المرأة بين النكات والأمثال الشعبية



صاحب الربيعي
2006 / 1 / 6

النكات هي نوع من أنواع التنفيس عن حالة الكبت وما يعاني منه المجتمع وبتعدد حالات الكبت النفسي في المجتمعات المتخلفة، تعددت أنواع النكات فهناك النكات السياسية التي تحط من قدر الحاكم الظالم وهي تعبير عن حالة الكبت للحرية. وهناك الكبت الجنسي الذي يثقل وجدان المجتمع فيتم التنفيس عنه من خلال إطلاق النكات الجنسية خاصة المتعلق منها بأساليب ممارسة الجنس أو تخص الأجهزة التناسلية للأنثى أو الذكر. فالذكور يطلقون نكاتهم الجنسية على النساء، والنساء يطلقن نكاتهن على الأعضاء الجنسية للرجال كتعبير عن حالة الكبت الجنسي الذي يأسر وجدانهن.
وتنعدم (إلى حد ما) النكات الجنسية التي تطال الجنسين في المجتمعات التي لاتعاني من حالة الكبت الجنسي، بل أن إطلاقها (في كثير من الأحيان) لايثير الضحك وأنما يثير الدهشة والتشخيص بأن مطلقها يعاني من حالة الكبت الجنسي!.
وإطلاق النكات الجنسية في المجتمعات المكبوتة هي حالة خارجة عن الوعي، لكنها تؤشر لحالة المعاناة الجنسية في اللاوعي بالرغم من أنها تطلق بدواعي إثارة الضحك أو لخلق أجواء من المرح لكن تفسيرها النفسي لايخرج عن سياق حالة المعاناة الجنسية التي يعاني منها الجنسين في المجتمع.
ولاتقتصر إطلاق النكات الجنسية على حالة الكبت الجنسي عند المرأة أو الرجل، وأنما تطال أبعاد أخرى تعبر عن مدى النخر الذاتي الذي يعاني منه المجتمع. فهناك النكات الخاصة بالعلاقات الجنسية الشاذة بين الرجال ذاتهم أو النساء ذاتهن.
والنكات الجنسية التي تخص السحاقيات من النساء غالباً ما تتناولها النساء، بغرض التنفيس عن حالة الكبت الجنسي الذي يأسر وجدانهن وتلك تؤشر حالة ممارسة السحاق بين النساء في المجتمع. وهي ليست حالة للتنفيس عن الكبت الجنسي فقط وأنما حالة للهروب من استحقاقات المورث الاجتماعي من القيم والأعراف الاجتماعية التي تفرض عقوبات صارمة على النساء عند ممارستهن للجنس مع الرجال خارج عقد الزواج، وقد تصل تلك العقوبات إلى الرجم بالحجارة حتى الموت بتهمة الزنى....في حين يكون المجتمع متسامحاً أكثر مع حالات اكتشاف السحاق بين النساء في المجتمعات المتخلفة!.
أما المورث من الأمثال الشعبية التي تحط من المرأة أو الرجل فإنها تعبير أخر عن حالة الكبت (أو الاحتقان) الاجتماعي بين المرأة والرجل، فما يختزنه المورث من الأمثال الشعبية في ذهنية النساء ضد الرجال بغرض الحط من قدر الرجال هو تعبير عن حالة الرفض لهيمنة وسطوة الرجل باعتباره مخادعاً ويتوجب الحذر منه أو مواجهته بأساليب الحيلة والخديعة!. ومن الأمثال الشعبية النسوية ضد الرجال: يا إمامنة الرجل مثل المامنة الماي في الغربال، والرجال مثل الزيتون لايحلون إلا بالرص، وأبنك مثل ما تربيه وزوجك مثل ما تعوديه...وغيرها.
وما تعنيه الأمثال السابقة ضد الرجال يتلخص بـ: على المرأة أن لاتمنح ثقتها بالرجل، والتصدي للرجل بشكل دائم بغرض إخضاعه، وعدم القبول برأي الزوج والعمل على تعويده بالمشاكسة على القبول برأي المرأة. هذا المورث من الأمثال الشعبية ضد الرجال الذي يسيطر على ذهنية النساء ويتحكم بسلوكهن وتصرفاتهن مع الرجال أو الحياة الزوجية يفرض نمطاً من التوجهات المورثة والمتعارضة مع الواقع المعاصر للتعامل مع الحبيب أو الزوج بعيداً عن حالة الاحترام والثقة المتبادلة.
لايقتصر المورث من الأمثال الشعبية للنساء ضد الرجال، وأنما هناك من الأمثال الشعبية للرجال ضد النساء تهيمن على ذهنية المجتمع الذكوري وتفرض عليه نهجاً مورثاً يتعاطى من خلاله بالسلوك والتصرف غير الإنساني مع المرأة باعتبارها كائن إنساني غير جدير بالثقة ويجب أخذ الحيطة والحذر منه بشكل مستمر لأنها لاتؤتمن على الأسرار وغير صادقة بما تقول أو تعمل به.
ومن الأمثال الشعبية الذكورية نذكر: لاتأمن للملوك لو ملكوك ولا تأمن للنساء لو عبدوك، وأنطي سرك للشيطان، ولاتنطي للمرأة........ودلالة تلك الأمثال تؤشر حالة عدم الثقة بالمرأة لا بالحب ولا الحياة الاجتماعية إضافة لكونها ثرثارة تفضح الأسرار وتستغلها فيما بعد ضد الرجال.
إن المورث من النكات والأمثال الشعبية المتداولة في المجتمع لهو دلالة على أن المجتمع مهما فصله التاريخ عن الحاضر فإنه مازال يأسره بكل توجهاته، فالمرأة بنظر الرجل هي مازالت ذاتها لا الزمن ولا التعليم ولا متغيرات العصر قادرة على إخراجها من النظرة الدونية للمجتمع الذكوري. وكذلك المرأة الخاضعة لذات المورث غير قادرة على النظر إلى الرجل (المتعلم، المثقف والمعاصر.....) سوى كونه مخادعاً ولا يؤتمن ويمارس سطوته وهيمنته ضدها!.
وما لم يتم إنقاذ المجتمع من براثن المورث الذي يفرض توجهاته على الأجيال، لايمكن المراهنة على بضع عشرات من المثقفين والمثقفات الرافضين للمورث وتوجهاته للمطالبة بالمساواة والعدالة الاجتماعية للجنسين!.