ثوب الاثارة والوصول الى العالمية!!



عبله عبدالرحمن
2018 / 12 / 12

في قصة كتبت منذ اكثر من نصف قرن قال فيها الكاتب كارلو بيف: ان الانسان يميل بطبعه الى كشف النقائص في غيره من الاشخاص من دون الالتفات الى ذكر الفضائل فيه. وليس بحثا عن الفضائل في هذا الواقع الذي تطفو فضائحه على سطحه من دون تقليم او تهذيب او حتى السعي لقبول الحقيقة بمنظورها الايجابي من دون رتوش. نهرب الى قصص غيرنا نلوك اخبارهم حتى لا نلوك قصصنا التي تراكم عليها الوجع.
بوجه شاحب مريض نحاكي ما حولنا من احداث نتداولها من غير تحفظ او هدف. واذا كنت انضم الى من كتبوا عن فستان الاثارة والذي وحدنا كعالم وشرقي وغربي في حسن التداول ومشاهدة ثوب الفنانة رانيا يوسف على السجادة الحمراء في مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الاربعين والذي كان فاضحا من غير حياء ومن اجل ذلك انتشر واصبح قصة نتحاكى بها بعيدا عن التفكير في اهميتها او جديتها كشغف وسر من اسرار النفوس وشرورها، فأنني اكتب مقالتي تلك دهشة ولوم من ان اقلام جادة تملك التاريخ العريق في عالم الكتابة قد تناولت الثوب وكانه ام القضايا وفتنة الزمان وصفقة القرن التي تعد بالخراب وتغيير خرائط الاوطان. العديد من البرامج والعديد من المقالات والقصص التي تم تداولها عن ثوب الاثارة ان كان ببطانة او من دون بطانة، واخيرا يحتدم الجدل حول ثمن الفستان الباهض وهو يدخل في قوائم الموضوعات الاكثر بحثا على جوجل.
الحقيقة ان العناوين العريضة التي سطرت عن هذا الموضوع والتي تدور حول التحريض على الفسق والفجور والدعوات القضائية والتحقيقات مع الفنانة انما تنبئ عن ضعف حقيقي وحرية غير مسؤولة تسير بنا في طريق الضلال بتنحية ما هو مهم لصالح ما هو غير مهم.
وكما تنتهي معظم قضايانا بالوعود الكاذبة وتحقيق المكاسب الضئيلة والضالة لمن يفتعل ويساهم في خلق مثل هذه الازمات ان كان في ازمة الفستان او غيرها من الازمات الفارغة من هويتها وهدفها بقبول اعتذار الفنانة ولا ادري لماذا الاعتذار! ونذهب فرحين الى طي الحكاية مطمئنين الى مستقبل الفنانة التي اصبحت نجمة عالمية بين يوم وليلة. مثل هذه الازمات والتي اصبحت تشغل الرأي العام عن قضاياه الاساسية والمهمة نستذكر ما قاله الرئيس السوداني عمر البشير عقب ثورة 25 يناير: قديما كنا نقول ان الناس على دين ملوكهم لكن الآن نقول ان الناس على دين اعلامهم وهذا تصريح بمدى اهمية الاعلام في حياة الناس. الهيئات الاعلامية تحتاج الى اعادة تفكير في دورها الذي لم يعد تنويري في نقل ونشر المعلومات والحقائق التي تبني الفرد وتشجع فيه حب الوطن والارض. وهي دعوة لتبني نهج اعلامي هدفه بناء الاوطان بعيدا عن شرور النفوس وفسادها.