-شيخ الأزهر: التعددية لا يمكن أن تتم إلا في أطار المواطنة الكاملة والمساواة- حلوة!



إلهام مانع
2017 / 3 / 3


"شيخ الأزهر: التعددية لا يمكن أن تتم إلا في أطار المواطنة الكاملة والمساواة"
حلوة!


"إذا لم تستح فأصنع ما شئت".
اعجبتني مقولة النبي الكريم يوم سمعتها.
بسيطة وواضحة.
لا لبس فيها.
تكشف عن طبيعةٍ في النفس البشرية.
تعري ذلك الإنسان.
ذاك الذي يقول ما لايفعل.
ذاك الذي ينطق بالكلمة وهو لا يعنيها.
يعجن كلماته.
ينمقها بمالايؤمن به.
ثم يكذب وهو يبتسم.
يقول الكلمة ثم يفعل عكسها تماماً.
ولايخجل وهو يقول.
ولذا حق عليه قول النبي الكريم، "إذا لم تستح فأصنع ما شئت".

اعني بكلماتي شيخ الأزهر الفاضل.
شخص احترمته من قبل.
ظننت أنه الشخصية التي ستقود تجديد الخطاب الديني.
ولم أكن وحدي في ذلك الظن.
لولا إن بعضَ الظن إثمٌ.

يوم تولى منصبه، سمعنا أنه قادر على التغيير والإصلاح.
قيل لنا.. إن
خَلفيتَه الدينية مختلفه، صوفي؛
فكِرَة متشعب، تنويري؛
ومنفتح على العالم، و يُتقن لغات متعددة.
قيل لنا... إنه يحمل في نفسه شعلة التنوير التي أطفأتها مؤسسة الأزهر بفكرها المتجمد المهتريء.

وقلنا، لعله هو، هو لا غير، مَنْ سيغير في الأزهر.
الأزهر.
قلعة تتصومع خارج التاريخ، وتقول لنا إنها تقدم لنا خطاباً وسطياً.
وسطياً في ماذا بالله عليكن؟
وسطية في التطرف؟ أم في التكفير؟ نصف نصف.
تُكَفر كل من يجرؤ على التفكير لدينا، ثم تقفُ تتصنعُ البلاهة عند داعش، تحك رأسها، وتفرك شعرها وتقول "لا نكفر داعش".
ولا تستحي.
الأزهر.
مؤسسة دخلت تاريخنا الثقافي بسبب حروبها الدينية في القرن العشرين ضد مفكرين ومفكرات عظماء/عظيمات كعلي عبدالرزاق، وطه حسين..درية شفيق، ونوال السعداوي...والقائمة طويلة.
وحلت علي القرن الواحد والعشرين ضيفةً ثقيلةً، لا تدرك أنها بمناهجها القرو اوسطية، وخطابها المتخشب، ثم حروبها التكفيرية المستمرة تقول لنا ببساطة إنه لا مكان لها من الإعراب في العصر الحديث.
لا مكان لها بيننا اليوم.
لفَظَها الشباب والشابات.
واصبحت أضحوكة لمن يراقبها.


ولذا رحبنا بالشيخ الكريم.
اعتبرناه بداية... ستؤدي حتماً إلى تغيير.
ستؤدي حتماً إلى تغيير وإصلاحٍ حانَ آوانه.
حان وقته.
إصلاحٌ...
في ديننا.
في مناهجنا.
وفي تفاسيرنا.

لكنه تحول إلى خيبة امل.
وكسة، إحباط، إخفاق، قنوط وتخييب.
كلها خيبة.
كلما نطقَ قالَ قولاً يُعجبنا، لولا إن فعله ينُاقض قوله.
ولا يخجل.
فحق عليه قول النبي الكريم: إذا لم تستح فأصنع ماشئت.


ولذا إحترق دمي من جديد وأنا اتابع مؤتمر الأزهر للحرية والمواطنة، الذي عقد في القاهرة يوم 27 فبراير 2017،
ثم إرتفع ضغطي وأنا أستمع إلى خطاب شيخنا الأزهري الكريم،
دعا فيه القوى الدينية بكل اطيافها "الأبراهيمية" لمواجهة ما اسماه "المتربصون بالأديان من الملحدين والمعلنين موت الإله".
ثم فُقَعت مرارتي من جديد وأنا اقرأ إعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك.

يحدثنا عن المواطنة الكاملة والتعددية الدينية وحرية الإنسان.
يقول ذلك هو وإعلانه بملء فوهه.
يقول ذلك وهو يترك كلابه تنَهشُ في مفكرينا ومفكراتنا من التنويريين والتنويريات وفي شيوخنا المؤمنين من المُجددين.
يقول ذلك وينسى سجن إسلام البحيري. بفضله.
يقول ذلك وينسى حملات التشهير ضد فاطمة ناعوت ونوال السعداوي... بمباركته.
ثم يقول ذلك وينسى فضيحة سجن الشيخ المؤمن الُمجدد محمد عبدالله نصر، بدعواته.

وكل ذلك ... بفضله بمباركته وبدعواته.

شيوخُ الظلام.
تصدح علينا غثاءا.

شيخُهم كبيرُهم، يخرج علينا بإعلان للمواطنة الكاملة.
ثم يفصل تلك المواطنة على مقاس فكره المتخشب.
موَاطنة ٌ لا تفكر إلا كما يفكر.
لا تؤمن إلابما يؤمن.
لا تعددية فيها.

مواطنة هرمية، يقف على رأسها المسلم (وتحديداً الذكر).
مواطنة هرمية، تحترم الأديان الإبراهيمية لكنها لا تعتبر أتباعها نداً للمسلم/ة.
مواطنة هرمية، تقصي من لا يؤمن بأي دين أخر، لا تعتبره سماوية.
مواطنة هرمية، تعتبر عدم الإيمان بالدين إرهاباً، يجب التصدي له بقوة السيف.
مواطنة هرمية.
لامساواة فيها.

شيوخ الظلام.
تصدح علينا غثاءا.
شيخُهم، كبيرُهم، يخرج علينا بإعلان للحرية والتعددية!

ويقول حرية وهو يعني عبودية.

أية حرية تلك التي لا تؤمن بحرية التفكير والقول؟
أية حرية تلك التي تهاجم من يجرؤ على التقدم بتفسير ديني مخالف لتفسير مؤسسة الأزهر؟
تسجن الشيخ المؤمن المجدد محمد عبدالله نصر خمسة سنوات لأنه اعتبر ان مصادر الحديث فضيحة، وهي فضيحة بحق.
الرجل يطرح تساؤلات حول اقولٍ جمعها بشر.
وشيخنا ومؤسسته يصران على أن البشر آلهة. نعبدها اصناما بدلا من الرحمن.
الرجل اعمل عقله وتقدم بتفسير مخالف لآيات قرآنية، فسجنوه خمسة سنوات.
ثم تقول لنا حرية ياشيخنا؟

أية حرية تلك التي تضع لنا حدودا للتفكير و تغرس خناجراً ودبابيساً في عقولنا ، تقول لنا حذار حذار من التفكير.
ثم تقول تعددية وحرية ومساواة؟
ياشيخنا؟
والأدهي أنك تقول لنا بملء فمك هذه العبارة: " التعددية لا يمكن أن تتم إلا في أطار المواطنة الكاملة والمساواة!"
حلوة. والله حلوة. ولولا ان الوضع لا يحتمل التندر لضحكنا.
لأنك تقولها وأنت تُكفر وتُشَهر ثم تسجن مَنْ يصر على ممارسة عبارتك قولا وفعلا.

شيوخُ الظلام.
تصدح علينا غثاءا.
وشيخُهم كبيُرهم، يخرج علينا بحديث يقول فيه ما يقول، ثم يفعل عكسه.
ولا يخجل وهو يقول.
ولذا حق عليه قول النبي الكريم: "إذا لم تستح فأصنع ما شئت".