روعة المرأة تكمن في قدرتها على العطاء والإبداع والقيادة، وروعة الرجل في احترامها



سهيل قبلان
2018 / 11 / 27


اعتبرت الامم المتحدة شهر تشرين الثاني شهر التسامح بين البشر، وفي التاسع عشر من الشهر الجاري، انطلقت نشاطات اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة، وانطلقت في اسرائيل نشاطات في هذا المجال، ولفت الانتباه اسقاط الائتلاف الحكومي الحربي وعاشق العنف طلب النائبة الشيوعية الانسانية والعابقة بمكارم الاخلاق الطيبة والناشطة بكل الصدق لتحويل افكار ومشاعر البشر الى رياحين منعشة وبناءة ومرسخة للمحبة والاحترام بين البشر، بإقامة لجنة تحقيق برلمانية بقضايا النساء والهادف لحماية النساء الموجودات في دائرة الخطر، وفي هذا الاسقاط المشين بمثابة ضوء اخضر ورسالة عنف للرجال لمواصلة التعامل مع النساء بالعنف وبالكرباج وبالتالي الاحتقار وما عليهن الا اشباع رغباتهم الحيوانية وتقديس شهواتهم المفسودة الفجورية.
ويكمن سبب الخلل في العلاقة بين الرجال والنساء في اعتقادي في كيفية نظرة الرجل للمراة وانها بمثابة جسد للمتعة لذلك يتغنى بجسدها الجميل وبقدها المياس وبشعرها المسترسل على غصين البان وبعينيها النجلاوين، ويطمس ذلك فيه التغني بأنها انسان كامل قادر على العطاء والابداع في اي مجال، فكما ترأس الدول رجال، ترأست الدول نساء، وهكذا مع الحكومات والوزارات والبنوك والمحاكم والمستشفيات، وفي اي مجال سياسي وثقافي وادبي واقتصادي وفني واجتماعي، ان الحياة مسرات واحزان ولكن ليس في كل مجال ومكان، فلا يكفي مثلا منح المرأة عاطفة الحب الكاذب والشوق الظاهر وكلام الغرام ولكن المطلوب وعن قناعة منحها وغمرها بعواطف الاحترام والاجلال والوقار والتأكيد لها ودائما انها كتلة هامة من القدرات وتنمية وبرعمة امكانياتها وليس طمسها وقتلها، فأي انسان بغض النظر عن كونه طفلا او طفلة توفر له الظروف والدعم والرعاية والاهتمام والمبالاة وتوجيهه التوجيه الصحيح، يثبت نفسه والواقع في كل مكان برهان، فالمرأة هي الى نهلة من نهلات الاحترام أحوج منها الى شؤبوب متدفق من الحب والغرام والتقدير والاعتراف انها انسانة كاملة وقادرة على ارتياد الفضاء، وقبل ذلك ارتياد الجامعات والنجاح في الامتحانات واولها امتحان الاخلاص والصدق والوفاء وهنا، فمن اسباب العنف، الشك وان بعض الظن اثم، والشك لا يعمر البيوت ولا يوطد الوشائج وانما يدمر ويخرب ويزرع الاحقاد، وقيل يا ايها الناس اذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا الحقيقة قبل ان تصبحوا على ما فعلتم نادمين، وهناك من يحنو على المرأة ويرحمها ولكن حنو ورحمة السيد والعبد والمطلوب حنو الصديق الصادق ورحمة المحب الاصيل عالي الهمم مليح الشيم ومعدن الجود والحسن والفطن وانها شريكة حياته بكل معنى الكلمة وليست خطيئته ووصمة عاره وهي ليست اداة لهوه ولعبة للترويح عن النفس.
وعندما نحترم المرأة ونشعرها بالفعل لا بالقول انها كيان قائم بحد ذاته وعليها بلورة نفسها وبناء شخصيتها وتتعود على احترام نفسها ودفع الرجل لاحترامها فمن احترم نفسه كان ابعد الناس عن الزلات والسقطات فالعبودية لا يمكن ان تكون مصدرا للفضيلة وزرع وتوطيد الثقة والاحترام بين الجنسين والمحبة بينهما، ومطلوب في البيوت والمؤسسات وكل مكان التأكيد على اهمية العمل باعتباره المعيار الوحيد للقيمة الانسانية ونصف الشعب العربي ليس له قيمة انسانية البتة كونه نساء، والمطلوب التحول بسرعة الى تشريعات مفصلة تنظم حياة المجتمع وتمارس يوميا الى ان يكتسب نصف المجتمع قيمته الانسانية بعمله وانتاجه وعطائه الجميل وطالما ظل النظر الى المرأة على اساس افكار رومانسية للامومة وتربية الاجيال بقيم عشائرية تدور حول الشرف والعرض واطاعة الزوج وكون الرجال قوامين على النساء، سيظل السبيل مفتوحا امام نهج العنف والاحتقار واشباع الشهوات فقط، وكما قال ماركس : "ان درجة انعتاق المرأة تمثل المقدار الطبيعي للانعتاق العام وبامكاننا جميعا ودائما تجديد مدى عهد تطور تاريخي معين بدرجة تقدم النساء في طريق الحرية"، وهذا بمثابة نفير يقول انه على المرأة ان تشعر بواجب المساهمة في النضال ضد اعداء الشعب والمرأة والحياة والتدرب على تعلم والتمتع بالكفاءات للمجابهة، والواجب القومي يدفع العرب بالذات للتطوع في هذا الوقت الحرج للمساهمة في التغيير وخاصة تغيير التعامل مع المرأة بلطف ومحبة واحترام وتقدير واعجاب بابداعاتها وقراراتها، وكما شاركت المرأة في حرب فيتنام ضد وحوش الويلات المتحدة الامريكية حيث قال كاتب فيتنامي: "كان جيش النساء جيش الشعور الطويلة بصموده واستبساله وهرب الخائب من قبل الضباط والموظفين والعملاء، وان هذا الاشتراك المباشر للجماهير والنساء منهن بشكل خاص قد لعب دورا حاسما في الحرب".
لقد آن الاوان لتغيير النظر الى المرأة من منطلق النعومة الشرقية والمطلوب التغيير من الداخل في طريقة التفكير والتطلعات والآمال، والكف عن الاهتمام بالشكل والمظهر وليس بالثياب الجميلة والجرابات الحريرية والحلي والاساور وانما عدم الخجل بثياب العمل والسراويل الطويلة والجزم العالية وهل خشخشة الاساور اهم من الارض التي تعطي للناس خبزهم اليومي، وهذه النظرة المتخلفة كلها سلبيات وحواجز في طريق التقدم وقال لينين، " تبين التجارب خاصة لحركات التحرر كافة ان نجاح الثورة يعتمد على مدى مشاركة النساء فيها والقيام بفعل كل ما بوسعها لتمكن المرأة من حمل اعباء العمل ولن تتمكن البروليتاريا تحقيق الحرية التامة حتى يتم لها تحقيق الحرية للمرأة" اليس الافضل ان تكون المرأة طاقة انتاجية خلاقة في كل المجالات وفعالة وتفرض نفسها على الرجل التقليدي وهو الذي بمثابة احتلال للمرأة يقيد حريتها وينكل بها ويحاصرها ولا يعرف الا لغة العنف والقمع والتنكيل وردف الاحتلال اسمه بالانحلال من كل عرف واخلاق، وهو مسؤول عن الوضع المأساوي ويتنكر لمسؤوليته، وكأني به يقول للمرأة مبروك عليك اول قتلة وصفعة وتعيشي وتوكلي فلقات وصفعات اعنف واكثر فيا عيب الشوم لهكذا رجال.
وتكمن المأساة في اخفاء الاوضاع المأساوية في باقات عزاء من الزهور وكلمات حب آنية تمثيلية بيد ان قوة الحقيقة هي بشكل بحيث يعاد تقييم مرارة الحياة مهما كانت فظيعة وقيم التغلب عليها بالارادة في السعادة بالرغبة في بلوغها والبهجة بتحقيقها، فما فائدة تقديم باقة زهر من الرجل للمرأة، فيما نظرته عنها وموقفه منها وتفكيره فيها واصراره على ان تكون تابعة له، خالية من اية نتفة عبير طيب، فلماذا لا تكون افكاره ومشاعره ونواياه وسلوكياته ومواقفه من المرأة عابقة ومنعشة كعبير الورد الحقيقي النابت في الوعور والبساتين والحواكير وليس الورد الاصطناعي؟ ان اعتبار الامم المتحدة شهر تشرين شهر التسامح بين البشر، يجب استعمال ذلك بشكل ايجابي في مجال العلاقة بين الرجال والنساء والحث دائما على ما يقرب ويوطد الثقة والصدق مما يضمن تغيير النظرة اليها كجسد للمتعة والتعامل معها كتابعة للرجل، وعلى المرأة بالذات وبدعم طبعا من الرجال الواعين التحول من موقع الدفاع الى موقع الهجوم لانتزاع الحقوق واحترامها كانسانة كاملة وقادرة على العطاء والابداع، وانها ليست ناقصة عقل ودين وليست الضلع القاصر في المجتمع والهجوم ليس بالاسلحة والاحذية والقباقيب والكلام العنيف انما من منطلق تأكيد انها انسان من حقه العيش بكرامة واحترام وتفاهم وتحقيق احلامه واماله وليس تقييدها بقيود العادات والتقاليد التي كانت قبل آلاف السنين والاهم الاستمرار ومداومة النضال لانتزاع حق وعدم الياس.
وعلى الرجل الكف عن كونه حارسا للمرأة فهذا يؤدي الى الشك في اي سلوك مشبوه في نظره، وانا شخصيا على قناعة انه على مشارف الفكر الشيوعي يتحدد مصير المرأة والتعامل معها كانسان كامل معطاء وقادر وله كرامة ومشاعر واحلام، ومكافحة العنف تكون بتوجيه من الضمير والعقل المنفتح على الشمس والورود وحمل رسالة محبة للمرأة الانسان وليست الجسد لان خطاب الكراهية والعنصرية والبندقية وزرع العنف والحقد والاستعلاء المسيطر في الدولة وتعويد اليهود على الاستهتار بالعربي وبدمه وبحياته من الطفل الى الكهل، لن يضمن الانسان الهادئ والانساني والعاشق للحياة جميلة وسعيدة في كنف المحبة والسلام، وصيحات الضباط للجنود، عليهم، في الهجوم على العرب لا بد ان تترك تأثيرها السلبي على نفسية الجندي وبالتالي يترجم ذلك عليهم في بيته ضد المرأة، كذلك الفصل بين الطلاب والطالبات في المدارس يمهد السبيل لممارسة العنف، لأن التفريق يؤثر سلبيا والعامل النفسي يلعب دوره هنا بشكل سيء، وينشأ الولد والبنت وبعد بلوغهما ثديي الأم المكتنزين يرتشفان رحيق الحياة ويتذوقان حلاوة حنان الامومة اللامتناهي معا، فلماذا التعامل معهما عندما يكبران بصورة مختلفة.
ويجري العنف في المجتمع وكان مكتوب له الخلود، ففي كل يوم وكل ساعة يبدأ ويستمر وفي كل موقع ومكان من المسؤولين حتى الشوارع والسؤال لماذا لا نغرف من نبع الثقة والاحترام المتبادل وحسن الشيم وانه بامكاننا الانتصار على العنف وليس العكس وان مهمة التحرر العليا ملقاة على عاتق الجميع وأهمها تذويت حقيقة ان روعة المرأة في قدرتها على العطاء وليست في جمال ونعومة جسدها وروعة الرجل في احترامها وبالتالي احترام نفسه.