشيخ أو أي كان كيف يلقن الميت ثم نقرأ الفاتحة على روحه وننتشر في ارض الله، هكذا كان اعتقادنا إلى أن صفعنا الموت بكل قوه، هو الموت الجماعي وإعلان الجحود بكل وقاحه لرجال ونساء غادروا الدنيا وهم متمسكين بأحلامهم.

وحتى لا يفهمنا أصحاب العمم من اليساريين غلط، فنحن هنا نستحضر التاريخ الفلسطيني بأنصع صوره حيث كان للمرأة حضور، لم تحتج الحجه نعمه ونساء فلسطين لمؤسسات نسويه ولم يسمعن بالجندر، ولو حاولت وقتها أن تتحدث عن الجندر لضحكن منك ووصمنك بالجنون.

لكن قدر الله وقدره أوقع المرأة الفلسطينية وبالتحديد الريفية ومن تقطن المخيمات فريسة سهله للوجبات الجاهزه التي تجاهر بها مؤسسات المرأة التي يقودها رجل، كما أحزاب اليسار بالضبط حيث كان الرجل يقود العمل العلني والسري للمرأة.

معلش، تلك هي طبيعة المجتمع الفلسطيني الذي حافظ على النمط الإقطاعي ولكن مع بعض المساحيق، لتأتي الانتخابات البلدية الحالية لتكشف زيف الفكر الذي ادعى انه يحمل لواء الشرائح المهمشه وبالتحديد المرأة ليطأطئ رأسه أمام الثقافة القديمة الجديدة التي تنادي بانتخاب زوجة السيد فلان أو ابنة السيد علان.

طبعاً، نفاخر كذباً من يساريين وعلمانيين أن حماس اندحرت من ساحة الضفة الغربية الانتخابية، هكذا نعتقد، ليتحول انتصارنا لنعيق ومقاصل واعتراف لا يقبل مجالا للشك بأن الثقافة الظلامية اكتسحتنا وبالنقاط.

في المحصلة أقول: مبروك للسيد فلان لفوز زوجته بالانتخابات، ومبروك لليسار التقدمي وللعلمانيين اكتساح الشارع الانتخابي وبالتزكية الكذابة، مبروك للكمبرادور والتكنوقراط ولكل نخب المجتمع الفلسطيني المتمسكة بحقوق شرائح المجتمع ألمستضعفه، وكل التبريكات للمؤسسات التي تعنى يشؤون المرأة والتي أثبتت وبالملموس أنها مجرد أدوات، ولا بد أن تترحموا معي على روح الحجه نعمه ولكم الثواب.