هل سيتزوج الزرقاوي نانسي عجرم؟



شاكر النابلسي
2006 / 3 / 20

أغلى نساء العرب
"عوالم" القرن الحادي والعشرين، من جيل نانسي عجرم، هنَّ أغلى نساء العرب الآن (يقال أن رجل أعمال خليجياً دفع عشرين مليون دولار مهراً للزواج من المغنية الراقصة اللبنانية هيفاء وهبي) (ايلاف، 28/7/2005). وهنَّ مطمح وحلم رجال المال والسياسة والفن والقانون والجيش والبوليس السري في العالم العرب (زواج علي حسن سلامة قائد المخابرات الفلسطينية في لبنان من ملكة جمال الكون اللبنانية جورجينا رزق)، كما كان عليه حال "عوالم" بداية القرن العشرين. وأصبحن بذلك، مثاراً للغرائز الحسيّة، لكنهن بقين نائيات، يستحيل على شخص من الطبقة الوسطى نيلهن، لغلاء ثمنهن، وتكاليف معيشتهن، وسرعة فراقهن، والخلاف معهن.

أهمية جيل نانسي عجرم

سألت إذاعة البي. بي. سي (19/9/2005) المفكر الإسلامي عبد الوهاب المسيري عن رأيه في جيل نانسي عجرم فكان جوابه أنه طالب جماعات الدفاع عن حقوق المرأة بالاحتجاج على هذا الغناء الراقص باعتباره امتهاناً للمرأة.

فلماذا لم يحتج المسيري على جيل أجيال الرقصات تحية كاريوكا وسامية جمال ونجوى فؤاد وفيفي عبده ولوسي وسهير زكي وغيرهن اللائي بلغن الآن في مصر 382 راقصة اضافة إلى وجود 14 ألف راقصة أجنبية (العربية،18/8/2004) وتستضيف القاهرة المهرجان الدولي للرقص الشرقي؟

إن أهمية نانسي عجرم وجيلها هي أنها ساهمت في تغيير الذوق العربي. فنقلت الذوق العربي من العباءة السوداء إلى الجينـز الأزرق، ومن التخت الشرقي التطريبي إلى الغناء الراقص الذي يُسمع بالأذن والعين معاً، ومن الميجانا والعتابا إلى "أخاصمك آه"، ومن الأغنية المخدِّرة وكأنها "سيجارة حشيش" إلى الأغنية الراقصة المحفِّزة على الحركة، ومن الأغنية الطويلة المعلَقة إلى أغنية السطر الواحد المكرر، استجابة لسرعة وقع الحياة الحديثة. كما تكمن أهمية جيل نانسي عجرم في الاستجابة لنبضات العصر الدقيقة السريعة، والحضور في المشهد الغنائي الانساني.

فهذا الجيل يغني الآن كما يغني العالم، ويرقص كما يرقص العالم، ولكن بطعم ونكهة عربية شرقية. وهذا بحد ذاته دور تغييري محدود، قام به هذا الجيل في العالم العربي. وقد فطنت إلى ذلك مجلة "نيوزويك" الأمريكية (الطبعة العربية) التي قدمت جوائز في العام 2005 إلى 43 شخصية عربية، ساهمت في التغيير العربي، كانت نانسي عجرم والكاتب الروائي السوداني الطيب صالح ومحمود درويش من بينهم. واعتبرت نانسي عجرم ذات دور ثقافي تغييري، مثلها مثل محمود درويش والطيب صالح والمخرجة الجريئة ايناس الدغيدي وغيرهم ممن شملهم اختيار مجلة "نيوزويك".

دور حضاري

إن الدور الذي لعبه جيل نانسي عجرم من المغنيات والمغنيين والراقصين والراقصات كان سبباً في الحد من الكثير من القيم الاجتماعية القبلية والتقليدية. لذا، فقد كانت أعنف الحملات العدائية التي شنّت عليهم من التقليديين الأصوليين في بلدان الخليج خاصة. كما كان هذا الجيل من المغنيات والمغنيين سبباً في تخفيف عدد الشباب المنتمين إلى الجماعات الدينية الأصولية الإرهابية، بعد أن فقدوا الأمل بالمستقبل. ولكننا بالمقابل، ويا للمفارقة نرى أن شعب الخليج العربي، هو أكثر الشعوب العربية اهتماماً بهذا الجيل "الملعون"، وأن أكثر حفلات هذا الجيل تقام على مسارح الخليج وفي مرابعه.

فجيل نانسي عجرم ردَّ الشباب من ساحات الموت والإرهاب إلى ساحات الحب وطلب الحياة، من خلال هذه الآلاف من الشباب والشابات الذين يحتشدون في المدرجات الصيفية في جرش وقرطاج ومراكش ودبي وغيرها من المرابع الغنائية العربية الراقصة، وهم متوقدون فائرون بدم الحياة، مقبلون على حب الحياة، والإصرار على استمراريتها بالحب وألحانه وأغانيه وموسيقاه ورقصاته وأحلامه، لكي يبقى الكون عامراً.

لماذا كفّروا هذا الجيل؟

إن كل أغنية وكل ألبوم من ألبومات جيل نانسي عجرم هو دعوة ضد الموت والإرهاب. ومن هنا اطلقت بعض المؤسسات الدينية على نانسي بأنها "كافرة". ومنعت بعض الفضائيات تقديم أغانيها الراقصة. كما منعت بعض الدول العربية دخول اشرطتها وألبوماتها الغنائية إلى أسواقها خوفاً على التقاليد الاجتماعية والدينية، في حين أن أسواق هذه الدول تعجُّ بكتب السحر، والشعوذة، وعذاب القبر، وضرورة "الجهاد" ، وأشرطة الأصوليين الإرهابيين، التي كانت من الأسباب الرئيسية لدخول كثير من الشباب جهنم الإرهاب وجحيمه، أملاً في ممارسة الجنس مع الحور العين. كما أطلق بعض رجال الدين على الفنانة هيفاء وهبي بمناسبة خطوبتها لرجل أعمال خليجي "خضراء الدمن" الذي قال فيها الرسول الكريم "أياكم وخضراء الدمن" ؛ أي "المرأة الحسناء في المنبت السوء" (موقع واحات صحارى) .

هل هؤلاء من سيفتح أبواب العولمة؟

وفي الواقع فإن احتقار المؤسسات الدينية ورجال الدين لمثل هذا الفن، نابع من علمهم بأن هذا الفن، وهذا الاقبال الشديد عليه (في حفل نانسي عجرم، مايو 2005، في ساحة جامع الفناء بمراكش أقبل أكثر من مائة الف شاب وشابه على الحفل) من قبل جمهرة الشباب، سوف يفتح غداً أبواب العولمة وأبواب الحداثة على مصراعيها، أمام المجتمعات العربية الشابة حيث ستجد العولمة والحداثة أرضاً خصبة من الشباب المتفتح للأفكار الجديدة والعالم الجديد. ويُصرف هؤلاء الشباب، عن جهاد "الكفار" واللحاق بركب "القاعدة" الإرهابي، وهو ما لا تقبله المؤسسات الدينية التي تريد من الشباب التوجّه نحو "الجهاد" ضد الكفار الأجانب، بدلا من تبنّي فنهم وتبرجهم.

ولم يقتصر هجوم المؤسسات الدينية على فن جيل نانسي عجرم بل إن جيل أم كلثوم أيضاً سبق أن نال من السباب والشتيمة الشيء الكثير. ولم يستمع متنورو المؤسسة الدينية كالراحل الشيخ محمد الغزالي إلا إلى غناء أم كلثوم لقصيدة "نهج البردة" لأحمد شوقي التي يمتدح فيها الرسول الكريم. وكلنا يذكر قصيدة القيادي الإخواني الأردني يوسف العظم الذي قال في غناء أم كلثوم:

لا تغني الخيام يا كوكب الشرق ولا تسكبي من راحتيه المداما
فلو انّ الخيام يبعث حياً لهوى الكأس في يديه حطاما

فهل يتزوج الزرقاوي "الثائر الأصولي" غداً نانسي عجرم لكي يصون عفتها، ويقصيها عن "العفن وليس الفن"، كما وصفه "حزب العدالة والتنمية" الأصولي المغربي، وكما سبق أن تزوج "الثائر الفلسطيني"، ومدير المخابرات الفلسطينية في لبنان علي حسن سلامة ملكة جمال الكون اللبنانية جورجينا رزق؟!

[email protected]