بيان 8 مارس 2003



النهج الديمقراطي العمالي
2003 / 3 / 20

النهج الديمقراطي
الكتابة الوطنية

بيان 8 مارس 2003
 

يأتي اليوم العالمي للمرأة هذه السنة في ظروف دولية ووطنية تتميز بتصاعد هجوم الإمبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية،على شعوب العالم،والمتجلية أساسا في الاستعداد لشن حرب عدوانية على العراق و تفاقم الإجرام الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني المقاوم،و محاولة قلب النظام الفنزويلي و تخريب اقتصاده الوطني...الخ، مما ينتج عنه مآسي وكوارث إنسانية تتلقى النساء النصيب الأوفر منها.

كما تميزت هذه السنة،بتنامي الحركة العالمية المناهضة للعولمة اللبرالية وللحروب و الاعتداءات على الشعوب و استنزاف خيراتها،وقد ساهمت النساء في هذه الحركة بقوة لا يضاهيها إلا تقل المعاناة و الفقر و العنف المسلط عليهن من جراء تعميق الفوارق الطبقية وتوسيع الهوة بين النساء و الرجال في التمتع بالحقوق والحفاظ على المكتسبات.وذلك بسبب الانعكاسات الوخيمة لهذه العولمة الرأسمالية  على النساء.فقد ارتكزت العولمة بدورها على علاقات  الاضطهاد و اللاتكافؤ بين الجنسين المميزة للمجتمع البطريكي .

أما على مستوى وطني ،فظروف المرأة في المغرب لا تستثنى من هذه التطورات العالمية،و تزيدها استفحالا الطبيعة الرأسمالية التبعية الممخزنة للنظام المغربي .لقد تدهورت الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية للنساء من جراء تحملهن عواقب  الأزمة الخانقة للاقتصاد المغربي،نتيجة الاختيارات الليبرالية المتوحشة المفلسة التي ينهجها الحكم خدمة لحفنة من البرجوازيين و التي ترمي بجحافل النساء والأطفال في جحيم الاستغلال الاقتصادي و الجنسي في مختلف أنحاء البلاد،بل يتعداها حيث النساء المغربيات أكثر عرضة من غيرهن لتجار العار خاصة في إسبانيا ،إذ يتم الانقضاض من طرف شبكات الدعارة العالمية على ضحايا الهجرة السرية الهاربات من الفقر و الباحثات عن لقمة عيش لأطفالهن و عائلاتهن .وفي ظل هذا الواقع يتهيأ النظام المغربي لخلق ما يسمى بمناطق التبادل الحر مع الدولة الإرهابية :الولايات المتحدة الأمريكية ،في الوقت الذي ترفع فيه الأصوات في العالم ـ المنددة بجرائمها وسياستها العدوانية الاستعمارية و المنادية بمقاطعة بضائعها ،فضلا على كون هذه المناطق في كل العالم ـ تشكل مجالا للاستغلال البشع لليد العاملة النسائية  في غياب أية حماية أو مراقبة ،وتراكم فيه الشركات المتعددة الاستيطان الأرباح الطائلة على حساب حقوق و كرامة النساء.

و من جهة أخرى ،تميزت هذه السنة أيضا ،بتنظيم مهزلة انتخابية جديدة ،في ظل دستور ممنوح غير ديمقراطي يشرعن الاستبداد. وصرفت فيها ميزانية ضخمة  من أموال الشعب بما فيها الحملات الدعائية وتمويل الاحزاب المشاركة لتفرز هيآت لا تمثيلية و ظفت فيها المرأة من جديد لاستكمال ديكور شكلي لمجلس لا سلطة له و لا دور في الاختيارات الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية للبلاد.

كما عرف ملف مدونة الأحوال الشخصية بدوره فصلا جديدا من فصول التماطل و التسويف الذي طبع تدبيره منذ عقود من الزمن. لقد أصر النظام على رهن المطالب المدنية للنساء في الحقل الديني كوسيلة لتأبيد الوضعية الدونية للمرأة و تبرير الاضطهاد و الحيف و التمييز الذي يطالها. ويمس حقوقها الأساسية ويحط من كرامة المرأة و الرجل على حد سواء. وقد اتضح ذلك بشكل جلي في تصريحات الرئيس الجديد للجنة الاستشارية المشكلة لهذا الغرض ،و التي تهجم من خلالها على  الفكر الحقوقي و هاجم العلمانية بما يمس الحقوق الأساسية للإنسان على رأسها حرية التعبير و الرأي و العقيدة .

و تأتي هذه التصريحات في مرحلة تتسم بتراجعات خطيرة على مستوى الحريات العامة والفردية، سواء منها النابعة من أجهزة الدولة القمعية ،السرية و العلنية ،من خلال الإختطافات الأخيرة و التعذيب الذي واكبها .أو النابعة من الحكومة المتجلية في ما سمي بمشروع قانون مكافحة الإرهاب المملى من طرف أمريكا. و كذلك التراجعات الناتجة عن سلوكات و خطابات بعض التيارات و الأحزاب المخزنية التي تمارس الإرهاب الفكري و تضع نفسها وصية على المجتمع، تشرع و تصدر الأحكام و تنفذها في خرق سافر للحقوق و الحريات الأساسية التي تضمنها المواثيق الدولية و على رأسها حرية الفكر و الخلق و الإبداع .

و من نتائج تنامي هذا الفكر المعادي لحقوق الإنسان و للمساواة تدهور صورة المرأة في المجتمع، و تكريس النظرة الدونية لها، و من مظاهرها ما تنشره وسائل الإعلام الرسمية و غير الرسمية و ما تمرره مناهج التعليم و التدريس للأجيال الصاعدة في تناقض تام مع الأدوار الحقيقية للمرأة في المجتمع المعروفة بالعمل و العطاء و التضحية في مختلف المجالات .

إن النهج الديمقراطي، و هو يوجه تحية النضال و الصمود للنساء في كل بقاع العالم بمناسبة يومهن الأممي فإنه:

* يحيي نضالات المرأة المغربية و المرأة العاملة بالخصوص، في مختلف الميادين التي تواجه فيها السياسة الطبقية للنظام الحاكم و الإجراءات التمييزية التي تتضمنها، و يطالب باحترام حقوق النساء في التشريع و في الواقع من خلال:

-    التوقيع على كافة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان و المختصة في حقوق المرأة بوجه خاص وملائمة القوانين المحلية معها .

-    رفع التحفظات على اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة .

 

 

-    إقرار حقوق المرأة العاملة بإدراجها في مشروع مدونة الشغل و من ضمنها تقنين مهنة خادمات البيوت .

-    سن قوانين تحمي النساء من مختلف أشكال العنف الممارس ضدهن .

* يطالب بوضع حد للتماطل الذي يعرفه ملف مدونة الأحوال الشخصية، و التعامل مع هذا القانون كباقي القوانين التي تهم المجتمع و ليس الفقهاء وحدهم، و ذلك عبر إقرار قانون أسرة يكفل المساواة الحقيقية بين المرأة و الرجل و يصون كرامتهما و يضع مصلحة الأطفال فوق كل اعتبار إعمالا لما جاءت به المواثيق الدولية لحقوق الإنسان .

* يدين كل السلوكات و الخطابات التي تمارس الإرهاب و الإرهاب الفكري أينما كان مصدرها .

* يطالب بوضع حد لتدهور صورة المرأة في المجتمع و خاصة في وسائل الإعلام المختلفة وتغيير المناهج التعليمية التي تمس مضامينها كرامة و حقوقها، و وضع برامج للتربية على حقوق الإنسان و نشر فكر المساواة بين البشر و بين المرأة و الرجل بشكل خاص .

إن النهج الديمقراطي، و هو يتابع باستنكار شديد أوضاع النساء في العراق و فلسطين اللتين تشكلان في المرحلة الراهنة الأهداف الأولى للعدوان المباشر للإمبريالية الأمريكية و حلفائها، يحيي صمودهن و وقوفهن الباسل و الشجاع في وجه الآلة الهمجية الصهيونية في فلسطين و في وجه الحصار الجائر و القصف المستمر ضد شعب العراق، و يقف إجلالاً أمام أرواح شهيدات وشهداء الانتفاضة، و يرفع صوته إلى جانب الأصوات العارمة التي هزت العالم ضد الحرب الإمبريالية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية عدوة الشعوب .

كما يحيي كل المبادرات النضالية المحلية التضامنية مع الشعبين العراقي و الفلسطيني و كذلك المبادرات المطالبة بسحب مشروع القانون الإرهابي الذي وضعته الحكومة لدى البرلمان، باعتبار هذه المعركة جزء من المعارك المحلية ضد الإمبريالية، و ضد عميلتها الرجعية المحلية.

* يوجه نداء لكل التقدميين و الديمقراطيين و المناصرين لقضايا المرأة و كل الأحرار لدعم حق النساء المغربيات في المساواة و مناهضة كل المحاولات الحكومية للتملص من مسؤوليتها في الاستجابة لمطالب الحركة النسائية الديمقراطية و من ضمنها إقرار قانون أسرة يصون الكرامة ويضمن المساواة بين النساء و الرجال .و مواجهة كل أساليب التعتيم و التشويه التي تواجه بها المطالب النسائية كيفما كان مصدرها .

 

 النهج الديمقراطي
  الكتابة الوطنية

 فاتح مارس 2003