هل تريد الدولة مصادرة الفضاء الأهلي؟



حسن مدن
2006 / 1 / 30

ليس بوسعنا ان نقرأ هذه المغالبة التي‮ ‬تخوضها وزارة التنمية الاجتماعية مع الاتحاد النسائي‮ ‬البحريني‮ ‬قيد التأسيس إلا بصفتها محاولة لمصادرة الفضاء الذي‮ ‬يتحرك فيه المجتمع المدني‮ ‬ومؤسساته‮.. ‬فمنذ سنوات والوزارة سواء في‮ ‬صيغتها الحالية،‮ ‬بعد ان انقسمت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الى وزارتين او قبل ان‮ ‬يتم هذا الفصل،‮ ‬تضع العراقيل والذرائع واحدة تلو الاخرى بوجه اشهار الاتحاد،‮ ‬رغم المرونة الكبيرة التي‮ ‬اظهرها الاتحاد في‮ ‬التعاطي‮ ‬مع شروط ومتطلبات الوزارة لإقرار نظامه الداخلي‮. ‬وعندما‮ ‬يتصل الحديث بدور الاتحاد النسائي‮ ‬بالذات فنحن ازاء الاطار التنظيمي‮ ‬الذي‮ ‬ينضوي‮ ‬تحت مظلته واحد من اهم القطاعات الجماهيرية في‮ ‬البلاد،‮ ‬ألا وهو القطاع النسائي‮ ‬في‮ ‬هذا الظرف الذي‮ ‬يكثر فيه الحديث وتتوالى المبادرات عن تمكين المرأة،‮ ‬وكان من اهم معالم المشروع الاصلاحي‮ ‬لجلالة الملك هو اشراك المرأة في‮ ‬الحياة السياسية،‮ ‬حين فتح ومنذ البدء امامها الفرصة للمشاركة في‮ ‬التصويت على ميثاق العمل الوطني،‮ ‬وتوالى الامر بعد ذلك في‮ ‬الانتخابات البلدية والنيابية،‮ ‬مما جعل من البحرين البلد صاحب الكتلة الانتخابية الاكبر بين شقيقاتها الخليجيات،‮ ‬لذلك‮ ‬يبدو‮ ‬غريباً‮ ‬هذا الضجيج الذي‮ ‬يثار اليوم حول الدور السياسي‮ ‬للاتحاد النسائي،‮ ‬الذي‮ ‬تتشكل لجنته التحضيرية من ممثلات للجمعيات النسائية التي‮ ‬تعمل في‮ ‬البحرين منذ عدة عقود،‮ ‬ونشطت في‮ ‬ظروف صعبة ومعقدة من اجل نصرة قضايا المرأة وتوعيتها بحقوقها،‮ ‬وناضلت معها ومن خلالها من اجل تمكينها على الاصعدة المختلفة،‮ ‬وكانت هذه الجمعيات هي‮ ‬اول من طرح الحقوق السياسية للمرأة،‮ ‬واول من دعا لاصدار قانون الاحوال الشخصية في‮ ‬البلاد،‮ ‬وقامت في‮ ‬سبيل ذلك بمبادرات عديدة،‮ ‬لذا فإن الاتحاد النسائي‮ ‬البحريني‮ ‬لا‮ ‬ينطلق في‮ ‬جهوده ومساعيه اليوم من فراغ،‮ ‬وانما‮ ‬يرث تاريخاً‮ ‬مجيداً‮ ‬من العمل النسائي‮ ‬الاهلي‮ ‬التطوعي‮ ‬شكَّل احد اهم بواكير المجتمع المدني‮ ‬في‮ ‬البحرين،‮ ‬ولا‮ ‬يجوز ان‮ ‬يلقى الاتحاد هذه المعاملة من قبل وزارة التنمية الاجتماعية بهدف عرقلة اشهاره ومحاصرة دوره من خلال تقييده بقيود لا‮ ‬يوجد اي‮ ‬مبرر منطقي‮ ‬لها،‮ ‬إلا اذا كان ذلك‮ ‬يعبر عن الضيق من تنامي‮ ‬دور المجتمع المدني‮ ‬في‮ ‬البلاد،‮ ‬وهو دور مشرف طالما اشاد به جلالة الملك في‮ ‬لقاءاته مع رؤساء وممثلي‮ ‬الجمعيات السياسية والمهنية،‮ ‬وعبر عن فخره به،‮ ‬لأنه‮ ‬يقدم المشروع الاصلاحي‮ ‬في‮ ‬البلاد بوصفه حصيلة تفاعل وتلاق بين ارادة الدولة وارادة المجتمع،‮ ‬لذا فالمطلوب من الاجهزة التنفيذية في‮ ‬الدولة ان تعبر عن هذا التوجه بالكف عن اثارة العراقيل والعقبات في‮ ‬وجه الاتحاد النسائي‮ ‬والاسراع في‮ ‬اشهاره كي‮ ‬يتمكن من الاضطـــلاع بواجبـــاته واقامة هياكله التنظيمية والاستـــمرار في‮ ‬اداء رسالته النبيلة التي‮ ‬بدأتها عضواته والناشطـــات فيه،‮ ‬قبل ان‮ ‬يكون هناك احد في‮ ‬البلد‮ ‬يتحدث عن حقوق المرأة ومشاركتها السياسية ويطالب بالتشريعات التي‮ ‬تصون الاسرة والامومة والطفولة من العسف والتطـــاول والاضطهاد‮. ‬
ان الاتحاد النسائي‮ ‬الفعال والمشارك في‮ ‬الحياة الاجتماعية وفي‮ ‬حراك المجتمع المدني‮ ‬في‮ ‬البلد ضرورة من ضرورات التحول نحو الديمقراطية،‮ ‬والمماطلة والتلكؤ في‮ ‬اشهاره‮ ‬يرسل اشارات سلبية عن أن الدولة تضيق ذرعاً‮ ‬بدور المجتمع المدني‮ ‬ومؤسساته‮.‬