من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الثالث.....3



محمد الحنفي
2006 / 3 / 13

و انطلاقا مما أدرجناه في معالجتنا هذه، فإن معظم الرؤى تتسم بالازدواجية في التعامل مع إرادة المرأة. و الرؤيا الوحيدة التي تحضر فيها إرادة المرأة هي رؤيا المرأة العاملة لنفسها كعاملة، و كإنسانة، حتى يزول الغموض الذي يطبع الحياة العامة حول المرأة، و حتى نتعامل بوضوح، مع المرأة، في قضيتها التي تبقى مطروحة، مادام هناك استغلال طبقي، و مادامت هناك أدلجة نافذة للدين الإسلامي، و مادامت أدلجة الدين في خدمة الاستبداد بالسلطة، و بالاقتصاد، و بالرأي العام، و في خدمة الرأسمالية المحلية، و القومية، و العالمية، و مادامت تعاني من القهر المزدوج: القهر الاستغلالي، و قهر الرجل في نفس الوقت، و مادامت الديمقراطية، في أحسن الأحوال، لا تتجاوز أن تكون ديمقراطية الواجهة، و ما دامت العدالة الاجتماعية غائبة من الواقع، الذي يعلم الناس أنه يعاني من كل أشكال الظلم، و القهر، و الاستبداد.

فهل تقوم في الواقع حركة نسائية رائدة، تستطيع أن تمد الساحة النسائية بمجموعة من الأفكار التي تساهم في امتلاك النساء لوعيهن ؟

و هل تضع الحركة التقدمية، قضية المرأة في صدارة اهتماماتها، و من ضمن أولوياتها ؟

و هل يدرك مؤدلجو الدين الإسلامي، أن تكريسهم لدونية المرأة باعتبارها عورة إنما هو إهانة للدين الإسلامي ؟

و هل تعود للصراع الطبقي مكانته ؟

و هل تساهم المرأة في إذكاء حدة الصراع الطبقي ؟

إننا عندما نطرح هذه الأسئلة، و غيرها، إنما نسعى إلى أن يكون الوضوح في الأيديولوجية، و في البرامج، و في المواقف النضالية، هو السائد في الواقع الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي، و هو السائد في مختلف القضايا المطروحة من خلال تلك البرامج، و من خلال العلاقات القائمة بين مختلف مكونات الواقع ، وخاصة منها ما يتعلق بالمرأة التي تعتبر في حاجة إلى المزيد من الاهتمام أكثر من أي وقت مضى، نظرا لتظافر جهود العديد من الأطراف حول قضية المرأة، من أجل ترسيم دونيتها، سواء تعلق الأمر ببقايا الإقطاع، أو بشرائح البورجوازية، أو بمؤدلجي الدين الإسلامي، في الوقت الذي تزداد فيه حدة الاستغلال الهمجي للكادحين، و طليعتهم الطبقة العاملة، في ظل عولمة اقتصاد السوق، التي تسعى إلى عولمة الاستغلال الهمجي. و في ظلها يعمل مؤدلجو الدين الإسلامي على عولمة أدلجة الدين الإسلامي، و فرض الاستبداد الديني على المجتمعات، و في الوقت الذي تصير فيه الاقتصاديات المحلية مشاعة للشركات العابرة للقارات، التي تستولي على كل شيء،بما فيها وسائل توظيف المرأة لخدمة مصالح تلك الشركات، و زيادة استهلاكها لبضائع تلك الشركات، في ظل تعميق تكريس دونيتها.

فعولمة اقتصاد السوق لا تعني إلا عولمة القهر الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي ، و عولمة القهر المزدوج للمرأة، وهذه العولمة لا يمكن مواجهتها إلا بعولمة نقيضة، عولمة النضال الحقوقي، و النضال النقابي، و النضال السياسي، من أجل الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية، و عولمة النضال من أجل امرأة بكافة الحقوق، و عولمة القوانين المحلية المتلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى تصير عولمة النضال بكافة أشكاله، هي المدخل الذي يؤدي إلى إزاحة العوائق، التي تقف في وجه الحركة التقدمية، و الحركة النقابية، و الحركة الحقوقية، و الحركة النسائية المناضلة جميعا، من أجل تحقيق المرأة-الإنسان، حتى تتوارى الدونية، و إلى الأبد.