المساواة بين الجنسين



نادية خلوف
2018 / 10 / 23

ربما لا ترغب أن تسمع ، أو تقرأ كلمات غير مفهومة، ولا حتى كلمات حماسية. ربما ترغب أن تعرف نفسك، وتتمنى أن يقبلوك تتكلّم بطريقتك، تمارس ما تحبّ، أو ما تسعى إليه بطريقتك. لن أطيل الحديث.
بينما كنت أتصفح الصحف الإنكليزية الالكترونية .أعجبني أن أكمل قراءة مقال يبحث عن المساواة بين الجنسين، وأنا عادة أقرأ العناوين، وأتصفح المقال الذي أعجب بعنوانه . تقول الكاتبة إليسا بيلوتي في صحيفة إنكليزية ما تراه حول المساواة، وقد فهمت من مقالها أن المساواة يمكن أن تكون تكون حيث يكون الثّراء، وتضيف أن الأبحاث تظهر أن الرجال والنساء يميلون إلى أن يكونوا أكثر مساواة في البلدان الأكثر تقدماً، و تتوقع أن زيادة الفرص المتساوية في هذه البلدان قد تقلل من الاختلافات الأخرى بين الجنسين ، مثل نوع الوظائف التي يحتمل أن يكون الناس أكثر احتمالا لها ، أو سمات الشخصية مثل اللطف أو الميل إلى المخاطرة. لكن دراسة جديدة نُشرت في مجلة العلوم تقول العكس ، أن زيادة المساواة توسع في الواقع هذا النوع من الاختلافات بين الجنسين. وتقول الكاتبة أن الدراسة وصلت إلى استنتاجات خاطئة ..
وكوني أوافق الكاتبة، و لم أقتنع بالدراسة التي تريد أن تعلمنا أن النساء يجب أن يعتنين بالأسرة وأنّ الرجال يجب أن ينجحوا، وأن الفتيات يجب أن يكونوا غير مغامرات وأن على الأولاد أن يغامروا. الدراسة الجديدة تعزّز القوالب النمطية بين الجنسين طوال حياتنا لأن المجتمع منظم لجعل النساء أكثر احتمالا لرعاية الأطفال ، وبالتالي تميل المرأة إلى التفاعل أكثر مع المعلمين والأمهات الأخريات حيث من المرجّح أن يقضي الرجال المزيد من الوقت في وظائفهم وأن تكون شبكاتهم الاجتماعية أكثر تنوعًا وتوفرلهم المزيد من الفرص.
ينتهي المطاف بالمرأة إلى ما يسمى بوظائف "الياقات الوردية" حسب تعبير الكاتبة لأنهن أكثر احتمالا لمعرفة الوظائف الشاغرة من النساء الأخريات. عندما ينتهي المطاف بالمرأة إلى الوظائف التي يهيمن عليها الذكور ، يتعين عليها المواجهة مما يجعل من المستحيل تقريبا عليها الوصول إلى أدوار قيادية.
هذا بعض ما قالته الكاتبة، ولم أنقله عنها بشكل حرفي لكن أرغب في تطبيقه على موضوع المساواة في بلد مثل سوريّة التي تنتمي إلى العالم العربي والمسلم في نفس الوقت.
قد يكون من حقّي أيضاً أن أكتب عن المساواة بين الجنسين، وهنا لابد لي أن أقول أنّني أحنّ إلى ما يسمى خطأ بجاهلية العرب، حيث توأد بعض بنات الفقراء، وتكرّم المرأة الغنّية، وأعتقد أن الكثير من النساء السّوريات يتمنين لو تمّ وأدهنّ كي لا يتحمّلن عبء البحث عن زواج لإرضاء العائلة، أو يمارسن الخوف من محاولة التّجربة.
قبل بضع سنوات لم يكن هناك وقت عند المرأة السّورية للبحث عن هذا الموضوع، فهي وزوجها يمارسان مساواة الرّكض من أجل إعالة الأسرة، وكلما كان الزوج أكثر إنتاجاً كلما زادت عدم المساواة.
ربما لدي إشكال في الحديث عن الحضارة العميقة لأنّني ببساطة لا أنتمي لها. بل إنّنا ننتمي إلى الثقافة الإسلاميّة المتشدّدة سواء كنا دينيين، أو علمانيين، فحتى الشريعة الإسلامية أعطت المرأة حقوقاً أكثر من الحقوق التي تأخذها وفق الأعراف. لقد عاملتها الشّريعة على أنها نصف إنسان، بينما عاملها المجتمع، وخاصة المجتمع المغلق كدّابة. يمكنكم أن لا توافقوا على ذلك. لكن قبل أن تحتجوا اسألوا أخواتكم، وزوجاتكم، وبناتكم.
لم يكن الوضع في سورية يوماً جيداً، لكنه كان سيئاً والفرق هو بين السّيء، والأسوأ وأسوأ الجميع.
يجب أن آتي بأمثلة من الواقع حيث سيدة الياسمين المرشوش بالسّم الزّعاف تعلن بعدم شفافية عن إصابتها بالسرطان، يرافقها زوجها المؤمن بالمساواة ويضحكان أمام الكاميرا على عقولنا هازئين منا. المرض يصيب الإنسان بالحزن، وليس الفرح، ونحن لسنا معادين لطبيعة الإنسان. مرضها كذبة كبيرة. هي بالأصل تشبه عصا السّاحر، وعندما أزالوا السيلكون منها بدت مريضة، وقد تتعاطفون معها فتستلم المنصب الدكتاتوري أيضاً في انتخابات جديدة، أو أنها تعرضت للتسميم وحانت نهايتها. هل هذه مساواة بينها وبين بشار؟ طبعاً لا. سوف يبقى هو الدكتاتور وسوف يبقى ثمنها طلقة، وما أكثر من ماتوا بطلقة، فأمير خليجي مثلاً قتل زوجته بطلقة، وفي اليوم الثاني تزوّج بأميرة أخرى. قتلها وهي أميرة مثله. نحن في بلد فيه مساواة في القتل، والموت والاغتصاب.
هل يؤمن العلمانيون السوريون بالمساواة؟ هم يتحدثون عن الزواج المدني ويناضلون من أجل إلغاء المهر، وكل ذلك يصب في صالح الذكورة. ما قيمة الزّواج المدني إذا كان القانون شرعي؟
وهنا أستشهد بحادثة حدثت قبل ثلاثين عاماً، وكنت قد تركت الحزب الشيوعي، ودعيت إلقاء محاضرة في مقرّ الحزب المرخّص في القامشلي، وكان الحضور أغلبه من النساء الكرديات، وتم سؤالي عن المهر، وكان بين الحضور بعض القياديين الرّجال. أجبت يومها: أن المهر حقيقة لا قيمة له، لكن هل يقبل الزوج أن يشارك زوجته في منزل الزوجية؟ أي يتم تسجيل نصفه لها كنوع من الأمان ، وربما تماهٍ مع النظام الاجتماعي المتقدم. أجابني عضو مركزية: أنت تحرّضين النساء علينا بينما انفرجت أسارير النساء. على النساء أن لا تطالب بإلغاء جزء من القانون الشّرعي، فإن لم يتمّ إلغا ء القانون كاملاً سوف تقع المرأة في الشّرك.
لن تتحرّر المرأة ولا الرجل في سورية قبل أن يصبح مستوى المعيشة يناسب المستوى الذي يحقق الكرامة لكليهما، لذا ومن باب الرّأي الشخصي أرى أن العلمانية كلمة فضفاضة تحمل إشكالية كبيرة، فأهل بلدتي يدّعون العلمانية جميعاً بينما يسجل الكثير منهم طائفيته المقيتة، وقسم من الأقليات يشتم الإسلام الذي جعله عبداً، ويعتقد أنّه تفوّق في البحث عن الحقيقة. أغلبنا متشدد ننتمي إلى التطرف سواء كنا مسلمين، أم مسيحيين، أم علمانيين.