الاعتداء الجنسي على النساء



نادية خلوف
2018 / 10 / 21

الصمت أم الكلام
تتطابق اللغة المحكيّة ولغة الجسد في أغلب الأحيان، و"الشمس يمكن أن تغطى بغربال" وليس" لكل مجتهد نصيب" والعدالة الإلهية ليست على الأرض. هي في السماء،، وعلى الفقير والمظلوم أن يحلم بالقصاص بعد الموت، لكننا سنعرف ذلك فقط بعد أن يعود أحدهم من السّماء ويقول لنا أنّه نال حقه، نحن قيد الانتظار.
أخجل مني أحياناً عندما تدبّ فيّ حميّة الحضارة العريقة، وأبدأ بوصفي أنّني سليلة الحضارات، أخفي وجهي منّي كي لا أشعر بالزيف عندما أردد كلمات مثل سوريتنا، وشام الياسمين، و" مدينة الفقر والكفر"
بل أختبئ خلف إصبعي أحياناً عندما أتحدث عن نجاحي الباهر في الغرب بينما لا أحد يعرف عن هذا النّجاح سوى أنا ومن كتب قصة النّجاح هذه. أنت لست أنا، فأنت ابن الحضارة وقد أشبعتنا كلاماً عن الإله بعل لدرجة أنني أصبحت كلما ذكر اسمه أشعر بالغثيان.
أنت لا تخجل مثلي لأنّك تملك الحقيقة المطلقة حول عظمتك بينما أشعر أنّنا في الحضيض. التفاخر صفة عربية أصيلة، وكل العرب ينتمون إلى آل البيت أو إلى البيت نفسه. حتى خديجة الشيعية التي أعلنت أنها خطيبة خاشقجي وربما رشحتها له قطر وإيران، وربما هي مجرد شخص مخابراتي، امتلكت الحقيقة، والقصة أصبحت واضحة لدرجة أن الجامعة العربية كلّفت نفسها وأشادت بالقرارات السّعودية لمعاقبة " المجرمين" وأنا التي ترددت مراراً أن أشكو قلّة حيلتي لجامعتنا الحنون. لم أكن أعرف عنها كل ذلك التعاطف مع المظلومين. أوجه اعتذاري لتلك الجامعة التي أسأت الظّن بها زمناً. ما كتبته مجرد حيثية غيبية لموضوع يتحدث عن صمت النساء ، أو تشدقهن ، لكن قبل ذلك أسرّ لكم بأمر هام بأنّ في الوطن العربي دول منحت جواز سفر للروبوت صوفيا التي شغلت الغرب كي تظهر مدى تقدمها ، ومنذ أن نالت الجنسية بدأت أتابع حياة روبوتا آخر لم يزر الوطن العربي، كما أن حملة مي تو تبناها شيوخ العرب. تلك الحملة التي استطاعت أن تصل إلى سجن بعض المعتدين، وربما كان المتبني للحملة معتد جنسياً.
لا بد أن أشير هنا أن من يتعاطفون مع المعتدي من النساء والرجال كثر، فقد قال عضو الأكاديمية السّويدية هوراس أنجدال معلقاً على الحكم على المسؤول عن الملف الثقافي للأكاديمية دان كلود أرنولد قائلاً:




"من المدهش أن يتم وضع رجل في السجن دون تقديم أدلة جدية على المحاكمة. نحن نعيش في أوقات عصيبة"
وقال دونالد ترامب "إنه وقت مرعب بالنسبة للشباب في أمريكا"
يجب أن يكون الأمر مرعباً بالنسبة للرئيس الأمريكي ، الذي اتهم بالتحرش الجنسي والإساءة من قبل 20 امرأة.
من حيث مقدار الجرائم الجنسية بشكل عام ، اضطر عدد قليل نسبيا من الرجال إلى المغادرة بسبب تأثير الحركة.
وربما ندمت بعض النساء لأنّهن أفصحن عن الاعتداء الذي وقع عليهن حيث كانت النتيجة مكافأة المعتدي.
أكاد أقول أنّني لا أعرف ما هو الاعتداء الجنسي في سورية مع أنّني عملت في مهنة المحاماة السّيئة الصّيت، لكن إذا كانت المرأة الغربية تصمت أحياناً، وإذا كانت وسائل الإعلام تعرض قضايا فردية أو جماعيّة ، وأهم أهداف حملة مي تو هي:" لا للصمت" فهل نصمت أم نتحدث-أعني نحن السوريات-
قرأت التعليقات على اتهام المغني التونسي سعد لمجرد بالتحرش الجنسي، وكلها من النساء حيث قالت إحداهنّ: "وهل يعقل أن يكون قد اعتدى عليها سعد وجميع النساء تتمنى علاقة معه؟" وعندما كان باسل ابن حافظ يحضر حفلات كان من بين الحضور فتاة أرسلها أهلها بالواسطة لتحضر إحدى الحفلات، وطلبوا منها أن تحاول أن تجذبه لها-أي كي يتحرّش بها-
لماذا نكون مختلفات عن صديقات سعد أو فتيات باسل؟ وهنا أسأل الزّوجات الشّابات عن تحرّش أزواجهنّ بصديقاتهن وأقاربهن. سيكون الجواب أننا ننتمي إلى العفة ، ولا يوجد من يتحرشون بالأطفال ، وهنا لا أتحدث عن زواج القاصرات، ولا عن الدعارة في المخيمات حيث السّمسارات السوريات أيضاً.
هل على المرأة السورية أن تصمت، أم ترفع صوتها؟
أسرّ لك عزيزتي أن رفع صوتك لن يغير شيئاً، فشريعة الوطن أشد قتلاً من شريعة الغاب. أنت تعيشين في حفرة عميقة. حاولي أن تحاربي بصمت، وبشكل فردي. لا تغرّك الحركات النسائية. جميعها يقودها رجال. اعملي بسرّية على نفسك، وحاولي أن تخرجي من القوقعة، وما يسمونه الأم المثالية. حاولي أن تحترمي نفسك قليلاً، ولو رفضت الذّل في سجن الزوجية لأتى ربما جيل بعد خمسمئة عام، وكانت حفيداتك في ذلك الوقت من اللواتي يدعين لحملة مشابهة لحملة مي تو. ليس الآن. ليس الآن