الحب والظلم في حياة النساء



حسين عجمية
2006 / 2 / 10

المرأة كائن مكتمل جذاب أعطته الطبيعة قدرة الخلق والحب والتضحية , جميع البدائع نجدها في كائنات الرحمة كائن يرتفع ويرتقي في نظام الوجود ليعطي التواصل والبقاء وفاعلية الجسد الجميل امتياز الكائن البشري على غيره من المخلوقات الحية في نظامنا الأرضي , نظام يوافق محتواه إظهار نشاطاتنا الخلاقة في بناء الحضارة الإنسانية المتطورة .
لا يمكن أن نجد نقصاً في التعضي للكائن الأنثوي يبرر موقف الذكور من سلبه حق المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات , ولن تخسر البشرية شيئاً من إعطاء حقوق كاملة ومتوازية في نشاطها العملي والمعرفي لتحقيق التوازن , فالطبيعة وطاقة الخلق المولدة للحياة ورب الوجود وواجد الوجود أعطى الأنثى كامل بنيتها القادرة على متابعة الحياة وتتابع ترقيتها الدائمة من حيث المعرفة والتكوين , وجعل طاقة الاستيعاب عندها واسعة وطاقة التحمل أوسع وطاقة المحبة هي الأوسع , فالحياة أعطت ما عندها ونحن شوهنا معرفتنا لها , فالحياة ونظام الخلق في مضمونه يؤكد أهمية العطاء الوارد للتفاعل في نطاقه و يعطيه انبثاق جوهري وبنبوي يقف العقل الإنساني مبهوراً أمام دقته وروعة وظائفه الحيوية . وبالرغم من اقتناعنا الأكيد بأن حياة النساء مرتبطة عضوياً بوجودنا وفاعلة أشد الفاعلية في بنائنا الجسدي والروحي نغيب هذا الإدراك ونتجاهل محتواه الضمني ونصر على تدني الواقع النسائي في المستوى الخلقي عن الذكور ونفهم بأن العلاقة مع الحياة لا يمكن أن تستمر بدون وحدة بيولوجية تامة بين الجنسين , نقلل من أهمية الموضوع ونعتبره موقفاً عرضياً لا يلبي حاجاتنا الأنانية في التعالي واقتناص النساء في أشرس معركة عرفها الوجود الإنساني , معركة استلاب الحقوق بقوة الضغط وقوة العزل والتهميش المرتبط بصناعتنا وفاعليتنا وإصرارنا على الجانب الاجتماعي في العلاقة بين الذكورة ولأنوثة وطريقة بناء هذه العلاقة قائمة على إجحاف مؤكد للتقليل من أهمية النساء في بناء الحضارة والثقافة الإنسانية .
لا يمكن لثقافة مهما امتلك أصحابها من قوة النفوذ والسيطرة أن تستمر في الوعي الإنساني بدون أن تخلد ذاتها من طريقة تعاطيها مع الوجود الإجتماعي كمعطي فاعل يجسد هذا النشاط ويقويه , ورفده بطاقة العبور نحو المستقبل الإنساني . فالتطور الوحيد الجانب سينتهي عند يعمل الجانب الآخر بوعي فاعل ومؤثر في طريقة التعاطي مع التطور بالجانب الأحادي ومهما بلغ التطور والحضاري المرتبط بواقع البشرية من قوة التأثير والسيطرة ستتغير طبيعة ومحتوى بنيته عندما تصل النساء إلى الحد القادر والمؤثر في الحضارة البشرية , ستعلن المرأة وبشكل واضح أن الحضارة القائمة هي حضارة الذكور , والتيار الجديد سيتغير لأن الجانب الأنثوي أدرك ماهية الانحراف والتضليل في بناءه المعتمد على العقل المرتبط بطريقة ترتيبه وصياغته , عقل قاصر عن إجراء ما يلزم لبقاء الوجود منسجم مع ذاته لأن الطرف الآخر مغيب من هذا الوجود وبعد إدراج وعيه وسلوكه وتأثيره كطرف مساوٍ في الحقوق والواجبات سيتغير مجرى التاريخ الحضاري للبشر .
يمكن من خلال تبادل التأثير العالمي الوصول إلى وعي نسائي قادر للدخول كشريك فاعل في بناء الحضارة وعندما يصطدم بالمخلفات السلبية الموروثة من عصور لا علاقة للنساء بتكوينها سيتم نفيها من الوجود بالرغم من قوة هذا التجذر, لن تقف النساء بعد إدراكهن ضرورة إجراء تغيير في البناء الثقافي البشري حتى يتساوى البناء بالتأثير الثقافي والحضاري بين الجنسين وسيبقى النضال جاريا بكافة الوسائل المتاحة حتى تتحقق القواعد اللازمة بالمشاركة الفعلية للنساء في النشاط الإنساني وإلغاء كافة المفاهيم المؤثرة على النشاط الأنثوي واتهامه بالعجز والضعف في اتخاذ مواقف مساوية لمواقف الذكور مهما ادعوا بأن البنية الجسدية غير مؤهلة ومهما كان الاعتقاد عن طبيعة المرأة الجنسية ستدخل الوجود بفاعلية نشيطة ومشاركة حقيقية في جميع النشاطات الخاصة بالطبيعة الذكرية لأن المرأة هي ضحية الاعتداء دائما من خلال التضليل الجاري على وعي الذكور أنفسهم بالوهم المرفق بأن المرأة سبب الإغواء الوحيد . فبناء القواعد والأسس الحقوقية المتكافئة يمكن وضعها كإطار تعاملي بين الجنسين ومهما كانت طبيعة المنع لإلغاء مشاركة النساء والحد من ربط مسؤولية الأخطاء الناتجة عن التطور الفردي للتاريخ بالجانب المهيمن فقط , يمكن وقف الاعتداء على واقع النساء بالتركيز على ثقافة المساواة عندها نصل إلى قوانين قادرة على ربط الأسباب بمسبباتها الحقيقية وتحميل الطرف المعتدي مسؤولية الأخطاء فيلتغي الواقع المبرمج على إلغاء حقوق النساء في العالم .