المرأة الجزائرية و ثورة النواعم الناعمة 3/2.



صالح حمّاية
2016 / 11 / 28

و عموما وعودا لأصل الموضوع ، وسؤال" و ما الذي أدى له هذا ؟" فالجواب هو أن البنات وحين صرن أكثر الخريجات من الجامعة بينما الشباب جلهم أهمل دراسة ، أنتهى لأن يستحوذوا على سوق العمل ، فالعمل له متطلبات ، و لا يمكن تشغيل الجهلة في مناصب محددة لها إلتزاماتها .

و ما الذي نتج عن هذا الحال؟ نتج أن سيطرت النساء على سوق العمل، أنهن صرن يمثل الطبقة العمالية الأكثر نخبوية ، على خلاف سيطرة الرجال على سوق العمل في الأعمال الأقل مرتبة ، و الأقل طبعا أجرا ، وعليه فقد أصبحت النساء هن الفئة الأكثر تأثيرا من الناحية الإجتماعية ، فالسيطرة على مهن كالطب و القضاء و المحاماة و السلك التعليمي ، جعل للمرأة نفوذا في المجتمع ، فهذه المهم لها وزنها في المجتمع ولا يمكن تجاوزها ، بل يجب القول ، أن المجتمع سيتمنى رضى تلك الطبقة فهي النخبة التي تحمله و تصنعه ، وهذا الأمر طبعا رفع من قيمة المرأة ونفوذها داخل المجتمع بحيث صار لها رأي و كلمة رغما عن التصورات الذكورية المعتادة ، ولكن قبل هذا فوجب هنا التنويه إلى شيء ، وهو أنه و رغم أن الأسر الجزائرية كانت تعارض عمل المرأة في عموما تصورتها سابقا فدخول المراة سوق العمل هذا لم يكن سهلا ، فقد كان الجزائري يستحي أن تنفق عليه أنثى ، لكن لأن الذكور لم يقوموا بالواجب بسبب إنحراف كثير منهم ، وإضاعتهم لدراستهم ، صارت أسر كثيرة مجبرة على أن تعتمد على البنات للإنفاق عليها ، ففي النهاية وما فائدة دراسة أنثى لفترة طويلة ثم لا نجني منها جدوى ؟ وهكذا تقبل المجتمع الجزائري عمل المرأة على مضض ، و المراة نالت فرصتها في تحقيق ذاتها ، و ان كان المجتمع حاول الحفاظ على نوع من العزاء النفسي لتقبل الهزيمة من المرأة ، فالبنت نعم تعمل ، ولكنها شريفة عفيفة ولا خوف على سمعة العائلة اذن ،وهكذا فلنقبل الأمر ونصمت ، و عموما فجل الجزائريات حافظن حقا على شرف العائلة مصان لكي لا يقلقوا العائلة ، أو حتى تظاهرن بهذا . المهم الأمور مرت بخير وخرج الجميع سعداء ، وهو ما قاد للنقلة الكبرى التي نتحدث عنها في مقالنا ، و التي مثلث ذروة ثورة النواعم في الجزائر ، فكما تقول نوال السعداوي (يفقد الإنسان كرامته حين يعجز عن الإنفاق على نفسه ) و هو ما كان حال المرأة الجزائرية سابقا ، فالوضع اليوم تغير ، و المرأة صارت تعمل ، وعليه فالمراة الجزائرية بهذه القفزة قد حققت لنفسها لأول مرة الكرامة ، و كذلك وهو أمر مهم أخر ألا وهو الإستقلالية ، فمن يعيل نفسه إنسان مستقل ، وهو سيد قراره ، وسيد نفسه ، ولكن عموما ولأكون أمينا فعمل المرأة الجزائرية و إلا فترة لم يحقق لها الإستقلالية الكاملة التي نتصورها ( كما هو حال إستقلالية الرجل مثلا ) ولكن الذي جرى أن المرأة الجزائرية العاملة صارت لها القدرة على المناورة ، فهي نوعا ما صارت ترشي أسرتها براتبها لكي تحوز هامشا من الحرية ، و طبعا الأسرة لا تملك القدرة على الرفض ، فالزمن الحالي صعب ، و ظروف الحياة مرهقة ، وعليه ففي ظل رشوة لنيل بعض الإستقلالية ، قبلت الأسر الجزائرية بحرية شبه مقيدة للفتاة مادامت المنافع متبادلة ، وهكذا صار لنا أن نرى ، و الجزائريون يلمسون هذا ، النساء تغزوا الشارع وسوق العمل، و أن تجدهم في كل مكان ، بل و أحيانا حتى أن تجد فتيات يعدن متأخرين في الليل ، ولكن لا أحد يحتج ، فمادام معروف أن البنت تقوم بقضاء مصلحة فالكل راضي بهذا الوضع ، ولكن عن نفسي أرى أن هذا لن يستمر طويلا ، فالإستقلالية المحدود ة هذه لن تدوم وسينتهي بها الحال سريعا بالإنهيار ، لتحل محلها الإستقلالية المطلقة ، و السبب بتصوري كالتالي :

نعم حاليا المرأة الجزائرية ترشي أسرتها وتقبل ببعض السيطرة عليها ، ولكن هل سيستمر هذا الوضع إلى الأبد ؟ فما أتوقعه هو أنه يوما وبعد يوم سيزداد نفوذ المرأة التي تدفع المال ، في مقابل أن تقل سيطرة الأسرة التي هي في وضع المحتاج ، فكلما زادت حاجة الأسرة لمال الفتاة ، تقلصت سلطتهم عليها ، ومع الوقت ستتلاشى السلطة ليحل معها نفوذ أنثوي لا قدرة لردعه ، وهنا سنصل للصورة الكبرى لثورة النواعم ، وهي لحظة ان تفرض الجزائرية سلطتها على المجتمع ، فالذي ينفق هو السيد ، وكما يقول المثل الجزائر ( من لا تطعمه ولا تسقيه ، فلا تأمره ولا تنهيه ) و هو أمر و للغرابة فحتى في الدين الإسلامي وفي أية القوامة التي استعبد بها الرجال النساء لقرون ، فالمعنى فيها واضح (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) ما يعني أن الإسلام الذي يتحجج به الرجل دائما، وضع سيادة الرجل على المرأة كبديهية لأن من عادة الرجل أن ينفق ، ولكن ماذا لو تغير الوضع وصارت المرأة هي المعيل ؟ وماذا لو ـأصبح الرجل هو الماكث في البيت ؟ و هذا بالتحديد ما يحدث مع المراة الجزائرية ، ففي الجزائر و اضن في كثير من البلاد ، فإنفاق المرأة على البيت جعل لها سلطة لا يمكن تجاوزها ،بل إن هناك ظواهر جانبية كثيرة لاحظتها من سياسة المرأة الجزائرية لإخضاع المجتمع لسلطتها أذكر منها للمثال لا الحصر مثلا :

كثير من النساء العملات اليوم ( وعن تجربة ) يقمن بحيلة لتجنب قيود المجتمع كالزواج الذي هو أحد طرق إخضاع المرأة وإبقاءها في البيت ، فالمرأة هنا تجدها تتزوج رجلا هو غالبا جاهل ( طبعا اذا وجدت المتفهم تبقى معه ) تتزوجه لتمضي معه بعض الوقت وهي من تنفق عليه ، وكل همها تحصل على طفل او طفلين ، و بعد نيلها مرادها تطلب الخلع منه وترد له كل ماله ، وهكذا تحرر المراة نفسها من القيود حيث تكمل عملها ، وتربي أولادها بعيدا عن صداع الرجال ، وبعد سنوات حين يكبر أولادها ستكون لها العزوة في المجتمع بدون الحاجة لرجل ، وهنا وحتى على مستوى أكثر تعقيدا ، واذا تكلمنا عن الرغبة الجنسية ، فهي لن تعدم إذا أردت طبعا ، وهكذا تمارس بعض النساء الجزائريات حياتهن لكي يتحرروا من قيود المجتمع .

مثال آخر من أساليب التحايل من النساء العاملات ، هو إخراس الأخ المتذمر ، ففي الأسر كثيرا ما يقبل الأب و لأنه المنفق على الأسرة عمل البنت كواقع للمساعدة ، ولكن الأخ الطائش غالبا تجده يحاول لعب دور سي السيد وحامي حمى شرف الأسرة ، ويكثر الصداع للبيت على خروج ودخول أخته ، فما تقوم به المرأة العاملة هنا لإخراسه ، هو أن تشتري له سيارة و ترشيه بها ، وهكذا ترتاح منه ، عدى انها توفر له عملا مثلا ( سائق تكسي ) و انه سيكون رقيب عليها ، فهو من يؤخذها من مكان لمكان ، و هكذا طبعا فلن يحتج ، فقد أدخلته بيت الطاعة كالباقين ، وهنا وللغرابة فكم من أسر كانت تبدو متزمته ، ولكن بسبب الحاجة فقد قبلوا عمل المرأة ، حتى إنتفت خرافة المرأة لا تعمل لدى كثيرين ، وليوم من يراقب إعلانات الزواج ف90% منها تريد زوجة عاملة ، على عكس الماضي ، حيث يريدونها ماكثة في البيث ، وكله من ضغط الحاجة ، لدرجة أن احد الأمور الظواهر الجديدة في المجتمع الجزائري هي الصراع على راتب الزوجة ، فالزوجة تقبل أن تتقاسم المصاريف مع الزوج ، ولكن بعض الزواج يريدونه كاملا، فتحصل المشاكل ، وغالبا تنتهي بالطلاق .

يتبع ...