ظل امرأة ثائرة



عدوية السوالمة
2017 / 10 / 4

ظل امرأة ثائرة
حياة غير مكتملة النضوج تحياها المرأة العربية في صراعها بين النضوج المتاح في صورة التعليم والتمكين الاقتصادي , وبين عدم النضوج في صورة عدم الانسجام مع متطلبات تحقيق الذات الذي فرضه متغيرا التعليم والتمكين .
صراعات غير منتهية مع الزوج , الأسرة , الأسرة الموسعة , الذات . صراعات يؤججها الدور القديم الملتزمة به كزوجة وأم وابنة صالحة . والدور الجديد كموظفة منتجة قادرة على اعالة الأبناء والذات والزوج . فهي ادوار جديدة لم تكن مدرجة اصلا لتقوم بها النساء, ولم تسع المنظومة القيمية المجتمعية لتعديل الادوار القديمة الثابتة او على الاقل تمنح الجديد قبول معلن يخفف من وطأة قلق الانصهار في ادوار بلا شرعية اجتماعية معلنة تطال تعديل الدور للمرأة والرجل معا .
ان شئتم الواقع هي ذات الصراعات المؤججة لدى الرجل بصورتها الخاصة بافرازات هذه الحقبة الزمنية الغنية بمختلف التناقضات والانكسارات الحياتية المتنوعة .
كلاهما يجد نفسه في ظروف لم يتدرب على خوضها , فقد خلقا بأدوار ثابتة واضحة خطها لهما مجتمع وسم بالمغلق والمحافظ لايستطيع الهرب من حتمية هذا الانغلاق بدون أي اسباب منطقية واقعية .
الظروف الحياتية الجديدة داخل الاسرة تعلن ضرورة الانصياع الجاد لمفهوم الشراكة بين طرفي العلاقة إلا أن ما يحصل هو محاولات التفاف من قبل الرجل على احترام شروط ومقومات هذه الشراكة , بدعم الأسرة الموسعة لكلا الطرفين , محاولا التماهي مع مفاهيم الذات المتوقعة في بحثه عن الانسجام النفسي مع واقع لايملك أدوات التوافق معه فهو ابن ذلك المجتمع الذي اراح نفسه من التفكير والمواءمة بحجة كل التابوهات والمحرمات التي حد نفسه بها .
الجفاء الحاصل في الكثير من الحالات يعكس عدم القدرة على المواجهة الصحيحة لاشكاليات ولدت مع الظروف الحياتية الجديدة بحيث تم تهميش دور الرجل التقليدي عمليا . ذلك الدور القائم على الانفاق والحماية . ولم يعد بالامكان الزام المرأة بدور الخادمة المطيعة . فهي عمليا شريكة فعلية في ادارة الحياة العائلية طالما أنها منتجة ماديا اضافة الى قيامها بدورها المحدد اجتماعيا.
الثائرات على دور العبودية الممنوح لهن أدركن أنه حق حازته المرأة العاملة بجدارة . هناك اثبات قدرة في مواقع العمل وفي المنزل مع الابناء .أما عن الحماية فهو دور تقوم به الدولة تجاه أبنائها الذكور والاناث وليس دورا موكلا لأي منهما .
الاشكاليات الحاصلة بسبب اختفاء او بروز مهام شكلت ازمة للكثيرين بسبب عدم القدرة على التعرف على طبيعة الوظيفة التي يقوم بها كليهما لذا نجد أنه لابد من شرعنة فعلية لهذه الشراكة التي تفرض نفسها بعيدا عن صراع السيطرة .
التغييرات الحاصلة انتجت اسلوب تعبيري لدى بعض النساء يتسم بالفجاجة التعبيرية المتبعة كأسلوب تخاطب جديد والذي تعتمده بهدف تأكيد ذاتها في حين أنه منبئ جيد عن عدم اتزان نفسي واحساس بالقلق الناجم عن عدم القدرة على الاحساس بالأمان مع دورها الجديد الغير وارد في الطقوس الاجتماعية التي ورثتها , اذ لابد أن يرد شيء بهذا الخصوص ينقل عبر طقوس جديدة ليصبح بالنسبة لها ايقونة تحميها من قلق مواجهة الجديد. ما زلنا نرى تلك الدفاعات غير الآمنة لدى المرأة وما زلنا نرى نسب اكتئاب عالية لديها وعدم قدرة على الوثوق بنجاحاتها التي يحاول اغلب من حولها اشعارها بالذنب والتخلي عن الاسرة لصالح العمل.وتبقى نساؤنا ثائرات بظل مخنوق وتعيس .