المرأة ، والحب والزواج وكثير من الأكاذيب والجرائم



محمد أبو قمر
2018 / 9 / 22

المرأة ، والحب ، والزواج ، وكثير من الأكاذيب والجرائم :
==============================
الزواج عند كثير من رجال الدين سواء الرسميين أو غير الرسميين يمكن أن يتم بين رجل بالغ وطفلة صغيرة لم تتجاوز الخمس أو الست سنوات طالما كان في مقدورها أن تتحمل فعل المضاجعة.
أي أن الطفلة ذات الست سنوات يمكن عند رجال الدين أن يتم تزويجها ومضاجعتها حين يري أهلها أنها تتحمل فعل المضاجعة.
نصوص القانون المصري بالطبع تجرم زواج الأطفال وتلزم المواطنين بعدم إتمام زواج بناتهم قبل بلوغهم سن الثمانية عشر عاما.
لكنني أتحدث عن رجل الدين الذي يدعي أن النصوص الإلهية هي التي أقرت مشروعية تزويج الطفلة مهما كان عمرها.
وبناء علي الرأي الديني يتم ارتكاب جرائم التزويج في الصعيد وفي أرياف مصر بالجملة في مخالفة صريحة للنص القانوني ، ويسلك المواطنون في ارتكابهم لهذه الجريمة طرقا ومسالك تحميهم من المساءلة القانونية .
لكن لهذه الجريمة البشعة التي يبكي الحجر من بشاعتها ، ويتحطم قلب الحيوان من قسوتها ، لها جانب ديني آخر يركز عليه رجال الدين كي يجعلوا هذه الجريمة حقا ربانيا أصيلا من حقوق الرجل يمارسها وهو مطمئن إلي أنه يؤدي عملا دينيا مشروعا سوف يكافئه الله عليه يوم القيامة بإهدائه واحدة من الحور العين لمضاجعتها والاستمتاع بها تقديرا لامتثاله لما ادعي رجال الدين أنها أوامر إلهية.
هذا الجانب الآخر هو أن الأنثي منذ ولادتها ليست ابنة لذويها عليهم رعايتها والعناية بها وحمايتها والحفاظ عليها وتعليمها ومنحها فرصة التعبيرعن ذاتها وتقوية وتدعيم إرادتها كي يكون في مقدورها تكوين أسرة قوية وقادرة ، بل هي في الحقيقة مجرد ملكية خاصة لولي أمرها يتصرف فيها كما يشاء ، يعلمها أو لا يعلمها ، يزوجها أو لا يزوحها ، يحدد لها شكل ولون ملابسها ، ليس لها حق الخروج من البيت ، وليس لها حق التنقل ، أو التصرف في أي شأن من شئونها إلا حسب إرادة وليها.
أي أن الأنثي حسب تفسيرات رجال الدين لا تملك إرادة مستقلة ، بل إن علاقتها بوليها تشبه علاقة هذا الولي بحذائه وجلبابه وساعته وأدوات عمله والمقعد الذي يجلس عليه ، فمثلما له الحق في التصرف في هذه الأشياء كما يحلو له وقت يشاء وبالطريقة التي يحددها ، فإن له ذات الحق في تزويج ابنته ممن يختاره هو ، وفي السن التي يحددها هو ، وبالطريقة التي يحددها هو ، وبالمهر أو الثمن الذي يحدده هو .
ثم بعد ذلك كله يحدثك رجل الدين عن تكريم المرأة ، وعن الحرية التي تتمتع بها ، وعن الحقوق التي لها في ظل مجموعة المكرمات التي تحيط بها بدءا من اعتبارها مصدر الفتنة الشيطانية التي تترصد الرجل وتثيره وتدفعه إلي ارتكاب الخطايا ، وانتهاء بحق زوجها أو وليها في ضربها تأديبا لها ومعاقبة لها حين ترتكب ما يراه أنه خطا أو تجاوز.
وحين تتأمل في معني الحرية التي يحدثك عنها رجل الدين بخصوص المرأة ، فستجد أن هذا المعني ينحصر في حرية الرجل في الزواج من الأنثي متي يشاء هو، وكأنها مجرد كائن جنسي كل وظيفته في الحياة هو انتظار من سيقوم بفعل هذا الفعل الجنسي فيه ، بينما هي محرومة من الزواج متي تشاء ، وليس لها الحق بالطبع في تزويج نفسها لمن تشاء ، مع ما يرتبط مع ذلك من مفاهيم العار والفضيحة ، وهو حر أيضا في تطليقها ، وفي إعادتها إلي ذمته دون حتي استشارتها في ذلك ، والعجيب أن رجل الدين يعتبر ذلك من المكرمات التي تحيط بالمرأة والتي كما يدعون تحميها وتوفر لها سبل الأمان والطمأنينة .
صحيح أن القوانين في مصر قطعت شوطا كبيرا في كسر شوكة كثير من آراء رجال الدين فيما يخص المرأة لكن مازال الوضع يدعو إلي الأسي في كثير من الأحيان إذ مازالت مشاعر المرأة وعواطفها وميولها الانسانية الذاتية ضربا من الخطايا التي لا يمكن للفتاة التصريح بها أو الاعلان عنها ، فهل يمكن أن يكون للحب وفق كل ما سبق مكان في الضمير المجتمعي.
إن مشاعر الفتاة مع بالغ الأسي والأسف تقع تحت رقابة الدين ، بل تقع تحت رقابة من لا يمت لها بصلة أصلا ، فرجل الدين من حقه أن يحكم مثلا إذا ما كان الزي الذي ترتديه يخرجها عن الملة أم لا ، وهذا التقيم الذي يقوم به رجل الدين لا يخضع لأي قواعد دينية ، بل يخضع في الأساس إلي رؤيته الذاتية النابعة من حقه وحده في تحديد ما هو حرام وما هو حلال ، ولا يمكن للمرأة أن تتحرك في اتجاهات مخالفة للفتاوي ولما هو مخالف لقيم الحلال والحرام التي حددها رجل الدين والتي يكون مرجعه الأساسي في تحديدها آراء الفقهاء الأولين وما يقال عنه إجماع العلماء، فهل تستطيع البنت أن تحب شخصا من ديانة مغايرة مثلا ؟؟؟!!!!!، وماذا يمكن أن يكون مصيرها إذا حدث ذلك ؟؟!!، وما هي الأحكام التي يمكن تطبيقها علي البنت في حالة كهذه ؟؟!! ، ثم إذا كانت المرأة مُكرمة ، وحقوقها متساوية لحقوق الرجل كما نص الدستور ، فلماذا يكون للرجل حق الزواج من امرأة تدين بدين مخالف بينما لا تستطيع المرأة فعل ذلك؟؟؟؟.
القضايا التي تحيط بحياة المرأة كثيرة ومتشعبة ، وأعتقد أن تفكك كثير من الأسر ، وكثرة حالات الطلاق ، وانتشار التحرش ، وارتفاع أصوات كثيرة تحمل المرأة مسئولية التحرش والاغتصاب ، كل هذه المسائل تحتاج إلي وقفة يعيد فيها المجتمع التقاط أنفاسه ، ثم إعادة صياغة نوعية أخري من العلاقات ، ومن سبل العيش بشكل أكثر كرامة وأكثر إنسانية ، فالعدالة الاجتماعية لا ترتبط برغيف الخبز فقط ، ولا بالحد الأدني للأجر أو الحد الأعلي له ، وإنما ترتبط أكثر بإعادة صياغة العلاقة بين الرجل والمرأة بعيدا عما كان في الماضي لأن صياغة الحياة حسب ظروف الماضي هو جريمة قتل بشعة مع سبق الاصرار والترصد.