الرجل قوي ولكن المرأة أقوى



فوزي بن يونس بن حديد
2017 / 12 / 14

يعتقد كثير من الرجال أنهم أقوى من النساء، قد يكون ذلك صحيحا وظاهرا من الناحية البيولوجية، لأن الرجل بحكم عمله خارج البيت وانهماكه في الحصول على قوت يومه لنفسه وعائلته قد يكتسب عضلات تخوله أن يكون أقوى من المرأة، هذه النظرة السائدة ما زالت طاغية في المجتمعات العربية وفي الدول النامية وحتى المتقدمة في الحقيقة، رغم الدعاوى التي تطلقها الدول الصناعية الكبرى ودفاعها عن حقوق المرأة ومناداتها الدول الأخرى بأن تهتم بالمرأة وشؤونها وإطلاق حريتها، لكن هذه المناداة ظاهرها حسن وباطنها قبيح.
لكن النظرة الواقعية والدينية والحياتية وحتى البدنية ترجّح كفّة المرأة على كفّة الرجل، رغم أنها في نظر الرجل هي الحلقة الأضعف، نعم هي الحلقة الأضعف من ناحية أنه يسهل اغتصابها والاعتداء عليها لأنها غير قادرة على الدفاع عن نفسها في كثير من الحالات، وقد تكون الأضعف أيضا لأنها الأنثى التي تحمل من مجرّد علاقة جنسية قد يقوم بها أيّ ذكر، وتبقى هي الأضعف لأنها ستتحمل المعاناة، معاناة الفضيحة وألم الحمل وربما الإجهاض أو الولادة، وفي الحالة الطبيعية من الزواج لا تهرب من هذه الحالات من آلام الحمل والمخاض والولادة والإرضاع والتربية، وكلها أعمال ووظائف لا يقوم بها الرجل ويعتبر نفسه الأقوى، نعم إنه الأقوى في الحيوانية ولكن الأضعف حتما في الأمور الحياتية الجدية التي تتطلب منه قوّة في النفس وضبطا للأعصاب وتأهيلا في أداء الواجبات.
وعند التحليل يتبين الفرق بين الرجل والمرأة، فمن الناحية البدنية، أثبتت الدراسات أن النساء أطول عمرا من الرجال لا لأن الرجال أكثر عرضة للشمس والحر والبرد من النساء بل لأن النساء تعتريهن حالات من الحيض والنفاس، إذ أن الدم الذي يخرج من الجسم في حالة الحيض كل شهر وإن كان نجسا وهذه طبيعة الدم، فإنه يمنح الجسم نشاطا وحيوية ويجعله يتخلص من السموم والباكتيريا، كما أن دم النفاس يخرج بعد أن تلد المرأة وفي ذلك تنفيس لها وإخراج لكل السموم التي تلعق بعملية الولادة، إضافة إلى ما تتمتع به من قوة فائقة للتحمل والصبر على الألم، فلا تكتفي المرأة بولادة طفل واحد بل تكرر ذلك عدة مرات وأحيانا سنويا، رغم الآلام الشديدة التي تصاحب المخاض والولادة، بينما لا يتحمل الرجل المشهد وهو يرى زوجته تصرخ من الألم وكأن أمعاءه ستقفز من بطنه وسرعان ما يهرب من غرفة العمليات لان القليل منهم من يتحمل، فما بالك بمن يباشر هذه العملية.
زد على ذلك فهي ترضّع الطفل سنتين في أقصى الحالات وتتكون بينها وبين طفلها علاقة حميمة، ويبقى الإرضاع وضخّ اللبن في ثديها لإطعام طفلها آية من آيات الله وقوة تتحملها المرأة وتفتخر بها، وهي مع كل ذلك تتحمل شؤون البيت من تنظيف وغسل وطبخ وغيرها من المهمات، وهي ربما في حالة حمل او في حالة نفاس أو في حالة إرضاع، وقد يكون لديها من الأولاد أكثر من واحد وكلهم محتاجون للرعاية، بينما نجد الرجل يتسكع في المقاهي أو في خرجاته مع زملائه حتى بعد انتهاء عمله.
والعجب في ذلك أن المرأة وهي تؤدي عملها خارج البيت مثلها مثل الرجل اليوم وتتقاضى راتبا، ولكنها تعمل أضعاف ما يقوم به الرجل في حقيقة الأمر، لأنها تعمل سبع ساعات خارج بيتها وأكثر من 10 ساعات داخل بيتها وهي لا ترى في ذلك عوجا، بينما الرجل يستنكف أن يعمل عمل أهل بيته من تنظيف وغسل وطبخ وغير ذلك من الأعمال المنزلية المعروفة، ويفضّل أن يقضي وقته بعيدا عن أسرته ومهماتها وشغب أطفاله بدعوى أنه رجل ويستنقص أمر الرجال الذين يعينون أزواجهم في المنزل.
وإذا جئنا إلى العاطفة، فإن الرجل يسخر من المرأة لأنها شديدة العاطفة وأكثر عاطفة منه، ويعتبرها نقيصة من النقائص بينما هي نقطة قوة عظيمة إذا علمنا أن الأطفال يحتاجون في بداية عهدهم إلى أن تغمرهم أمهم بهذه العاطفة وهذه الشفقة وهذا الصبر على المتاعب بل إنها تستمتع بهذه المشقة وترى أنها أسعد من زوجها لأنه لا يعلم حقيقة ذلك، فهذه العاطفة التي تمدها المرأة إلى طفلها وتغمره بها هي التي تجعل الأبناء أكثر ميلا لأمهاتهم باعتبار أن الأم لصيقة طفلها إلى أن ينمو، ولولا هذه العاطفة ما نشأت علاقة أبدا بين أم وطفلها، تلك هي إرادة الله عز وجل وتلك هي عظمة المرأة حينما ندقق النظر.
ومهما تحدثنا عن المرأة فإن الحديث قد يطول ، وإذا دققنا النظر حتى من الناحية الدينية فهي أقوى، إذ إن الإحصاءات تقول إن النساء أكثر إقبالا على الشعائر الدينية وأكثر رغبة في حفظ القرآن وأكثر حضورا في المحاضرات الدينية وأكثر التزاما بالنشاطات، مما يفسر قوة المرأة، وقد حظيت بسورة كاملة سميت باسمها في القرآن الكريم، كما حظيت بتوصية خاصة من نبي الأمة محمد صلى الله عليه وسلم حينما وصى رجال الأمة “استوصوا بالنساء خيرا"، ورغم كل ذلك فإن المرأة تقع تحت سطوة التقاليد والعادات في عائلتها وقبيلتها وخاصة الرجل الذكر الذي يرى في المرأة متعة وفي راتبها فرصة للانقضاض عليه سواء كان أبا أو أخا حتى لو أصغر منها أو زوجا، ومازالت بعض الدول تقهر المرأة ولا تمنحها حقها حتى في الحياة حرة كريمة تختار من تشاء أن يكون شريكها في الحياة، بل تقبع تحت هذه السطوة وهذه السلطة القاهرة لها.
ما أريد قوله أن المرأة قوية بأنوثتها، قوية بعاطفتها، قوية بعقلها، قوية بأعمالها، قوية بأمومتها، قوية بشراكتها مع الرجل في الحياة، قوية بإغرائها، قوية بإغوائها، قوية بكيدها، فلا ينبغي للرجل أن يقول إنه الأقوى بل عليه أن يستحي ويحني هامته لزوجته وأمه وأخته وابنته ويعلن أنه الأضعف، ولكنه يتظاهر بالقوة أمام المجتمع، فهو أقوى من المرأة في مجال واحد غير أنها تفوقه بكثير في مجالات أخرى وما أكثرها.