قانون الأحوال الشخصيةالعراقي . تعديل، وتعليق.



قحطان محمد صالح الهيتي
2017 / 11 / 5

قانون الأحوال الشخصية
تعديل وتعليق
-
تمهيد
ــــــــــ
من أول مصائب الاحتلال، وقبل أن يُشرّع الدستور تم الغاء وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، واستحداث ثلاثة دواوين للوقف : الأول الشيعي، والثاني السني، والثالث للديانات الأخرى ، وبعد أن شُرّع الدستور(المفخخ) كرس هذا النفس الطائفي المقيت في مؤسسات الدولة وإداراتها وفي جميع هيئاتها.
-
واستنادا لدستور عام 2005، صدرت بعض القوانين، وسعى البعض ممن يهدفون لتحقيق غايات شخصية أو خدمة أجندات خارجية الى تشريع أو تعديل القوانين التي توصلهم الى غاياتهم. وآخر (منجزات) مجلس نوابنا هو التصويت من حيث المبدأ على مشروع قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 (المعدل) والذي كرس هذا النهج الطائفي حين ذكر صراحة (المذهبين الشيعي والسني) في نص قانوني، عندما الزم المحاكم بالرجوع الى دواوين الأوقاف لبيان رأيها في الدعاوى الشرعية، وبهذا أخذ التعديل القلم من القاضي ووضعه بيد رجل الدين؛ من أجل تلبية رغبات الساعين إلى إقراره لا حبا بدينهم، بل بما يشبع رغباتهم الشهوانية، وبما يخدم ذكوريتهم في فراش الزوجية.
-
ولابد لنا، وقبل الدخول في تفاصيل التعديل المقترح أن نُعرّف بالقانون النافذ الذي شرع قبل (58) سنة خلت، ويعد واحدا من أفضل قوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية والإسلامية. والقانون مكون من 94 مادة، تضمنت الأحوال الشخصية في الزواج والطلاق والوصية والميراث.
-
عندما شرّع القانون رقم 188 بعد عام واحد من ثورة 14 تموز، لم تكن الأحكام الشرعية للأحوال الشخصية قد شرعت في قانون واحد يجمع من أقوال الفقهاء ما هو المتفق عليه؛ فكان هذا دافعا للتفكير بوضع قانون يجمع فيه أهم الأحكام الشرعية المتفق عليها. ويكون أساسا لإقامة بناء العائلة العراقية، ويكفل استقرار الأوضاع فيها، ويضمن للمرأة حقوقها الشرعية واستقلالها العائلي.
-
وفيما يتعلق بتعدد الزوجات اعتمد القانون مذهبا منع بموجبه الزواج بأكثر من واحدة إلا بأذن القاضي، ويشترط لإعطاء الأذن ان تكون للزوج كفاية مالية لإعالة ما زاد على واحدة، وان تكون هناك مصلحة مشروعة، ومنعت الزواج بأكثر من واحدة إذا خِيف َعدم العدل، وتركت ذلك لتقدير القاضي. كما أنها نصت على عقوبة الحبس لمدة سنة او بالغرامة مائة دينار على من يخالف ذلك.
-
وفي أحكام الطلاق أخذ القانون بما هو متفق عليه من لزوم إيقاع الطلاق بصيغته الشرعية، ولم يعتبر الطلاق المقترن بلفظ (الثلاث) إلا طلقة واحدة، وشرع التفريق بين الزوجين من اجل العلل والشقاق والضرر والامتناع عن الإنفاق لمنع التعسف من جانب الزوج في استعمال حقه في الطلاق.
-
وفي الحضانة أجاز للقاضي ان يأذن بتمديد مدة الحضانة إذا تبين ان مصلحة الصغير تقضي بذلك، وهو ما أخذت به التشريعات في البلاد الإسلامية وافتيَ به أخيرا، واعتبر القانون استمرار الولد في طلب العلم موجبا للنفقة، وراعى الانسجام بين أحكام القانون المدني في الوصية وبين ما ورد فيه، كما نظم القانون أحكام الميراث بما يتفق ومصلحة الورثة وحسبما ورد بأحكامه الشرعية.
-
مشروع قانون التعديل
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
تضمن مشروع قانون التعديل الذي استند في إصداره الى أحكام الفقرة (أ) من البند (أولاً) من المادة (2)، والبند (أولاً) من المادة (61)، والمادة (41)، والبند (ثالثاً) من المادة (73) من الدستور (10) مواد تمت بموجبها إضافة بنود جديدة لبعض المواد، وإلغاء بعض البنود.
-
وحيث أن مشروع القانون استند الى المادة (41) من الدستور، وأضاف مادة جديدة الى أصل القانون وجعلها المادة (الخامسة والتسعون) قضت بـ (لا يحكم بمخالفة أي من مواد هذا القانون او بنوده او فقراته لثوابت أحكام الإسلام إلا إذا صوّت على مخالفته اغلبيه خبراء الفقه الإسلامي من أعضاء المحكمة الاتحادية). فلا بد من بيان ماهي ثوابت أحكام الإسلام فيما يتعلق بزواج البنات في الشريعة الإسلامية والتي أثارت جدلا واسعا بين مؤيد للتعديلات وبين معارض لها نود أن نبين ما يأتي بهذا الصدد فضلا عن الميراث الخاص بالزوجة عند الشيعة:
-
أولا: سن الزواج في الشريعة الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليس للزواج سنّ معين في الشريعة الإسلامية،فيصح إجراء عقد الزواج حتى للرضيع أو الرضيعة، كما يصح بالنسبة للمُسنّ مهما تقدم به العمر رجلاً كان أو امرأة. أما الدخول بها (وطؤها) فغيرُ جائز قبل ان تُكمل التاسعة من عمرها؛ فقد ورد في صحيحة الحلبي عن الإمام جعفر الصادق قال: "اذا تزوج الرجل الجارية وهي صغيرة فلا يدخل بها حتى يأتي لها تسع سنين{ الحر العاملي: تفصيل وسائل الشيعة ج20 ص101/ حديث رقم 25142.}
-
ويقول الخميني في كتابه{ تحرير الوسيلة، ص241 مسالة رقم 12} :"لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين ، دواماً كان النكاح أو منقطعاً ، وأما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ فلا بأس بها حتى في الرضيعة ،ولو وطأها قبل التسع ولم يفضها لم يترتب عليه شيء غير الإثم على الأقوى ... الخ..
-
هذا ما اجمع عليه علماء الشيعة، لكن بعض فقهاء السنة، اعتبروا قدرة البنت على تحمّل الممارسة الجنسية هي المدار وليس سناً معيناً؛ فقد جاء في المغني لابن قدامة:" وإمكان الوطء في الصغيرة معتبر بحالها واحتمالها لذلك. قاله القاضي. وذكر أنهن يختلفن، فقد تكون صغيرة السن تصلح، وكبيرة لا تصلح. وحده أحمد بتسع سنين، فقال في رواية أبي الحارث في الصغيرة يطلبها زوجها: فإن أتى عليها تسع سنين، دفعت إليه، ليس لهم أن يحبسوها بعد التسع. وذهب في ذلك إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم بنى بعائشة وهي ابنة تسع "{ ابن قدامة: المغني ج8 ص78}.
-
وأجمع فقهاء المسلمين على جواز تزويج الأب بنته البكر الصغيرة حسب (حديث زواج السيدة عائشة) {النووي: شرح صحيح مسلم ج9 ص206} كما أعطت الشريعة الإسلامية صلاحية تزويج الصغير للجد للأب، فلا ولاية للأم ولا للجد من طرف الأم، فضلاً عن الإخوان وغيرهم؛ بشرط عدم الضرر،بل ينبغي مراعاة المصلحة فيه.
-
فمسألة جواز الزواج من الصغيرة من المسائل المتفق عليها بين الشيعة والسنّة إلا بعض السنّة وهم :(ابن شبرمة وأبو بكر الأصم وعثمان البتّى (فعندهم لا يزوج الصغير والصغيرة حتى يبلغا، لقوله تعالى: (حتى إذا بلغوا النكاح){ سورة النساء: الآية :6.
-
وبموجب عقد الزواج يحق لكل واحد من الزوجين الاستمتاع بالآخر على الوجه المشروع؛ فبه إباحة الاستمتاع بالمرأة بالوطء والمباشرة والتقبيل، والضم وغير ذلك، إذا كانت المرأة غير محرم بنسب أو رضاع أو مصاهرة. عليه فمشروع قانون التعديل – وعلى وفق ما بيناه في أعلاه - يبيح العقد على الصغيرة قبل بلوغها التاسعة من عمرها وعند بلوغها التاسعة يجوز تزويجها من قبل أبيها أو جدها عند عدم وجود الأب.
-
ثانيا: الميراث
ـــــــــــــــــــ
إذا ما تم إقرار التعديل وحسب روايات المذهب الشيعي- فإن «النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئاً»؛ فقد بوّب الكليني باباً مستقلاً في الكافي بعنوان: (إنّ النساء لا يرثن من العقار شيئاً) ، روى فيه عن أبي جعفر قوله : « النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئاً » (انظر : « فروع الكافي » للكليني (7 / 127) .) .
وروى الطوسي في التهذيب (9 / 254.) عن ميسر قوله: «سألت أبا عبد الله عليه السلام عن النساء ما لهن من الميراث؟! فقال: لهن قيمة الطوب والبناء والخشب والقصب، فأما الأرض والعقار فلا ميراث لهن فيهما».
وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: «النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئاً » .
وعن عبد الملك بن أعين عن أحدهما عليهما السلام قال: « ليس للنساء من الدور والعقار شيئاً » . وليس في هذه الروايات تخصيص أو تقييد ، لا لفاطمة « رضي الله عنها » ولا غيرها . وعلى هذا فإنه لا حق لفاطمة «رضي الله عنها » أن تطالب بميراث رسول الله ﷺ.
-
وفي أدناه البنود التي تمت إضافاتها والتي تم تعديلها والتي تم الغاؤها:
-
ثالثا: التعديلات المقترحة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولا: المادة الأولى: يضاف ما يلي إلى آخر المادة الثانية من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل ويكون البند (3) لها:
أ. يجوز للمسلمين الخاضعين لأحكام هذا القانون تقديم طلب إلى محكمة الأحوال الشخصية المختصة، لتطبيق الأحكام الشرعية للأحوال الشخصية وفق المذهب الذي يتبعونه.
ب. تلتزم المحكمة المختصة بالنسبة للأشخاص الوارد ذكرهم في الفقرة (أ) من هذا البند عند إصدار قراراتها في جميع المسائل التي تناولتها نصوص قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل وغيرها من المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية، بإتباع ما يصدر عن المجمع العلمي في ديوان الوقف الشيعي، والمجلس العلمي والإفتائي في ديوان الوقف السني، وتبعاً لمذهب الزوج، ويصح أن يكون سبباً للحكم.
ج. يلتزم المجلس العلمي في ديوان الوقف الشيعي بإجابة المحكمة عن استيضاحاتها، وفقاً للمشهور من الفقه الشيعي وفتاوى الفقهاء الأعلام، وعند عدم الشهرة يؤخذ برأي (المرجع الديني الأعلى) الذي يرجع اليه في التقليد أكثر الشيعة في العراق من فقهاء النجف الأشرف.
د. يلتزم المجلس العلمي والإفتائي في ديوان الوقف السني بإجابة المحكمة عن استيضاحاتها، وفقاً للمشهور من الفقه السني.
-
التعليق
ــــــــــ
1.أجازت الفقرة (أ) من هذه المادة للمسلمين أن يقدموا طلبا الى محكمة الأحوال الشخصية المختصة لتطبيق الأحكام الشرعية للأحوال الشخصية وفق المذهب الذي يتبعونه. وهنا الأمر (جوازي) ومتروك لمن يريد ذلك، ولمن لا يرغب بذلك يتم الفصل في قضيته على وفق أحكام القانون النافذ، ولكن هل يمكن أن يتفق الطرفان المتنازعان (الزوج والزوجة) على التقاضي أمام المحكمة على وفق القانون بعد التعديل، أو على وفقه قبل التعديل؟ قلت (الطرفان المتنازعان) وهذا يعني وجود خصومة بينهما، حيثما وجدت الخصومة وجدت أساليب البحث عما يحقق الحكم العادل من منظور المتخاصمين.
2.ان مجرد ذكر عبارة (وفق المذهب الذي يتبعونه)، هو إثارة للطائفية والفرقة والتمييز. إن العراقيين اليوم بحاجة الى مصالحة وطنية توحد الصفوف بعد تحرير الوطن من تنظيم داعش لا إلى تعديل يزرع الفتنة ويشق الصفوف؛ فكان على من سعى الى هذا التعديل أن يسعى الى إقرار القوانين المهمة مثل قانون النفط والغاز وقانون المحكمة الاتحادية وقانون الخدمة العامة.
3.وبصدد الفقرة (ب) نقول: إن إلزام المحكمة المختصة عند إصدار قراراتها في جميع المسائل التي تناولتها نصوص قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل وغيرها من المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية، بإتباع ما يصدر عن المجمع العلمي في ديوان الوقف الشيعي، والمجلس العلمي والإفتائي في ديوان الوقف السني، وتبعاً لمذهب الزوج. يعد خرقا دستوريا فاضحا فيما يتعلق بالفصل بين السلطات؛ فهو بهذا النص الزم المحكمة (سلطة قضائية) بوجوب إتباع ما يصدر عن جهتين مرتبطين بمؤسستين تنفيذيتين هما: الوقف الشيعي والسني (سلطة تنفيذية) وهذا ما يجعل قرارات المحاكم عرضة للطعن أمام المحكمة الاتحادية العليا.
4.أما ما يتعلق بالفقرة (ج)؛ فكلنا يعرف بأن المذاهب تضم فرقاً متعددة حسب المراجع او الأئمة التي يتبعونها؛ فمن أي فريق من فرق المذهب يأخذ المجمع العلمي الشيعي بالمشهور؟ وعند عدم وجود المشهور فأي المراجع المعروفة لدى المذهب الشيعي تعد الأكثر تقليدا؟ وهل يضمن المجمع العلمي مقلّدي المراجع الأخرى تنفيذ حكم المرجع الذي لا يقلدونه إذا ما تم الاتفاق على المرجع الأكثر تقليدا؟
5. ونورد على الفقرة (د) الخاصة بالتزام المجلس العلمي والإفتائي في ديوان الوقف السني بإجابة المحكمة عن استيضاحاتها، وفقا للمشهور من الفقه السني، ونسأل: ما هو القرار أو الحكم عندما لا يكون هناك مشهور في الفقه السني في القضية المعروضة أمام المحكمة؟
6.إذا ما طلبت الزوجة (الشيعية) من محكمة الأحوال الشخصية المختصة تطبيق الأحكام الشرعية للأحوال الشخصية في قضية شرعية على زوجها (السني)، على وفق المذهب الذي تتبعه وهو (الشيعي)، وطلب الزوج إصدار الحكم على وفق مذهبه (السني)، وجاء الى المحكمة رأيان أحدهما من المجمع العلمي في الوقف الشيعي، والآخر من المجلس الإفتائي في الوقف السني، على وفق أي رد ستحكم المحكمة؟ وما هو موقف محكمة التمييز عند الطعن به من قبل أحد الخصوم وتأييدها للحكم الصادر الذي سيتفق مع رأي مذهب ويخالف آخر، أو يؤيد رأي مرجعية ويخالف رأي مرجعية أخر؟ وهل سترضى المرجعيات والمُفتون بقرار مثل هذا؟
-
ثانيا: المادة الثانية: يضاف ما يأتي إلى آخر المادة الثانية من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل ويكون البند (4) لها:
4. تعد عقود الزواج السابقة على نفاذ هذا القانون، قد تم إبرامها وفقاً للمذهب الشيعي إذا تضمنت حجة الزواج عبارة (عند المطالبة والميسرة) بشأن استحقاق المهر المؤجل، ما لم يثبت العكس.
-
التعليق
ــــــــــ
لا نعرف ما الغاية المتوخاة من إضافة هذا البند الذي لا يوجد ما يعززه شرعا وقانونا، وما هو حكم العقود التي ورد بها تحديد لمدة محددة تلزم الزوج في خلالها على دفع المهر المؤجل؛ فهل يعد مثل هذا العقد مبرما على وفق مذهب غير شيعي؟
وما الحكم إذا كانت الزوجة (شيعية) والزوج (سنيا) يوجب مذهبه دفع المهر المؤجل عند حلول أقرب الأجلين، ولكنه نزل عند رغبة زوجته فكتبه بعد مضي مدة محددة قبل صدور نفاذ قانون التعديل هذا؟
-
ثالثا: المادة الثالثة: يلغى نص البند (5) من المادة العاشرة من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل ويحل محله ما يأتي:
5- يجوز إبرام عقد الزواج لأتباع المذهبين (الشيعي والسني) كل وفقاً لمذهبه، من قبل من يجيز فقهاء ذلك المذهب إبرامه للعقد بعد التأكد من توافر أركان العقد وشروطه وانتفاء الموانع في الزوجين، على أن يجري تصديق العقد لدى محكمة الأحوال الشخصية خلال فترة لا تزيد على (60) ستين يوماً من تاريخ إبرامه.
-
التعليق
ــــــــــــ
إن هذا التعديل يلغي العقوبة المفروضة حاليا على أجراء الزواج خارج المحكمة، وما يؤاخذ على هذا التعديل أنه حدد مدة لا تزيد على (60) يوما لتصديق العقود المبرمة من قبل رجل الدين خارج المحكمة، دون أن يقرر مصير العقود التي لم تصدق في خلال المدة المذكورة، ولا مصير العقود التي عقدت قبل نفاذ التعديل ولم تصدق في المحكمة ومضت عليها مدة تزيد على (60) يوما، فهل تعد تلك العقود باطلة، ويعد كل ما بني عليها باطلا؟ فضلا عن أن التعديل لم يقرر أية عقوبة على من لم يصدق عقده في خلالها، وهل أن العقوبة تشمل كلا الزوجين؟ أم أنها تفرض على الزوج(الرجل) دون الزوج (المرأة)؟
-
رابعا: المادة الرابعة: يضاف إلى آخر المادة السادسة من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل ما يأتي، ويكون البند (5) لها:
5- يجوز للزوجة أن تشترط على الزوج في عقد الزواج أن تكون وكيلة عنه في طلاق نفسها متى أخل بحقوقها الزوجية من النفقة وحسن المعاشرة.
-
التعليق
ـــــــــــ
إن قانون الأحوال الشخصية النافذ أعطى للزوجة الحق في التفريق بسبب الهجر وبسبب الضرر، وعند إثباتها ذلك بالبينة والدليل يفرق القاضي بينها وبين زوجها مع احتفاظها بحقوقها الشرعية والقانونية كافة. وإذا ما كان الهدف من وراء هذا التعديل إعطاء المرأة الحق في تطليق نفسها حفاظا على كرامتها وخلاصا لها من تعسف الزوج واضطهاده لها، فكان عليه إلا يذكر (تشترط) لأن اشتراط الزوجة عند العقد أن يكون الطلاق بيدها باطل لا يصح عند أكثر فقهاء السنة لأنه مخالف لمقتضى العقد، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى قال: ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)) {النساء:34}، والطلاق فرع عن جعل القوامة للرجل، وبالتالي فإن الطلاق في الأصل هو من حق الرجل.
وذهب الأحناف إلى جوازه إذا ابتدأت به المرأة فقالت: زوجتُ نفسي منك على أن يكون أمري بيدي أطلق نفسي كلما شئت، فقال الزوج: قبلت.. ويكون أمرها بيدها.
أما لو بدأ الزوج فقال: تزوجتك على أن أمرك بيدك فإنه يصح النكاح ولا يكون أمرها بيدها لأن التفويض وقع قبل الزواج.
وقال المالكية: لو شرطت المرأة عند النكاح أن أمرها بيدها متى أحبت، فهذا العقد مفسوخ إن لم يدخل بها، وإن كان قد دخل بها ثبت النكاح ولها صداق المثل، وألغي الشرط فلا يعمل به لأنه شرط مخل.
وأما تفويض الزوج لزوجته أن تطلق نفسها بعد العقد فأكثر الفقهاء مع جوازه، ونقل الإجماع على ذلك، ثم اختلفوا فيما إذا فوضها هل يتقيد ذلك بمجلس التفويض فقط فلو طلقت نفسها بعد ذلك لم يقع أم أن ذلك يكون على التأبيد ما لم يرجع الزوج؟
فقال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي: هو مقصور على المجلس، ولا طلاق لها بعد مفارقته، لأنه تخيير لها، فكان مقصوراً على المجلس كقوله: اختاري. وأما الحنابلة فقد جعلوا ذلك الحق لها على التأبيد ما لم يرجع الزوج، أو يطأها؛ فقد قال ابن قدامة في كتابه «المغني» بالنص: "ومتى جعل أمر امرأته بيدها، فهو بيدها أبداً لا يتقيد بذلك المجلس".
والمشهور عند الشيعة، أنّه يصحّ توكيل الزوجة في طلاق نفسها، ولكنّ الشيخ الطوسي في كتابه "المبسوط" خالف ذلك، وقال: "وإن أراد أن يجعل الأمر إليها، فعندنا لا يجوز على الصّحيح من المذهب، وفي أصحابنا من أجازه".
ويرى بعض فقهاء الشيعة بأنه: يصحّ للزّوج أن يوكّل الزّوجة بطلاق نفسها.وفي السّياق ذاته، ذكر بعض الفقهاء جواز أن (تشترط) الزّوجة في العقد أن تكون وكيلة عنه في الطّلاق، فيحقّ لها أن تطلّق نفسها بالوكالة عنه، ففي "تحرير الوسيلة"، يرى الإمام الخميني أنّه يجوز أن يوكّلها على أنّه لو طال سفره أزيد من ثلاثة شهور مثلاً، أو سامح في إنفاقها أزيد من المتعارف، طلّقت نفسها، لكن بشرط أن يكون الشّرط قيداً للموكل فيه، لا تعليقاً في الوكالة.
وفي "منهاج الصّالحين" للسيّد الخوئي يذهب إلى أنّه يجوز أن تشترط الوكالة على طلاق نفسها عند ارتكابه بعض الأمور، من سفر طويل أو جريمة موجبة لحبسه، أو غير ذلك، فتكون حينئذٍ وكيلةً على طلاق نفسها ولا يجوز له عزلها، فإذا طلّقت نفسها صحّ طلاقها.
-
بعد هذا العرض الموجز لحق الزوجة في أن تشترط على الزوج في عقد الزواج أن تكون وكيلة عنه في طلاق نفسها متى أخل بحقوقها الزوجية من النفقة وحسن المعاشرة. نسأل:
(‌أ)هل الحقوق الزوجية نفقة وحسن معاشرة فقط ليحصرها المشرع بهذا المفهوم؟
(‌ب)وما المقصود بحسن المعاشرة، هل هو هجرها في فراش الزوجية، وإلحاق الضرر بها؟ فإن كان هذا هو المفهوم فقد أعطى القانون النافذ الحق لها في أن تطلب التفريق بعد أثبات الهجر والضرر بالبينة.
(‌ج)وهل يكفي سفر الزوج لمدة تزيد على ثلاثة أشهر لتطلق الزوجة نفسها من زوجها؟ وهل تكفي هذه المدة لهدم كيان أسرة؟
(‌د)وما حكم المحكمة إذا كان الزوج (سنيا) واشترطت الزوجة(الشيعية) هذا الشرط في عقد زواجها، أو بالعكس؟
-
خامسا: المادة الخامسة: يلغى نص البند (أ) من المادة التاسعة من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل، ويحل محله ما يأتي:
أ-لا يحق لأي من الأقارب أو الأغيار إكراه أي شخص ذكراً كان أم أنثى على الزواج دون رضاه، ويعتبر عقد الزواج بالإكراه باطلاً ما لم يلحقه الرضا، كما لا يحق لأي من الأقارب أو الأغيار منع من كان أهلاً للزواج بموجب أحكام هذا القانون من الزواج.
-
التعليق
ــــــــــ
لم يختلف هذا النص عما هو وارد في القانون النافذ سوى استبدال عبارة (إذا لم يتم الدخول) بعبارة (ما لم يلحقه الرضا). ونبين بأن النص بصيغته الحالية ممكنة التحقق، ومعاقبة مرتكب فعل الإكراه، ولكن كيف يمكن إثبات عنصر الرضا من عدمه، وهل للمُكره وبالأخص إذا ما كانت فتاة أن تبدي عدم رضاها دون خوف ممن أكرهها على الزواج؟ ومَن تخاف من هذا لا تستطيع تقديم شكوى قضائية ضد من أجبرها على الزواج. فموضوع الرضا اللاحق من حيث الإثبات أمر لا يمكن إثباته وأن التعديل لا قيمة له.
-
سادسا: المادة السادسة: يلغى نص البند(أ) من المادة الرابعة والعشرين من قانون الأجوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 ويحل محله ما يأتي:
‌أ. تعتبر نفقة الزوجة غير الناشر دينا في ذمة زوجها من وقت امتناعه عن الإنفاق عليها.
-
التعليق
ـــــــــ
في هذا التعديل أنصاف للمرأة من حيث استحقاقها للنفقة لأن البند الحالي نص على:" تعتبر نفقة الزوجة غير الناشز دينا في ذمة زوجها عن مدة لا تزيد على سنة واحدة من وقت امتناعه عن الاتفاق عليها"
-
سابعا: المادة السابعة: يلغى نص البند (3) من المادة السادسة والعشرين من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل، ويحل محله ما يأتي:
2. يحق للزوج إسكان أبويه أو أحدهما مع زوجته وليس للزوجة حق الاعتراض على ذلك مالم تتضرر به.
-
التعليق
ــــــــــــ
أعطى التعديل المقترح (الحق) للزوج في إسكان أبويه مع زوجته ...في حين أن البند المراد إلغاؤه كان ملزما للزوج؛ فقد كان نصه" (على) الزوج إسكان أبويه او أحدهما مع زوجته في دار الزوجية، وليس للزوجة الاعتراض على ذلك". وهذا ما سيسمح لبعض الأبناء من عدم إسكان أباءهم معهم وهو أمر مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية التي أكدت على (وبالوالدين إحسانا).
-
ثامنا: المادة الثامنة: يضاف ما يأتي الى قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 (المعدل)، ويكون المادة الخامسة والتسعون منه:
لا يحكم بمخالفة أي من مواد هذا القانون او بنوده او فقراته لثوابت أحكام الإسلام إلا إذا صوّت على مخالفته اغلبيه خبراء الفقه الإسلامي من أعضاء المحكمة الاتحادية.
-
التعليق
ــــــــــ
في رأينا أن هذه المادة المضافة (فخ) وضع في طريق سرعة حسم الدعاوى المعروضة على المحاكم؛ فثوابت أحكام الإسلام ما زالت مثار جدل ونقاش، إلا ما يتعلق منها بالقرآن الكريم والسنة النبوية، أما ما يخص الإجماع فإن فقهاء المسلمين اختلفوا في كل شيء على وفق اجتهادهم ومشاربهم العقائدية وهذا الاختلاف كان رحمة لان فيه أثراء للفكر الإنساني يواكب حاجات المجتمع.
وحيث أن التعديل اشترط تصويت أغلبية خبراء الفقه الإسلامي من أعضاء المحكمة الاتحادية. فإن الأمر سيطول بين استفسار محكمة الموضوع والمحكمة الاتحادية، وبين إقرار أغلبية الخبراء، والذين سوف لا يتفقون على رأي واحد لان مرجعهم الفقهي واللغوي يحتم عليهم الاختلاف، بالتالي يتأخر الحسم، ويكون المدعون والمدعى عليهم ضحايا اختلاف الخبراء الذين ما زال اختلاف أعضاء البرلمان قائما على كيفية اختيارهم. وهل يعني تصويت الأغلبية على ما هو مخالف لأحكام ثوابت الإسلام مانعا للطعن بقرار محاكم الأحوال الشخصية أمام محكمة التمييز الاتحادية كون قرارات المحكمة الاتحادية ملزمة وباتة.
-
تاسعا: المادة التاسعة: لا يعمل بأي نص يتعارض وأحكام هذا القانون.
عاشرا: المادة العاشرة: يعمل بهذا القانون من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
-