الكاتبة صوريا بو عامر من الجزائر/ رستم ابوعمرو مناصر الاول للمرأة العربية



رستم ابوعمرو
2017 / 11 / 16

صراع شباب ضائعة أناه في ركام اللاأنا
مما لا شك فيه ان شبكات التواصل الاجتماعي قد شكلت حيزا كبيرا في حياتنا اليومية مما تكلفنا من وقت نقضيه امام شاشة الكمبيوتر للغوص في بحر الانترنت كل حسب اهتماماته وميولاته ،قكيف لاحد منا اليوم ان لا يملك حسابا على الفيس بوك او صورة على انستغرام او تغريدة على تويتر وغيرها من التطبيقات المستخدمة
وهي التي اصبحت تترجم مستوى التقدم والنهضة لمرتاديها، بحيث انها ساعدت الكثير من مستخدميها في تحقيق الابداع في مختلف المجالات الحياتية وقربت المسافات بين المتواصلين وقوت من اواصرالمحبة والصداقة بينهم ولكن بالمقابل اصبحت تستحوذ على عقول هؤلاء شيئا فشيئا لتاخذ بهم الى ابعد رحلة افتراضية لا يضمن مسافروها طريق العودة، فبعد ان كانت هذه الوسائل تستخدم لتبادل المعارف والترفيه وابراز المواهب اضحت حلبة فيها يتم التسابق لنيل اكبر قدر من الاعجابات والتاثير في الاخرين.
الى هنا الامر لازال عاديا ...

فقد غلبت في السنتين الاخيرتين ظاهرة جعلتني في حالة ذهول واصابتني بالكثير من الحيرة، هذا ما جعلني اتساءل هل ما اراه مجرد مزحة سخيفة من شباب متهور؟ام هي ظاهرة اجتماعية لابد من القاء الضوء عليها والبحث في مسسباتها واستئصال مرض نفسي اضحى ينخر مجتمعاتنا العربية قبل ان يتزايد وينتشر ليصبح واقعا.
لكل منا خلفية حول ما يقدم اليوم على بعض قنوات اليوتيوب من فيديوهات لذكوريعرضون مفاتن انوثة خيالية من خلال مشاهد مثيرة للاشمئزاز ووجوه لشباب اختلطت فيها ملامح نعومة انثى وقسوة رجل،شباب ابى الا ان يمارس دور حواء في الاغراء والدلع ليصطاد معجبيه ويزيد دائرة متابعيه على مستوى الوطن العربي والعالم ككل
فما الذي يدفع بهؤلاء الشباب الى هذا الفعل الشاذ والشنيع والمعيب؟ هل هو اللااتزان النفسي ام محاولة منه الوصول الى الصدارة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتميز بما يعتبر انحطاطا وانحلالا وتعد على القيم والعادات والتقاليد.

بعد تساؤلي الاول والثاني ساضطر للتساؤل للمرة الالف عن دور الاولياء في مراقبة ابنائهم عبر فضاء مغلق شكليا مفتوح ضمنيا على مختلف اوكار الفساد وعدم ملاحقتهم لابنائهم وانتشالهم من وحل الدناءات الموجوين فيه، وعن دور المؤسسات الحكومية بما فيها مراكز العلاج النفسي للاخذ بيد هؤلاء المرضى وعلاجهم، وعن دور الحكومة الرقمية في حجب هذا النوع من المواقع حتى نسعد بما تبقى من ابنائنا الاسوياء ولا ناخذ بهم الى وادي الهلاك ونخسر جيلا كاملا سيتوارث هكدا سلوكات سلبية اذ ما اوقفناه.
لنفترض ان سبب هذه الظاهرة هو التقليد الاعمى لثقافات دخيلة،وممارسات سلبية تضر بافراد المجتمع وتجر بهم الى التهلكة،الم يكن من الاجدر ان ننشئ ابنائنا تنشئة سليمة وتعزيز الثقة بالنفس لدى هؤلاء حتى لا تكن شخصيتهم هشة فتنكسر،اليس من الوعي ان نعطي مساحة لفئة في اوج عطائها للتعبير عن ذاتها وقناعاتها حتى لا تضطر لاثبات الذات بالطريقة الخطا.

فالتنشئة الصحيحة واعطاء الطفل مساحة لتفريغ مكبوتاته يجنبنا تلك التراكمات والضغوطات النفسية التي تحدث كبتا لدى هذا الاخير، والذي يكون غالبا نتاج الاحساس بالفشل وعدم الرضا على نتائج لمواقف ومحطات حياتية مر بها، وعدم اكتساب اهتمام واحاطة الاخرين بدءا بالمؤسسة المصغرة(الاسرة) ينهيها بعدم تكيفه مع اجواء الحياة الاجتماعية، فاحساس الطفل بالتهميش العائلي او في المدرسة ينموويكبر معه الى ان يصير شابا ليترجم في سلوكات غير مرغوبة ،فتظهر عليه علامات اما الانطوائية او العدوانية اوالعنف اوالحقد على الاخر او ان نجده باحثا عن طريقة تعوضه ما ضاع منه في ايام مضت ،فيحاول جذب الانتباه من خلال افعال سلبية من بينها الهروب من ذاته وعدم تقبلها كما هي لاعتباره انها لم تنل ذاك الاعجاب الكافي من الاخرين ويغوص في ذات اخرى لربما يصل لدرجة من الاكتفاء والرضا الداخلي لتجنب الاقصاء الاجتماعي، ولكن للاسف الشديد كل هذه المحاولات تاخذ به الى منعرج الانحراف ،الشذوذ ،الصراع وخطر مواجهة مشنقة حبل تاء التانيث المغلقة.

فالاحاطة النفسية هي السبيل الوحيد لخروج الشاب المتعب نفسيا من متاهة عاشها منذ صباه، فكل من الاسرة والمجتمع لهما تاثيرا واضحا على هذا الاخير، فان اردنا ان نتخلص من ظاهرة مشينة علينا ان نعالج المريض لا ان نعيبه لان هذا العيب ليس بمسؤوليته وحده وانما نتشارك فيها جميعنا.

وما بين التحرك السريع لانقاض فلذات اكبادنا، وبين معاملة الظاهرة باستهتار ولا مبالاة سنظل نشاهد صورلشباب بسمته تحتضر.