نساء في اقتصاديات العمل



مظهر محمد صالح
2018 / 5 / 7

نساء في اقتصاديات العمل



الكاتب:د. مظهر محمد صالح

09/12/2015 12:00 صباحا

بدأت ام سلمى تعاني تقدم العمر وهي سيدة المنزل الاولى طوال الثلاثين عاماً الماضية.فقد قل صبرها وإزداد تذمرها، حتى كادت تهجر اكداس الصحون من دون تنظيف لزيارة ابنتها الوحيدة وهي زيارة في الظاهر ولكنها هروب في الحقيقة.
ضاقت ام سلمى ذرعاً من اعمال المنزل الرتيبة اليومية دون ان يعطف على ضعفها الملموس احد. كما تحركت غريزة العمل في باطنها بعد ان فقدت الاسرة مصدر دخلها. وان الكفاح من اجل ادامة العيش بات بنفسه اهم من تنظيف المنزل واعداد وجبات الطعام اليومية. اضحى الهروب من مشاق العمل المجاني داخل المنزل الى العمل المدفوع الاجر الامل البعيد لام سلمى ولملايين النساء في العالم. اذ تعمل 90 بالمئة من النساء في جنوب آسيا باعمال غير مدفوعة الاجر مثل الطبخ والتنظيف والعناية بالاطفال والعناية بكبار
السن.
ولكن يختلف الحال بين بلد وآخر. فقوة العمل النسوية في الهند من اللواتي يعملن بأجر نقدي لاتتعدى ربع اجمالي قوة العمل وان مساهمتهن في الناتج المحلي الاجمالي للهند لاتتعدى هي الاخرى17 بالمئة. في حين ترتفع نسبة مساهمة النساء في الناتج المحلي الاجمالي للصين الى ما يزيد على 41 بالمئة. ومازال مستوى اللامساواة في المدفوعات الاجرية بين النساء والرجال امرٌ لايتسم بالعدالة في بلدان كثيفة السكان كجنوب آسيا.
فعلى مقياس 100بالمئة الذي يمثل العدالة التامة في الاجر المدفوع لكلا الجنسين وغلق فجوة (الجندر) او التمايز على اساس الجنس، نجد ان نسبة العدالة في الاجر تنخفض في جنوب آسيا الى 44 بالمئة في حين ترتفع في اميركا الشمالية الى 75بالمئة.
وتقدر مؤسسة مكنزي العالمية للابحاث، بان معدلات النمو في الناتج المحلي الاجمالي قد تزداد بين 5 بالمئة الى 20 بالمئة كلما قلت فجوة التشغيل بين الجنسين. وان غلق فجوة العمل بين الجنسين ستجعل الناتج المحلي الاجمالي للعالم يزداد بنسبة 26بالمئة (اي بنحو 29 تريليون دولار) وان العالم سيصبح اكثر غنى
ورفاهية.
ويلحظ على سبيل المثال ان غلق فجوة العمل بين الجنسين في الهند ستجعل تلك البلاد اكثر غنى بنسبة 60 بالمئة عن وضعها الراهن ولكن سيتوقف ذلك على مستوى التعليم بين النساء.وبهذا فان العالم سيصبح مكاناً غنياً حقاً كلما حصلت النساء على اجور نقدية اكثر. سخرت الممثلة الاميركية الكوميدية الراحلة جوان ريفرز من رتابة اعمالها الدرامية التي تتكرر كل ستة اشهر وهي تشبهها بالاعمال المنزلية قائلة : « اكره الاعمال المنزلية، فانت تُوظب الفراش وتنظف الصحون، وبعد ستة اشهر لاتجد من تغيير سوى من اعادة الاعمال نفسها» .
وهكذا فان تعادل الاجر بين الجنسين وتقليص فجوة العمل بينهما ، تمثل حراكاً ديناميكيا في دور العمل المنتج في تعزيز الازدهار الاقتصادي للامم .ولكن يبقى التساؤل: لماذا عُطل النصف الآخر من المجتمع وهُمش خارج خريطة تعظيم الدخل النقدي والاعمال المنتجة ؟.