هوية الانثى من الناحية الثقافية



وليد يوسف عطو
2018 / 3 / 15

هوية الانثى من الناحية الثقافية

ان مفهوم الانوثة لايرتبط,بحسب الدكتورة خلود السباعي ,في كتابها (الجسد الانثوي وهوية الجندر )بالصفات الجنسية للمراة باعتبارها كائن بيولوجي ,بقدر مايرتبط بالجانب الثقافي والنفسي والفكري والجانب السايكو اجتماعي الذي ينظر المجتمع من خلاله الى المراة .

ان اغلب نتاجات التاريخ عن النساءبما فيها الامثال والحكايات الشعبية والادب والسياسة والفن والقانون ,ضمن اغلب الثقافات, يتم وفقا لتمثلات تعكس وجود حيفا كبيرا في حقوقهن وموقعهن الاجتماعي .

لقد كانت النساء الفئة الاكثر تعرضا للتهميش والتمييز واقلها استفادة من الاعتراف الاجتماعي بقيمة سلوكهن وسماتهن . لقد اختزلت المراة بكونها انفعال ,حساسة ,صبورة ,عاطفية ,ساذجة ,في مقابل السمات الذكورية والتي تتمثل في العنف والسيطرة والفعالية والقوة والاستقلالية والتنافس ,مما يجعلنا نقف امام هويتين مختلفتين .

كما تم تقسيم الاختلافات البيولوجية بين الرجل والمراة بشكل غير متكافيء فمنحت الاوليات للهوية الجسدية والجنسية الذكورية ,على حساب الهوية الانثوية , بصورة الحق بالمراة اشكالات عديدة من التمييز والتهميش والاقصاء.اذ بسبب هذه السمات تم احتقار الجسد الانثوي والخوف منه مع تشديد الرقابة عليه وحرمانه من ابسط حقوقه بناء على تصورات اعتبرت الانثى مثار للبلبلة والشر والفساد والغواية .
تتساءل الباحثة الدكتورة خلود السباعي (لماذا تم تمثل الجنسية الانثوية وحدها كعامل للفوضى واثارة الشغب؟لماذا اتهمت الجنسية النسائية وتعرضت للعقوبة ؟) .

تجيب الدكتورة خلود السباعي بالقول ان السبب هو العقلية الذكورية المرتبطة برغبة الرجل ببسط سلطته والحفاظ عليها , لذلك قام بمحاصرة المراة ضمن مجموعة من النماذج المنمطة وغرسها في الاذهان بشكل جعل المراة اول مستهلك ومروج لها .

لقد تحولت المراة بحسب تصوراتي الى مجرد ( شيء )او سلعة يقوم الرجل بامتلاكها عن طريق الشراء او الزواج او فرض سلطة الاب , او الاخ , او العم ,او قيم وعادات العشيرة والقبيلة عليها.لقد تم ابعاد المراة عن كل مايساعد على تفتح ذهنيتها لابراز قدراتها وكفاءتها ,وتم اختزال المراة في جسدها فقط , الذي اصبح راسمال انثوي لايمكن استثماره الا من اجل الغواية والاثارة والشيطنة .

لقد تم اعتبار جسد المراة مصدر بلبلة وفتنة بسبب مرور النساء بفترات الحيض باعتبارهن غير طاهرات ودمهن خبيث , مقابل مدح المراة على دورها في الانجاب.كما تم ابعاد النساء عن مراكز اتخاذ القرار بسبب الامومة .وقمعت رغبات المراة الجنسية وتشويهها لكي تصبح الجنسية الانثوية كيد وغواية ورغبة في الاغراء .فتم تصور المراة بانها تتمتع بحرارة جنسية تفوق حرارة الرجل, وانها مهووسة بالجنس , وبناء على ذلك اعتبرت رجسا من عمل الشيطان, فلا يحق لها ان تتكلم او تضحك, بل عليها طوال عمرها خدمة سيدها الرجل ( سي السيد ).

لقد ساهمت الاعتقادات السائدة عن الجنسية الانثوية في الترويج للمراة كمثار للبلبلة والاضطراب والاخلال بالنظام ,ساهم في قضم هذا الجسد الانثوي بما فرضت عليه من قوانين واكراهات في الملبس والحركة والتصرف ,حيث يكفي مجرد وجودها في المجتمع لكي تشكل خطرا على الرجل .

وفي اطار الربط بين المراة والفتنة تم تصوير المراة كائن عاجز غير مؤهل لاحترام القواعد الاجتماعية , وهذا يفسر سبب تصور المراة في كثير من المجتمعات على انها ( ساحرة ).فمن السحر الى الاغراء تتقمص الساحرة كل المظاهر الغامضة للانوثة التي يتداخل فيها الجمال بالشباب وبالاعجاب والخوف لتمثيل ( الساحرة )الشخصية التي ترفض تقبل النظام المفروض .

لذلك اصبحت الانوثة مرادفة للشيطان . ومن هنا جاءت اسطورة الكيد, فهي عندما تبتسم تكيد, وعندما تبكي تكيد ايضا .فتبقى رغبة المراة في السيطرة على الرجل في الثقافة الشعبية السبب وراء عنايتها بجمالها وكثرة انشغالها بمظهرها .وهنايتم الربط بين الجمال والاناقة والتجمل وبين النقص الاخلاقي للمراة , ويتم استخدام الدين لتكريس هذه الثقافة والافكار مثلما تم ذلك في الديانات الابراهيمية الثلاث .في مقابل ذلك سمح للرجل بان يعيش هويته الجنسية بصورة طبيعية , بينما تعيشها المراة بطريقة مرضية تفرض عليها الخضوع والاستسلام .

تشير سيمون دي بوفوار الى ان الرجل يتصور جسده كعلاقة طبيعية مع العالم ,بينما تتصور المراة جسدها بانه مثقل من جميع النواحي . وبذلك اصبحت المراة تعيش هويتها الجنسية كشيء يجب تحمله حتى يتمكن الرجل من تلبية غرائزه بشكل يحقق فيه تحرره ويخلصه من عدوانيته واحباطاته .كما فرض على المراة ان تتصرف ظاهريا كما لو كانت بدون جنس لانه ليس بامكانها الاعلان عنه , بما يجعلها تعيش جنسها كشر غير مقصود لادخل لها فيه , مع اضطرارها الى تحمل جنس الاخر كشر مفروض لامهرب منه ,ولعل ذلك يفسر تعمد المراة , بحسب الدكتورة خلودالسباعي ,في غالبية الاحيان الى ان تطرد (جنسها )حتى تهرب من ( العفونة والدناءة )وتقبع في السلبية والجمود المفروضين عليها كي تحمي نفسها .

مقالات ذات صلة :

مقالتنا (البحث في الهوية الانثوية )والمنشورة على الرابط التالي :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=591501