من اجل حماية كرامة المرأة لا بد من فصل الدين عن الدولة!



نادية محمود
2018 / 3 / 11

في الدول التي تصر قوانينها على ان تكون مستندة الى الاسلام والى التعاليم الشيعية يجري فيها وبشكل منظم ابشع انتهاك لحقوق النساء، سواء من الناحية الرسمية القانونية او من ناحية قيام العصابات والمجرمين الذين يستفيدون من التشريعات الدينية بتلك الانتهاكات، وعلى رأسها الاتجار بالنساء فيما يسمى بزواج المتعة.
منذ سقوط النظام السابق وهيمنة الاحزاب والميلشيات الشيعية على المجتمع، حدثت انتكاسات هائلة لحقوق واوضاع وكرامة النساء. نساء الاسلام السياسي مثل رجاله، رفعوا شعارات في تظاهرات بان ليس هنالك مساواة بين الرجل والمرأة في الاسلام. وجرى الاستشهاد بعدم وجود مساواة للمرأة مع الرجل في الميراث، وفي الشهادة، واعطاء الرجل حق ممارسة العنف ضد النساء، بل وحق اغتصاب النساء كما جاء في (نساءكم حرث لكم، اتوا حرثكم انى شئتم). الا ان هذه قد تبدو وكأنها امور اصبحت "معتادة" وتكررت كثيرا، بل لم يعد يتذكرها الكثيرون باعتبارها انتهاك كامل وتام لامر مساواة وحقوق وكرامة المرأة، امام انتهاكات جديدة ومريرة تجري كل يوم باسم الدين والطائفة. فمن ازدياد قتل النساء، وفرض الحجاب الاجباري بقوة السلاح، وتزويج البنات في سن الطفولة بالاستناد الى القوانين الاسلامية، وخارج مؤسسات الدولة، الاصرار على تغيير قانون الاحوال الشخصية المدني بقوانين الشريعة او القانون الجعفري. اما الاكثر بربرية واستهجانا ودلالة على مدى استباحة كرامة المرأة هو تشريع زواج المتعة، اي الاقرار وبشرعية دينية الاتجار باجساد النساء والانتفاع من هذه التجارة.
بدأت هذه الظاهرة، التي كانت تمارس في ايران، في العراق بعد عام 2003، حيث جرى استغلال اوضاع النساء الاقتصادية والاجتماعية من اجل ارغامهن على بيع اجسادهن. لقد جرى اجبار العديد من النساء الارامل للدخول في زواج المتعة اثناء مراجعاتهن لدوائر الدولة من اجل الحصول على الرواتب التقاعدية لازواجهن بالضغط عليهن من اجل الحصول على تلك الرواتب. تشكيل منظمات "مجتمع مدني" وظيفتها تنظيم عملية الاتجار باجساد النساء وذلك عبر تنسيق بيع اجساد النساء، تعيينات وظيفية خاصة للنساء غير المتزوجات في الدوائر التابعة لجهات دينية كما يجري في النجف حتى تتوفر فرصة شراء اجسادهن، وكذلك اجبرت النساء على زواج المتعة في حالة تعرضهن الى اية ازمات مالية، فجرت مساومة النساء على بيع اجسادهن مقابل موافقتهن على الدخول في عقود لزواج متعة.. والحبل على الجرار!
ان زواج المتعة هو بغاء، ويجب النضال ضده، واولى خطوات النضال ضده هي اولا وقبل كل شي التصدي لمهمة فصل الدين عن الدولة، حيث ان الاحزاب الحاكمة والميلشيات ورجال الدين والقوانين التي تستند الى الدستور والى الدين، تنهل من تلك التشريعات التي تنص على تعدد الزوجات وانواع الزيجات الاخرى القائمة على اساس الحصول على جسد المرأة مقابل المال، والذي لا تفسير له اخر له غير كونه بغاء صريحا!
في الوقت الذي يجب النضال من اجل القضاء على الأسس الاقتصادية التي تضطر النساء الى بيع اجسادهن، يجب النضال بنفس الوقت لمواجهة التشريعات الدينية التي تسوغ وتعمل على نشر البغاء باسم زواج المتعة. ان اول الخطوات التي يجب ان تتخذ لحماية النساء من التشريعات الدينية والشخصيات والعصابات الاجرامية هو فصل الدين عن الدولة، حتى لا تقوم اية جهة او شخص بمقايضة النساء، استغلال عوزهن الاقتصادي وجني الارباح من الاتجار باجسادهن. يجب فضح كل منظمات المجتمع المدني التي تعمل على تقديم "خدمة" تسهيل بيع اجساد النساء، يجب اغلاق كل دور تنظيم زواج المتعة لانه يشرع اي انتهاك لحقوق المرأة باسم كونه نابع ومنطلق من التشريعات الدينية. يجب النضال من اجل منع كافة أشكال تنظيم البغاء، السمسرة، الوساطة واستغلال الأفراد الذين يلجأون إلى بيع أجسادهم، منعاً باتاً، واعتبارها اعمالا اجرامية يحاسب عليها القانون.
يجب، وبدلا من دفع النساء المعوزات والفقيرات وذوات الحاجة الى بيع اجسادهن، يجب العمل على توعيتهن وترغيبهن وإبداء المساعدات العملية لهن من قبل المؤسسات الحكومية المسؤولة للأشخاص بهدف ترك هذا العمل، وتزويدهن بالمهارات والتعليم اللازم للعمل في ميادين المجتمع الأخرى، بدلا من الامعان في اذلالهن واجبارهن على بيع جسدهن، وتوسيع جيش النساء المنخرطات في بيع الجسد والبغاء الذي يزداد يوما بعد يوم باسم شرعية زواج المتعة والقوانين الدينية. يجب إعادة كرامة النساء الاجتماعية واحترام شخصياتهن بوصفهن مواطنات محترمات في المجتمع، وليس دفعهن الى لجة البغاء.
يجب تجريم زواج المتعة، ومنع الشبكات والعصابات الإجرامية من اي تطاول على حياة النساء المعوزات والفقيرات. وتوفير الحماية القانونية والمؤسسات الانضباطية لملاحقة ومواجهة هؤلاء الأشخاص بوجه الشبكات والعصابات والمنتفعين منه. من هنا، يصبح النضال من اجل استبدال الدستور العراقي الحالي القائم على اساس الشريعة الاسلامية، بدستور يفصل الدين عن الدولة و ينص بشكل لا يقبل اللبس على منع اي قانون يمكن ان يعرض على احترام المرأة و كرامتها الى اي مس، ضرورة ملحة.