الجارية والخليفة ، رجاحة عقل ام نقص عقل ودين ....بمناسبة اليوم العالمي للمرأة



يعقوب يوسف
2017 / 3 / 4

الجارية والخليفة، رجاحة عقل ام نقص عقل ودين .... بمناسبة اليوم العالمي للمرأة
سأتكلم عن مشكلة المرأة في الخطاب الإسلامي وما يبرره المتفلسفون عن المرأة كونها ناقصة عقل ودين، عن شخصيتين عاشتا في عصر واحد وعانتا من ظروف عصيبة متشابهة وماتا ميتة واحدة باشكال متشابهه وفي زمان واحد تقريبا وأخيرا الطريقة التي عالجا بها مشكللاتهما.

الشخصية الأولى:
السيدة المصرية شجر الدر
شجر الدر كانت جارية من أصل تركي أو خوارزمي وقد تكون ارمنية ووصفها المؤرخين بانها كانت جميله و ذكيه وعندها فضيله. اشتراها الصالح أيوب قبل أن يكون سلطاناً وأحبها وتزوجها لاحقا بعد خروجه من السجن سنة 1239 فقد كانت وفية له طيلة فترة سجنه وكانت تنوب عنه في الحكم عندما يكون خارج مصر.
في أبريل 1249 كان الصالح أيوب في الشام يحارب الملوك الايوبيين الذين ينافسوه على الحكم وصلته أخبار ان ملك فرنسا لويس التاسع في طريقه لمصر على رأس حملة صليبية كبيرة حتى يغزوها، وفي تلك السنة توفي الملك الصالح فجـأة وفي لحظة حرجة جداً من تاريخها استدعت شجر الدر قادة الجيش المصري وطلبت منهم إخفاء الامر كي لا تضعف معنويات المقاتلين والجماهير وهكذا تم وضع خطة مخادعة أدت الى هزيمة الصليبيين واسر ملكهم لويس التاسع وانقذت مصر من واحدة من أكبر الحملات الصليبية.
.
وما ان انتهت الحرب بالانتصار الساحق بقيادتها ورغم الدور البطولي وما أبدته من مهارة وحزم في إدارة شؤون الدولة وتقربها إلى العامة واغداقها الأموال والإقطاعات على كبار القادة انقلب الجميع عليها بدأً من السلطان الجديد توران شاه ابن الملك الصالح الذي بايعته شجر الدر وسلمته السلطة بنفوذها، بدل أن يحفظ لها جميلها.
وخرج المصريون في مظاهرات غاضبة تستنكر جلوس امرأة على عرش البلاد، بالرغم من ان شعب مصر العريق شهد نساءً كتبن تاريخ مصر بأحرف من نور وآخرهن كليوبترا ألا أن المسألة هنا تكمن في الشريعة.
وعارض رجال الدين ولاية المرأة الحكم واستغل القادة المماليك هذه اللعبة للتآمر عليها.

وحتى خليفة المسلمين المستعصم بالله الذي سأتكلم عنه لاحقا، كتب إليهم من بغداد وهو يستعد لملاقاة هولاكو: إن كانت الرجال قد عدمت عندكم فأعلمونا حتى نسيّر إليكم رجلاً.
.
ولم تجد شجر الدرّ إزاء هذه الحرب الشعواء ضدها بدًا من التنازل عن العرش للأمير عز الدين أيبك أتابك العسكر الذي تزوجته بعد ثمانين يوما من الحكم كانت مصيرية في تاريخ مصر.
غير ان أيبك هو الاخر انقلب عليها بعد ما احكم سيطرته على الدولة وقضى بدعمها على كل منافسيه وخاصة فارس الدين أقطاي الذي سبب لهم مشاكل عديدة في حكم البلاد والذي كان يعد من أشرس القادة المسلمين في عصره، وصاحب الكلمة الأولى لدى الجند,
مقتل شجر الدر:
وبعد تخلص آيبك من أقطاي شرع بالزواج من ابنة امير الموصل فغضبت عليه شجر الدر وهي التي سبق ان ارغمته على هجر زوجته الأولى وتمكنت من قتله، إلا ان حلفاء آيبك قبضوا عليها وسلموها الى وزجة آيبك الأولى التي أمرت جواريها بضربها
(بالقباقيب) على رأسها
وألقوا بها من فوق سور القلعة لتلقى حتفها في سنة 1257.
وقيل ان الصالح أيوب اتاها في المنام وأمرها بأن تقتله. فلما صحت من النوم احضرت السيف وقتلته.
.
الشخصية الثانية:
الخليفة المستعصم بالله
آخر خليفة عباسي في بغداد. حكم بين عامي 1242 و1258 بعد أبيه المستنصر بالله. غزا المغول الدولة العباسية تحت قيادة هولاكو خان بمساعدة الوزير مؤيد الدين بن العلقمي، شخصية المستعصم شخصية غامضة متناقضة فهو من جهة يدعي العديد من المؤرخين انه كان (مُتديننا) بمعنى انه كان من الواجب عليه ان يبدأ هو في الجهاد في سبيل الله وتجيش المسلمين للحرب على المغول (كونه خليفة المسلمين) وعدم تركهم يحتلون البلدان الإسلامية الواحدة تلو الأخرى وينتظرهم يتقدمون نحو بغداد.
قال الشيخ قطب الدين: كان متديناً متمسكاً بالسنة كأبيه وجده ولكنه لم يكن مثلهما في التيقظ والحزم وعلو الهمة.
.
وادعى البعض انه كان (حليما) واعتقد انه كان العكس تماما فأي حلم والبلاد كانت غارقة في الفوضى الطائفية، مما تسبب في تآمر وزيره الذي تذمر من الظلم الذي كان يعاني منه الشيعة، بينما هو مشغول في اللهو مع جواريه وطيوره،
وأي حلم وانه كان العوبة بيد وزيرة الذي خدعه في تسريح الجيش في الوقت الذي كان مليون مغولي على أبواب بغداد، وكذلك مستغلا بخله.
وهل يتوازن البخل مع الحلم في هكذا موقف مصيري تمر به البلاد الإسلامية كلها فبسقوط بغداد سقطت الخلافة ألعباسىية التي دامت 524 سنة.
ولا يتطابق الحلم المزعوم أيضا مع السياسة الغبية في تعامله مع الاحداث ولم يتعامل معها بالسياسة المعهودة من القادة العظام في مثل هذه المواقف، فنرى الأسلوب غير الدبلوماسي المتعارف عليه في التعامل مع وفد هولاكو حيث تم اهانتهم واذلالهم.
فكتب هولاكو رسالة شديدة اللهجة جاء فيها:
(عندما أقود جيشي الغاضب إلى بغداد، سأقبض عليك سواء اختبأت في الجنة أو في الأرض، سأحرق مدينتك وأرضك وشخصك، أذا كنت حقا تريد حماية نفسك وعائلتك الموقرة, اسمع نصيحتي, وأن أبيت ذلك فسترى مشيئة الله فيك)
ورد المستعصم علية يقول ان (جيوش الخليفة سوف تلعن سنسفيل هولاكو) إلا انه بعد وصول جيوش التاتار بغداد وبدأت بمحاصرتها ودك اسوارها تراجع الخليفة عن موقفه وبدأ يطلب التفاوض والصلح، ويبدوا ان الأسلوب ليس جديدا على العرب فقد كان له جذوره في التراجع والانحناء في وقت لا تنفع معه الأساليب الدبلوماسية.
.
ومن سذاجة هذا الخليفة في تعامله مع الاحداث أنه في الوقت الذي بدا المنتصر يفرض شروطه ويطالبه بالكشف عن أمواله وكنوزه التي أخبره بها الوزير العلقمي، كان المستعصم يتوسل هولاكو ان يعتني بجواريه الجميلات اللاتي لم يروا الشمس وكان عددهم(750)جارية، اما هولاكو فقام بتوزيعهم على ضباطه فيما قام بذبح رؤوس الجنود على مرأى من أهالي بغداد المرعوبين، وقيل انه ذبح ثمانين الفا من أهالي بغداد.
وانا لا اعرف شخص له (750) جارية لا تهتز مشاعره الانسانية تجاه المراة فيحتقر قيادة المرأة للدولة وهي التي انقذت البلد من الغزاة عندما بعث الى المماليك يقول لهم إن كانت الرجال قد عدمت عندكم فأعلمونا حتى نسيّر إليكم رجلاً، وهل ياترى كان سيسير رجالا على شاكلته!
وبدل ان يبعث رسالة تهنئة لأمانتها وشجاعتها خاصة وانه خليفة المسلمين جمعاء وتهمه هزيمة الأعداء.
.
ثم قام هولاكو بتعذيب الخليفة وابنه فأعترف بان الاموال كانت عبارة عن حوض من الذهب الخالص الذي تم جمعه خلال أكثر من خمسة قرون، والذي تم تجميعه على شكل تلال من الذهب، ولو اُنفق جزء يسير منه كان كافيا لسحق جيش المغول.
فهل هكذا يكون الخليفة (الحليم)
مقتل الخليفة:
بعد ان أنهى هولاكو سيطرته على المدينة وحصل على مااراده منها فيها وقرر قتل الخليفة، قيل لهُ أنه لو قتله وأريقت دماؤه على الأرض فسيحدث كوارث عظيمة فأمر هولاكو بان يوضع الخليفة في جلد بقر وان يضرب بالعصي بداخله حتى الموت.
.
إذن حليم ومتدين هذا ما اجمع عليه العديد من المؤرخين المسلمين،
ما أشبه اليوم بالبارحة،
اليس اليوم كل اللذين يحكمون البلاد الإسلامية باسم الدين والشريعة هم الفاسدين ومشبوهي الهوية!
.
ومن الغرابة أنه حتى طريقة مقتلهما متشابه
الملكة تضرب بالقباقيب الخشبية على رأسها حتى الموت
والخليفة يوضع في جلد بقر ويضرب بالعصي الخشبية حتى الموت
.
ويا ترى مَن مِن الاثنين كان
ناقص العقل وناقص الدين
الرجل والخليفة ... وألحيلم والمتدين
ام المرأة .... والجارية أصلا
ولو كانت شجر الدر والتي قتلت قبل سنة من غزو بغداد موجودة
الا تعتقد عزيزي القارئ انها ربما كانت سترد عليه
(إن عدمت عندكم نساء تدافع عن خلافة الإسلام وأعراض المسلمين وجواريهم فأعلمونا حتى نسير لكم امرأة)
وهل ستغير رأيك عن المرأة بعد الان