يظل اللون ارجواني اللبوة الجريحة



شذى احمد
2016 / 9 / 17


التفتت الأم الملكومة يمينا ويسارا فلم تجد من ناصر ولا معين. اذهلها الحدث اول الأمر كانه عاد بها الى ايام القصف في بغداد. دوي هائل. ثم سكون القبور . رويدا رويدا تتحرك الاجسام والاشياء … لتدب من جديد الحياة في كل مكان. ولانها بلا خيار التفتت الى المترجمة اللصيقة بها لتسألها عما يحدث. بكلمات مبتسرة راحت تقص عليها ما كان مبيت لها ولأولادها بسبب رجوع الأب
احست بالصمم من هول ماسمعت... انقطع كل اتصال بينها وبين الحاضرين وراحت تنادي .. اولادي .. اولادي اين هم
حاولت المترجمة تهدئتها لكنها انهارت امام مأساوية الموقف . امسكت بيدها فانتفضت كمن مسه الجن .. بدأت بالصراخ عله يخيفهم. يردهم عن عزمهم. رفضت كل من حاول لتهدئتها. فاندفعت الى الجدار تصرب به رأسها المرة تلو الاخرى دون هوادة .صار ندائها صراخا. عويلا... فاستهجن الحاضرات عصبيتها ،وانفعالها. فلحقت بها المترجمة تتوسلها .. كي تلتزم بالهدوء ورباطة الجأش.... والا القوا بها في مشفى للامراض العقلية وعندها لن تتمكن ابدا من رؤية اولادها.
كانت المترجمة صادقة في كلامها قابلت دعوتها بالصمت لكن عيونها عاتبتها قائلة كيف تسكت ام سرقوا منها للتو صغارها. في بلد لجأت اليه كي يساعدها من هول مأساتها فاذا به يعد لها مأساة من نوع جديد
تشجعت المترجمة لما رأت تفاعل الأم واستجابتها بالقول .. هناك حل لكل مشكلة . كل ما عليك فعله هو الهدوء الان . بصوت منكسر ردت عليها: اولادي .. اخذوا اولادي هذا كل ما قدرت على قوله ظل حزنها ،وانكسارها يردد بعدها في ذلك المكان صراخ روحها الهائمة باولادها




مكانك من قلبي هو القلب كله
فليس لشيء فيه غيرك موضع

كان حمما لاهبة صبت عليها فافقدها القدرة على الحركة، حدثتها نفسها بالانقضاض على هؤلاء المتأمرين. فكرت بالسب والشتم . لو مزقت هذا الوجه البارد الذي يتطلع اليها بشماته بل باحتقار. وذاك الوجه الذي بدا عليه نفاذ الصبر .لكن الوجوه لم تكن ما يشغلها الان بل صغارها. هم . اين ذهبوا بهم اي حطوا ، هل يمكن لقلبها مناداتهم الان ، وهل يسمعوها. اه يا حسرتي، يا وجعي وسبب حياتي

وحطتك روحي بين جلدي وأعظمي
فكيف تراني أن فقدتك أصنع

مضت الايام والاسابيع التالية رتيبة بائسة . فها هو الزوج يعود لما اختفى الاولاد لعبة سمجة. تدفع للجنون. ما العمل .. هل يمكن لأحد مساعدتها . قبل وقت قصير كانت امراة شديدة الخجل تتعثر كلماتها امام ابسط العاملين . ولكنها الان امراة اخرى ممتلئة بالتحدي والغضب. عرف المقيمين على النزل انهم جميعا لكموها، هاهي لبوة مجروحة تزأر روحها في طلب من اضاعت