حتحور وإيزيس وحتشبسوت دليل المصريين على مكانة النساء عند قدمائهم



حجاج سلامة
2006 / 3 / 9

الذاكرة تستحضر سير النساء في الحضارة الفرعونية

في ذكرى احتفال العالم بـ«اليوم العالمي للمرأة»، التي حلت امس (الأربعاء)، تثب للمقدمة من بين الحضارات القديمة، سير النساء في الحضارة الفرعونية التي تعد من أقدم الحضارات التي عاملت المرأة بقدر كبير من الاحترام والتقديس.. فقد احتلت المرأة مكانة متميزة لدى المصري القديم وتمتعت بحقوق اجتماعية واقتصادية وقانونية وسياسية مساوية للرجل.
وينشغل العلماء والباحثون في الآثار هذه الأيام بتقليب دفاتر تلك الفترة النشطة في حياة الإنسانية. وبحسب قول الباحثة المصرية، أسماء مناع، فقد تمتعت المرأة المصرية القديمة بأهلية قضائية كاملة، وكان لها استقلالها المالي عن الرجل، وكان بإمكانها أن تدير ممتلكاتها الخاصة وتدير الممتلكات العامة، بل وأن تمسك بزمام الأمور في البلاد. ولا يعني ذلك أنها امرأة تجردت من الأنوثة والجاذبية، فقد كانت أيضاً امرأة فاتنة وجذابة. وكان هدف الفتاة أن تختار شريك حياتها بكامل إرادتها وحريتها وأن تصبح زوجة وأماً صالحة، من دون أن يعني ذلك خضوع النظام الأسري لسيطرة الأم، بل كان نظام يتقاسم فيه الزوجان المسؤوليات المعتادة في إطار الحياة الزوجية حيث يشتركان في السراء والضراء.

وقد شغلت المرأة المصرية العديد من المهن والحرف، مثل منصب قاض ووزير، مثل «نبت» في الأسرة السادسة. كما كانت الفتاة منذ عهد الدولة القديمة تسلك مجال الطب والجراحة ومهنة المولدة بعد أن تتلقى مبادئ العلوم الطبية، وكذلك مهنة «المرضعة». وكانت سيدات المجتمع الراقي يشغلن وظيفة إدارة مصانع النسيج الكبرى، كما شغلت المرأة مهنة سيدة أعمال مثال السيدة «نيفر» وكانت صاحبة أرض شاسعة وعقارات مهمة. وكانت هذه السيدة توكل لوكلائها التجاريين في عهد الدولة الحديثة مهمة ترويج المنتجات التي ترغب في بيعها.

ومن أشهر أسماء النساء التي عرفها المصري القديم، الإلهة حتحور وهي الأم الأولى للآلهة بصفتها «البقرة السماوية» التي ولدتهم وأرضعتهم جميعاً، وهي أيضاً حتحور ربة الحب التي يشبهها الإغريق بإلهتهم «افروديت».

أما إيزيس فهي أكثر النساء شهرة في التاريخ الفرعوني، بل إنها أحياناً ترمز إلى مصر نفسها، وهي قرينة أوزوريس التي صاحبته وساندته وقامت بعده بنشر عقيدته.

كما يذكر التاريخ للفراعنة أنهم توجوا المرأة المصرية كملكة، فقد كانت الملكة الأم الوصية على العرش تقوم بدور بالغ الأهمية بجانب ابنها، ومن أشهر الملكات اللاتي حظين بمكانة متميزة الملكة «حتب حرس» زوجة الملك «سنفرو» وأم الملك «خوفو» وكانت تتمتع بمكانة جليلة.

ونفس هذا التبجيل والاحترام قدمه أحمس محرر مصر من الهكسوس لأمه الملكة «راع حتب» التي تولت الوصاية على أحمس ابنها وحلت مكانه بالعاصمة عند ذهابه للقتال. وأقام أحمس لوحة كبيرة بمعبد الكرنك تبين قدرة هذه الأم والملكة المثالية من أجل تحقيق استمرارية الأسرة بفضل نشاطها وانجازاتها في مختلف المجالات لدرجة أنها تمكنت من التوحيد بين جيوش مصر.

وكانت أول امرأة تنال وساماً عسكرياً، حيث أرفق أحمس مع مومياء أمه المبجلة، التذكارات المرتبطة بشجاعتها الأسطورية.

ولا ينسى التاريخ الملكة «حتشبسوت» التي حكمت مصر لمدة واحد وعشرين عاما وتسعة أشهر، وكانت شخصية فريدة من نوعها وتميز عصرها بالرخاء والاستقرار. ومن أبرز إنجازاتها المسلتان في أقصى شرق معبد الكرنك، كما أقامت مدرسة للمثالين والنحاتين، وبذلك أنشأت أول ورشة فنية ملكية، كما أقامت معبد الدير البحري، وهو المعبد الرائع الذي قام بتصميمه مهندسها المعماري «سنموت»، ويعد تحفة فنية معمارية.