بلى ، نحن مختلفون ..



زكريا كردي
2017 / 6 / 18

بشيء من الإستغراب تلقيت دعوة خاصة من "الجمعية الفلسفية الإنسانية " لحضور الفيلم السعودي الطويل " وجدة " والمصور لأول مرة بالكامل في دولة لا يوجد فيها دور سينما عامة ، ويحظر على بناتها وأبنائها أبسط درجات الاختلاط الإنساني .
بعد انتهاء عرض الفيلم تمّ الاستماع إلى التعليقات المتعددة من بعض الشخصيات الفكرية المرموقة ، التي كان قاسمها المشترك الدهشة العارمة والاستغراب و عدم التصديق للمستوى المتدني والخطير لحقوق المرأة في البلاد الإسلامية عموماً والمملكة السعودية بخاصة ..
طلب البروفسور kees Hillegen رئيس الجمعية مني تعليقاً موجزاً لكوني الوحيد من بين الحضور أحمل الثقافة الإسلامية والعربية والسورية ..ومتسائلاً على الملأ : تُرى هل حال المرأة السورية بأفضل من المرأة السعودية ..!؟
تقول وجدة : "عندما أحصل على الدراجة وأسبقك بها ، سنتعادل"
بهذه العبارة التي نطقت بها الطفلة "وجدة" لابن حارتها "عبد الله"، استطاعت المخرجة السينمائية السعودية "هيفاء المنصور" رسم بعض آفاق الحلم الممزوج بالقهر الشديد للمرأة العربية المسلمة ، وتبيان القليل من معالم الرغبة بالتمرد على تلك العيشة الضنكة للأنثى في بلاد الحرمين ، و تسليط الضوء على بشاعة إرهاب المجتمع الذكوري في حكم الشريعة الإسلامية الوهابية (الداعشية ) التي تسيطر على عقول أبناء المجتمع السعودي ..
هل لكم أن تتصوروا يا سادة ، إن هذا المستوى من بداوة العقلية الوحشية المتخلفة في هذا المجتمع الذي رأيتموه في هذا الفيلم ، هي التي تريد الحكم في بلادي سورية الآن ، عبر فرضها الثقافة المُقدّسة للقرون الوسطى ، وهي نفسها التي حاولت – ومازالت تحاول - القضاء على حضارة بلاد ابجدية اوغاريت العريقة ، وهي التي سعت من خلال إرهاب معتنقي الفكر الوهابي من أبناء بلدي الجهلاء دكِّ السلطة والنظام والقضاء على منجزات الدولة السورية ، التي - بلا أدنى شك - تتقدّم على تاريخ وحاضر ثقافة هؤلاء الغزاة الدواعش بمئات السنين الحضارية والمعرفية ..
بلى ، نحن في سورية مختلفون أيها السادة ، ونحن نعيش الآن صراعا اجتماعيا حضاريا قيميا حقيقيا ، فُرضَ علينا بمساعدة خارجية لأسباب سياسية واقتصادية ، ومساعدة داخلية جراء أسباب الفساد التربوي والتعليمي والأخطاء الإدارية المُتراكمة ، إنه صراع يدعمه بعض الحكومات الغربية غير المُخلصة حقاً لمبادئ حقوق الانسان التي يتباكى عليها الفيلم ،
إنه صراع ثقافي يتلخص في فكرة هذا الفيلم الذي شاهدناه ، بين حدود حلم المرأة السورية المدني الذي تجاوز قيادة السيارة و الطائرة والقضاء ورئاسة البرلمان ، و بين قمع حلم المرأة في شريعة الوحوش والرمال في أن تكون إنساناً يسير بالشارع بأمان ، وتشعر انها فراشة لا عورة .. وان تكون كائناً و معترفاً بها على الأقل ، والا يكون أقصى حلمها كما تحدثت الأم المنكسرة في الفيلم أن يعدل معها الذكر في الجماع والقوامة مع زوجاته الأخريات و ألا تضرب كالبعير ، أو كما تحدثت مقولة الفيلم أن تقود دراجة هوائية ..
أنه غزو جديد مشهود هذه المرة وموثق بالتكنولوجيا للشريعة الداعشية التي تستعمل المال والدين و الميديا من أجل وقف عجلة الروح الاجتماعية الكلية في العالم وإعادتها الى الخلف .. وكما ترون – وسترون - سبيلها في القضاء على المخالف والمقاوم بالعنف والإرهاب ، و مثاله الحي ما تشهده بلادي من دمار بسبب هذه الثقافة المدمرة للإنسان والبنيان ، والذي تشهدون بدايته فقط في بلادكم الآمنة المُطمئنة..
أيها السادة ، نحن السوريون مُختلفون ، عن أمة السلفية الوهابية ، إنهم أمة شرعة وحشية إذا دخلوا إلى بلاد أسرع إليها الخراب ، لسنا منهم وليسوا منا ..
أرجوكم قفوا مع بلدي سوريا فوقوفكم الى جانبها في حربها على الإرهاب هو وقوف الى جانب القيم الحضارية السامية قيم الحق والخير ، وهو نصرة صادقة في الوقت عينه لأسمى مبادئ التقدم الإنساني التي نؤمن بها جميعاً ..
وللحديث بقية ..