تحية وفاء للمرأة في يومها العالمي ونضالها المجيد



عباس الجمعة
2017 / 3 / 8


يوم المرأة العالمي يوم وسمته المرأة في نضالها المجيد من اجل التحرر والمساواة والكرامة، انه يوم الصرخة ، للحركات والقوى المناضلة من اجل مساواة البشر وسعادتهم وكرامتهم، بوجه التمييز، بوجه التشريعات الدينية التي تحاول النيل من المرأة، بوجه العقلية الرجولية ، يوم الوفاء للمناضلات الذين شكلوا بوصلة النضال والمقاومة ، يوم الوفاء للاسيرات اللاتي يتحدين الاحتلال وسجانيه في معتقلات الاحتلال الصهيوني ، انه يوم القيم الانسانية .
تقف المرأة اليوم فى جميع أنحاء العالم من اجل مطالبتها في قضيتها من اجل التحرر والعمل والمساواة ومشاركتها فى العملية الأنتاجية كعقل مبدع وخلاق وطاقة لامتناهيه رفدت حضارة الأنسان على مر الأزمنه عطاءا وأبداعا وصبرا وفنا وجمالا وأعطت للكون أشراقته وللحياة ألقها وحيويتها ، حيث ساهمت بكل ما أوتيت من قوة وعزيمه على تبديد الظلام الذى لف البشريه وفتحت منافذ للنور والتمدن والتحضر عندما أقتحمت سوق العمل والأنتاج الخلاق وأثبتت على الدوام جدارتها بكل المواقع التى أحتلتها كعامله وأديبة واعلامية وطبيبة وممرضة وسياسية ونائبة ووزيرة وفنانه وثائرة ، نستذكر هذا العطاء الخلاق للمرأة نتطلع الى اليوم الذى تحطم المرأة الفلسطينية والعربية قيود الماضى ولتنطلق فى عملية التغيير الديمقراطى لتعميق المسيرة الحضارية لشعوب امتنا على قادة مساواة المرأة والرجل بمشاركة كاملة في كافة القضايا .
أن مشاركة المرأة الكاملة غير المنقوصه فى عملية البناء والتحول نحو الديمقراطيه والتحرر لن تتم ما لم تتحرر المرأة من كل القيود التى تشدها ، وأيمانها بقدراتها وبحقها فى الحياة والعمل والحرية فلا أنجاز يتحقق دون التحرر من القيود ودون الثقة بالنفس والأيمان المطلق بالقدرة على النهوض والأنطلاق الى آفاق العمل لبناء الاوطان.
المرأة الفلسطينية والعربية لابد أن تنهض من جراحها النازفه ، من ألمها وصبرها ومعاناتها ، من قيود فرضت عليها جراء النظرة الضيقة المتشككه فى قدراتها على العمل والإبداع لأن فلسطين ولأن الاوطان وسوق العمل هى فضاءها الواسع وعليها أن تثبت للجميع قدرتها على القيادة والمسؤولية والتمسك بقيم الحرية والمساواة ، فبذلك تستعيد مكانتها من أجل تحررها الكامل ومساواتها بالرجل.
ولاشك بان المرأة تشكل نصف البشرية ومنجبة النصف الاخرواوسع فئات البشرية واشدها استغلالا وظلما حتى من احب الناس اليها، شريك حياتها الرجل، ومن هنا يتصاعد ادراك المرأة على الصعيد العالمي ولاسيما في البلدان المحتلة بعدم امكان تحقيق أي من اهدافها التحريرية، والوطن يرزح تحت الاحتلال حيث لايتمتع أي من افراد الشعب مهما كان موقعه وجنسه او انتماءه القومي والديني بحريته وانسانيته الا بالنضال الاجتماعي والوطني من اجل التحرر من الاحتلال، كما يتزايد الوعي بارتباط النضال بين التحرر الاجتماعي والوطني بتحرر البشرية عموما من خلال الدعم والتضامن المتبادل وتحقيق وحدة جميع قوى البشرية من اجل القضاء على العولمة الراسمالية اخر مراحل تطور الراسمالية حتى يومنا هذا واشدها معاداة لتحرير المرأة والبشرية، وبذلك فقط تتحرر البشرية عموما والمرأة خصوصا من جميع اشكال الاضطهاد والتمييز وترفل البشرية ولاسيما المرأة بالحرية والسعادة
وامام كل ذلك تبقى المنظمات النسوية القاعدة الجماهيرية لتوعية المرأة وتعبئتها في النضال من اجل حقوقها بغض النظر عن انتمائها القومي والسياسي والديني وربطه بالنضال من اجل تحرير الوطن وتحرير البشرية . ويبقى تضمين كل المنظمات الاجتماعية والنقابية والاحزاب السياسية برامجها المتعددة الاهداف على النضال من اجل تحرير المرأة هو دليل وطنيتها وانسانيتها ، ولكنها لايمكن ان تنفي الضرورة الموضوعية للمنظمات النسوية الوطنية والعالمية ، لذا نرى ان عودة المرأة والفتاة الفلسطينية إلى النشاط النضالي هي إستعادة لروح الثورة الفلسطينية.. إستعادة لوحدة الشعب الفلسطيني في صراعه من أجل الحرية...
إن صراع المرأة الفلسطينية في كل الأزمات ضد الظلم والقهر والإستبداد هو ثورة بحد ذاتها ثورة على المحتل وثورة على الرجعية المحلية المتمثلة بالقمع الإجتماعي الطارىء على المجتمع الفلسطيني نتيجة ضخ الايديولوجيا الدينية..
وبذلك فإن استعادة المرأة الفلسطينية لدورها في الصراع مع المحتل قضية جوهرية، فهي نصف المجتمع لا بل هي المجتمع بأسره.. فهي النصف الأول وهي أيضا من يقوم بإنجاب وتربية النصف الآخر تربية سليمة تقوم على محاربة المحتل والتصدي له في كل الأوقات.
ومن موقع الثامن من اذار يوم المرأة العالمي التي يتزامن مع رحيل القائد الوطني والقومي الكبير الشهيد محمد عباس " ابو العباس " الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية ، الذي كان يعرف الظلم المزدوج الذي يقع على كاهل المرأة الفلسطينية ويتحدث في هذا ، ويدعوا إلى كيفية التخلص من عقلية الذكورة الفوقية تجاه الزوجة والأخت والابنة وكذلك تجاه الرفيقات اللواتي بذل الرجل جهداً كبيراً لتتبوأ المرأة في الجبهة مكانتها المفترضة سواء في الهيئات القيادية للجبهة أو في مؤسسات العمل الاجتماعي ، فقد كان يحترم موقع المرأة وحقوقها بشكل ملفت وقد عكس ذلك نفسه في جملة من التوجيهات والمفاهيم والقرارات ، واعتبار هذه المسألة ، أي النظرة للمرأة وحقوقها أحد معايير التقييم لأي رفيق ، وبمنح المرأة المناضلة فرصتها في تولي المسؤوليات القيادية فقد كان طليعياً بشكل ملفت وله وجهة نظر في المسألة تنم عن انحياز كامل لمصلحة منح الرفيقات كامل الفرصة ولعل هذه التربية الفكرية والتنظيمية هي التي قادت لوجود نسبة جيدة في المواقع النضالية من النساء .
وفي ظل هذه الاوضاع مارست المرأة الفلسطينية دورا رياديا في النضال ضد المحتل حيث خاضت مختلف التجارب النضالية وعلى مختلف المستويات، الثقافية والإغاثية والعسكرية، فقد تحدت الإحتلال الصهيوني باساليب مبتكرة ، وكان للمرأة الفلسطينية دور كبير في العمليات العسكرية التي تقوم كل يوم للتصدي لقوات الإحتلال سواء بالتخطيط او التنفيذ، وهنالك مقاومات مثلن منارات للنضال الفلسطيني والعالمي ضد الاحتلال والقهر والاستبداد، سيدات قمن بعمليات قهرت العدو وجعلت فلسطين نموذجا ثوريا استلهمته الشعوب المقهور في نضالها، واذاقت الكيان الصهيوني وأجهزته العسكرية والأمنية مر الهزيمة، مثل شادية ابو غزالة الشهيدة دلال المغربي وهنادي جرادات وريم الرياشي وتحرير منصور وغادة الحلبي واشرقت قطناني وعندليب طقاطقة وهبة ضراغمة ودارين أبو عيشة وميرفت مسعود ورفيقاتهما في انتفاضة الاقصى ، كما هناك مناضلات احياء ما زلن يتابعن النضال ، وهذا أكبر دليل على أهمية مشاركة المرأة في العمليه الثورية، فلولا مشاركتها وتربيتها لجيل ثوري مقاوم لما تقدمت العملية النضالية، وهنالك دليل آخر على أهمية مشاركة المرأه في العملية النضالية فعندما تراجعت المرأة في المقاومة تراجعت الثوره...
وامام ما قدمته شابات انتفاضة القدس الثالثة من دور كبير وتضحيات جسام ، حيث شكلت المرأة منارة في تاريخ الثورة والمقاومة والانتفاضات والهبات الشعبية ، واكدت أن المرأة تشارك الرجل في كافة أشكال المقاومة والنضال والتصدي لقوات الاحتلال الصهيوني، من خلال تسلحهم بالسكين والحجر والمقلاع ليسجلواأروع صفحات البطولة والتضحية من خلال مشاركتهما الشباب الثائر الفلسطيني بانتفاضته البطلة في تحدٍ واضح لقوات الاحتلال الصهيوني ، ولتؤكدن انها خير داعم للرجل من أجل حلم الحرية والاستقلال والحياة في وطن حر وكريم .
وهنا لا يمكن ان ننسى دور المرأة العربية في مواجهة تنامي ظاهرة الإرهاب وانتشار الفكر المتطرف بالبلدان العربية (تونس، ليبيا، اليمن، مصر ، سوريا ، لبنان) حيث تؤكد المراة والشباب ان مواجهة الارهاب والفكر المتطرف لا يتختلف عن مواجهة الارهاب الصهيوني باعتبار ان الارهاب التكفيري هو الوجه المكمل للارهاب الصهيوني ، حيث تقدم المرأة العربية الشهيدات فكانت ميرفت محمد سعيد وحنان عبود و صفاء السليمان و الإعلامية بارا عباس يواجهن الحرب على سوريا التي تحرق الحجر والشجر والبشر كما شهيدات فلسطين ، لان حلمهن بالشهادة كان الأحلى فدمائهم ستبقى منارة تضيء نور الحقيقة للعالم‏‏.
ختاما : لا بد من القول في يوم المرأة العالمي ان شابات فلسطين و شهيدات الانتفاضة يشكلون شمعة مضيئة ، وبهذا نستنتج بأن مشاركة المرأة عامل أساسي لاستعادة الثورة وجهها الحقيقي التقدمي، فكل التحية للمرأة الفلسطينية والعربية والعالمية على عطائهنّ وصمودهنّ ونحن نستمد مقومات النصر والحرية والكرامة منهن.
كاتب سياسي