الأسود يليق بك!



محمد مسافير
2017 / 9 / 23

أدركت متأخرة علاقة زوجها بإحدى زميلات الشغل، نبهته ولم يتنبه، أخذه الهوى عن واجبات البيت والفراش، أخذت رقم هاتف العشيقة، اتصلت بها برقم مجهول، هددتها بالقتل دون توضيح القصد، لم ترد أن يعلم زوجها بما أقدمت عليه... هرعت العشيقة مذعورة إلى مركز الشرطة للإبلاغ بأمر التهديد... تحروا في النازلة، تبينوا هوية صاحب التهديد، اعتقلت على حين غرة... أفرج عنها بعد أيام من التحقيق وبعد أن تنازلت العشيقة عن موضوع الدعوى... عادت إلى زوجها، وجدته قد لمَّ أغراضها، طردها من البيت... عادت بعد أسبوع مع أبويها لتطلب الصفح... قبِل الزوج مصالحة مشروطة بتنازلها عن أبسط حقوقها... خاصة المرتبطة بموضوعي مساءلة أو محاسبة الزوج... رضخت لشروط الأسْر، وسلمت يديها للأصفاد ذليلة وضيعة!

إحداهن، علمت أن زوجها قد تزوج غيرها، طبعا بطريقة غير قانونية... انهارت كليا... كان زوجها كما يعلم الجميع، إنسانا طهورا صادقا مواظبا على الصلاة، فكيف يخونها؟ وهل هي حقا خيانة؟ هل ما فعله حرام شرعا أم أنه مجرد جرم قانوني؟ لم تنتظر نتائج البحث عن كل هذه التساؤلات... طعنته بخنجر على قلبه دون مقدمات... أحس بشيء حاد يخترق قفصه الصدري ليستقر في مكان ما، ربما قلبه... هكذا اعتقد أول الأمر... أصيب بالذهول، عجز عن النطق إلا ببعض التأوهات العميقة... أحس بتدفق غزير يغادر جسده... لم يكن يفكر إلا في تلك اللحظة إن كان سيخرج منها سليما أم أنها الأخيرة... خفض بصره لينظر حوله... الحمرة تملأ الأرض... حاول فتح جفنيه لينظر في وجه زوجته للمرة الأخيرة... أحس بهما ثقيلين ذابلين... فجأة خارت قواه... سقط أرضا، وصعدت روحه إلى السماء...
بنى له الله قصورا في الجنة... وأغدقه بحور عين أكعاب، وولدان مخلدون... وحدائق وأعناب، وكأسا دهاق... وعاش منعما أبد الدهر...
يا أختي... لا تقتليه إن خانك مع واحدة أو اثنتين، فالله قد وعده بالمئات منهن... اصبري وصابري ورابطي..

في الآونة الأخيرة، استطاعت إحدى صديقاتي كشف خيانة زوجها، وجدته بأحضان أخرى، حالها جمعت أغراضها وغادرته إلى بيت أبيها ملحة على الطلاق، وكان زوجها يتردد "بلا حياء ولا حشمة" عليها علها تعدل عن قرارها فترجع أدراجها إلى أحضانه... أصرت على الطلاق وامتنعت عن محادثته...
وبينما هي واقعة في زوبعة الخلاف الزوجي الذي أثر بشكل حاد في نفسيتها وعلاقاتها الاجتماعية والمهنية، جاءها قرار الطرد من العمل الذي تزاوله، حيث كانت تشتغل أستاذة بإحدى المؤسسات الخصوصية، ودون أن تبدي أي اعتراض أو محاججة، تقبلت الأمر وآثرت الاستقرار في البيت حتى تقضي في أمر طلاقها...
لكن الأمور تعقدت أكثر فيما بعد، حيث أرغمها أبوها بإيعاز من الأم أيضا، بالعدول عن قرارها والعودة إلى بيت زوجها، مبررين الأمر بحجة أن المطلقة لن تتزوج ثانية، لم تقتنع بالحجة، لكنها عادت مرغمة إلى بيت زوجها بعد أن خيرها أبواها بين السخط والرضى، عادت وهي تواري في نفسها ثباتا على موقف الطلاق وقتما وجدت عملا يعيلها ويخلصها من احتمال العودة إلى بيت أبيها الذي لا يقدر إطلاقا إحساس الأنثى، هي وحيدة حديثة الزواج، ليس لها أبناء، فقالت لي والدمع يتقطر ثقيلا من مقلتيها:
- إنها فرصة الفرار من مخالب زوج خائن، سأفعلها وأنا غير مثقلة بالأولاد، خانني أول العمر، فكيف لا يفعلها بعد أن تطول العشرة وتجمعنا الذرية!
منع عنها صديقها الفايسبوك والواتساب، وهو الذي لم يسبق له أن رآها، تعارفا قبل سنتين عبر الهاتف، اتفقا على الزواج وعلى تفاصيله دون أن يلتقيا، أرسل لها صوره، وامتنعت هي عن فعل ذلك، وربما ذلك ما زاده تعلقا بها!
أصبح، ومنذ مدة، يتدخل في الصغيرة والكبيرة في حياتها، يسألها المشورة، وحين تشاوره، يرفض، وتمتثل دون مقاومة، حتى صديقاتها كفت عن زيارتهن إلا نادرا...
أحبته، وربما أحبها، أحاطته بثقة عمياء، ربما لفرطها في السن، أو ربما هي من عمائل الحب... لا أدري..
مؤخرا، دخلت الفايس باسم غير إسمها، فراسلت حسابه، راسلته ليس رغبة في اختبار وفائه، كانت متيقنة من أنه سيصدها، لن يكثرت لاسم لا يعرفه...
لكن عاقبة فعلها كانت دون توقعها، لقد رحب برسالتها، استدرجته في الحديث والدمع ينسكب حارا من مقلتيها، وكان يرد عليها بنهم... ودون مماطلة...
لقد أنكر للاسم المفترض تعلقه بها، بدأت تسأل نفسها وتلعن سذاجتها: لماذا منعني أنا من إنشاء حساب فايسبوكي؟
أدركت خيانته، لكنها لا تزال مترددة حياله، كيف تصارحه...وقد تخسر الزوج المحتمل الوحيد...
أبقت السر في طي الكتمان، وارتقبت موعد الزواج!!