صورة مُزرية لذكر شرقي



فؤاده العراقيه
2018 / 3 / 18

يُسجّل إعجابه بصور النساء الخليعات دون أن يستثني منها واحدة ,ويعلّق في خانة التعليقات بكلمة ( الله ) ,يفعل هذا بعد أن أتمم صلاته التي تعوّد عليها منذ صغره ,كما تعوّد على الكثير من الممارسات لكونه حريصا على تطبيق تعاليم دينه ,بما يتوافق مع رغباته فقط ,والمبررات لديه كثيرة حيث لكل فعل لديه مخالفا للأخلاق يجد له التبرير جاهزا, منشوراته على الفيس عبارة عن مشاركات فقط لأدعية وآيات قرآنية من هنا وهناك ,مُعتمدا بها على الكوبي بيست ليستقطب بها اكبر عدد من الاصدقاء , نغمة موبايله عبارة عن تلاوة للقرآن .
فخورا هو بنفسه وبما يمارسه من طقوس لكونه يسير مع القطيع ويعمل كما يعملون بالضبط, بل وتنتابه السعادة عندما يتلصص بنظراته لكل من تُصادفه في الطريق وأحيانا يعترف بتحرشاته وتُشعرهُ تلك الإعترافات بالزهو مثلما هم يشعرون .
مُنتعشا بالألفة وسط الجموع لكونه من ضمن المألوف والطبيعي لديهم , يسير وكأنه طاووسا فارداً ريشه ومتباهياً به بعد أن تعلّم كيف يجب أن تكون الرجولة , وأين تكمن مواطن الزهو والبطولة ,حيث صوّروا له البطولة في الفراش تكمن , هذا الفراش الذي قضى حياته يحلم به وبالكيفية التي سيُضاجع بها تلك اللواتي خُلقن لإجله ومن ضلعه .
حياته العلنية تختلف عن حياته خلف الجدران حيث يرتدي بها وجه المارد العبوس في أحيانا كثيرة ويتشدق بالشرف وأهميته أمام زوجته وأبنائه ,وفي الوقت ذاته حيث يكون خارج الجدران تعلو الإبتسامة وجهه , إبتسامته رقيقة ومتصنعة أمام النساء والفتيات أياً كانت أخلاقهنّ ووجوههنّ فلا فرق لديه لكونهنّ بنظره خُلِقنّ له ولإمتاعه فقط , تلك الإبتسامة لا يفهمها إلا من كان قريبا منه وعاش معه ردحا طويلاً م الزمن حيث صعوبة فهم أمثال هؤلاء الأشخاص لا تكمن بقصور ذكاء المقابيل بل لما يحملوه من كم الزيف والخداع التي يمارسونها ولتعدد وجوههم أيضا, ولأجل الوصول لحقيقة صغيرة تخصّهم يقتضي على المقابيل أن يبذل مجهودا كبيرا ليدرك تلك الحقيقة , وعليه سيكون هناك استنزافا للجهود مستمر وضياع للوقت في تحليلات لا تغني من جوع , وقد خدع الكثير من النساء بوجهه هذا,بل وتمادى باستهتاره كلما تخطى إستهارا لكونه لم يجد من يردعه ويُحاسبه عليها.
تكتم زوجته غضبها مجبرة وتتجاهل خياناته ولكنها معه مستمرّة , مُجبرة ان تكون معه في كيانها وفكرها وكل ما تملكه لأنها ملكه , أصبحت ملكه منذ أن وقّعت على عقد زواجها المُنكر , تنظر لذلك العقد باشمئزاز بعد ان بدأت تكشف شيئا فشيئا تلك الشخصية المزدوجة .
بطرف عينيها تنظر إليه وهو يعد نقوده بقدسية وببشاعة عهدتها به واعتادت عليها مرغمة ,كما اعتادت على قبح أفعاله دون أن تحصي عددها , فلم تعد تحسب عليه تلك التصرفات ولا حتى تتذكرها لكثرتها رغم إنها قريبة بعهدها , تلك النقود كان يُقدّسها كما يُقدّس النساء, لكونها تُشعره بإمتلاء نفسي وتُساعده في تفخيم رؤيته لنفسه .
لم يتطور به شيئاً منذ أول لقاء لها معه سوى ذلك التغيير الذي كشف عن عيوبه وهويته الأصلية , رغم إنها لم تستطيع من رؤية وجهه الحقيقي في أول لقاء لها معه بعد أن ارتدى قناعاً من أقنعته الكثيرة التي تعوّد أن يرتديها عند الحاجة لاقتناص أي فرصة يراها مناسبة , لكنها اليوم وقد عرفت أغلب تلك الوجوه رغم إستمرار محاولاته لطمسها في أحيان يحتاج لطمسها عندما تتطلب مصلحته لذلك, فتارة يُخفي معالم وجوهه القبيحة أمام زوجته لشدة قبحها, ويُظهرها تارة أخرى لكونه صارلا يبالي لها فهو قد هيمن عليها بواقعه بعد أن كان يحلم بها بخياله, لدرجة كان لا يجرؤ على البوح بتلك الأحلام كونها كانت بعيدة المنال لديه , لم يكن يُظهر لها قبيح أفكاره خوفاً من فقدانها , ولكن بعد أن مرّت سنوات على زواجه منها بدأ يُظهر لها تدريجياً بعضاً من تلك الوجوه التي كان يُخفي بها جزء من عيوبه , يتناقص خجله أمامها يوماً بعد آخر بحكم التعود التدريجي , وبحكم السيطرة التي كسبها بالقانون والتي أباحت له إذلالها والسيطرة العمياء عليها .
أما هي فكانت كلما يمر يوما أضافيا تشعر بخسارة لا تعوض وبموت جزء منها , كذلك وجوده كان يتضاءل يوما بعد يوم أمام ناظريها إلى أن اقترب من التلاشي نهائياً .
فكيف سيكون الوضع قائماً مع شخصا صار أمامها كالشبح ؟
هل تكتفي بتمثيل دور الشبح ايضا وتكون له شبحاً ؟