لطيفة اجبابدي:المساواة والعدل هما مقاصد الدين الجوهرية



حياة البدري
2019 / 2 / 26

أبرزت الأستاذة لطيفة اجبابدي على هامش الندوة التي تظمها اتحاد العمل النسايئ يوم السبت المنصرم بالرباط بالمكتبة الوطنية، تحت عنوان "من أجل قانون أسري يضمن الملائمة والمساواة"، بخصوص أسباب مراجعة المدونة، قائلة "آن الأوان لمراجعة المدونة بشكل شامل وعميق"، نظرا لوجود العديد من الثغرات والعيوب والأشياء الكثيرة والمتعددة، التي تتعارض مع كرامة وإنسانية النساء والأطفال وبالتالي مع الدستور والمواثيق الدولية، كالولاية على الأبناء،التي تبقى عند الأب فقط وكأن الأم قاصرا، وإن كانت هي من تحضنهم وهي من ترعاهم وتتكلف بهم، في حين الأب يتزوج بأخرى "ويعيش مرتاحا"وبعيدا عن كل مشاكلهم واحتياجاتهنم ، وفي المقابل لا يكون حتى الحق في أخذ نقودها التي تضعها في حسابهم، والذي عملت على فتحه بنفسها لهم، ومن مالها الخاص، أو أن تتسلم حتى تأمين الحوادث التي قد تحدث لأحد أبنائها، وإن كانت هي من ترعاهم، كما حدث لامرأة جاءت عندنا إلى اتحاد العمل النسائي، طلقها زوجها وتخلى عن ابنه منذ أن كان يبلغ عاما فقط، وكانت هي من تنفق وتسهرعليه لأعوام كثيرة إلى كبر ولكن تعرض لحادثة سير مروعة، فهذه الأم لم تتمكن من تسلم تأمين ابنها قصد معالجته إلى أن جاء الزوج وتسلمه ورحل.

وأردفت اجبابدي قائلة، إذا أردنا أن نحقق العدالة والكرامة الإنسانية للمواطنيين، فيجب اعتبارالنساء والأطفال مواطنون، وينبغي مراعاة حقوق وكرامة النساء والأطفال. فالآن عدد الطفلات اللواتي يتزوجن الآن أكثر بكثير وبشكل مضاعف مما كان عليه سابقا ، نظرا لكون المادة 20 و21 تمنح الاستثناء من أجل زواج القاصرات وأصبح المجال واسعا، وهذه جريمة في حق الطفولة، وهذه مسألة تتعارض مع الدستور ومع المقتضيات الدولية، ومن المفروض أن المدونة جاءت لتحد من هذه الظاهرة ولكن أصبح الاستثناء هو القاعدة، وهذا ما يدفعا إلى حذف الاستثناء، وينبغي الحسم في هذه المسألة.

وأضافت لطيفة اجبابدي، أن مسألة التعدد تمس جزء بسيط من المجتمع المغربي، وهي تعد من بين القضايا الجوهرية عندنا باتحاد العمل النسائي، ويجب الانتهاء معها، وهي ليست فرض في الدين، وقد نادى بهذا، العلامة علال الفاسي سنة 1949 في كتاب النقد الذاتي، فبالأحرى الآن في القرن 21 والعشرين، الذي ما يزال يسمح فيه بالتعدد تحت تبريرات قضائية واهية ولا أساس لها من المودة والرحمة ومن التضامن والتآزرالعائلي، حيث يتم التعدد على الزوجة إما لكونها مريضة أو لكونها تلد فقط البنات، وكأنها هي المسؤولة عن جنس المولود. فقد كان الباب مفتوحا بالنسبة للتعدد في وقت معين والقرآن حاسم في هذا"وإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة". فيجب الانتهاء من هذا.

وزادت قيادية اتحاد العمل النسائي متسائلة "لماذا نجعل من الإرث طابو؟ ونجعله من المحرمات التي لا يمكن التحدث عنها، ألكونه يمس بمصالح الرجال؟ فدائما عندما يتم التحدث بخصوص المصالح المادية يصبح هناك تشدد مفرط "، مسترسلة، فالمسألة ليست مسألة إديولوجية أو مسألة شرعية فكم من مسألة يوجد فيها نصوص واضحة، ونظرا لتغيرالأحوال يتم مراعاة مصالح الناس، لكونها تدخل في جانب المصالح الاجتماعية والاقتصادية. وهذه المسألة ليست جوهرية في الإسلام ولا تتعلق بالمعتقد، فالإسلام أصلا مبني على المساواة والعدل وهذه هي مقاصد الدين الجوهرية.

وأضافت لطيفة اجبابدي، قائلة" فعندما طرحت المواريث في تلك الفترة فهي جاءت في سياق قبلي وبدوي، حيث كانت المرأة محضونة في القبيلة، وكان أخوها وعمها ينفقا عليها، أما الآن فقد تغيرت المسائل.والإسلام لم يكن ليأتي بمسائل مغايرة لحال واقع المجتمع، فالمجتمع يتغير ويتطور، والآن النساء تشتغلن وتتحملن المسؤولية ولم يبق أحد يتحمل مسؤوليتهن. بل أصبحت المرأة هي من تتحمل مسؤولية أخيها وهو لا يتحملها،"يمكن لك تهزي خوك وخوك ميهزكش" أما الأعمام الآن، فهم بعيدين كل البعد عن ولا يعرفون أي شيء عنك، ويأتون من أجل التعصيب عليك في حالة وفاة الأب بخصوص الأسر التي تنجب البنات فقط، ولا تتوفرعلى الأبناء الذكور. فقد كان هذا سائدا لما كان العم يتكفل بهن وينفق عليهن، أما الان فلم يعد هذامطلقا.

وخلصت لطيفة اجبابدي قائلة: إن هذا الأمر، يؤدي إلى مآسي ومظالم ومعناة ومنكر ولا يمكن أن يتقبله لا الدين ولا الله ولا الشرع. لذلك يجب أن يطرح النقاش ويجب أن نسطر واقعنا وأن نفهم الإشكالات الكبيرة والقيم النبيلة والسامية للإسلام، قبل أن نتشدد في خلفية النصوص، فحتى الخمر والميسر منصوص عليهما، ورغم ذلك فهناك سماح بخصوصهما، فلماذا عندما يتعلق الأمر بالمرأة وتكون هناك مصالح مادية، يزداد هذا المجتمع ذكورية وتعصبا ومقاومة لأي تغيير، بل حتى لطرح أي سؤال؟ فهذا التحفظ يجب أن يرفع، وأن يفتح نقاشا موضوعيا رصينا يستحضر مصلحة المجتمع والعدالة الاجتماعية والتي هي في صميم صلب الإسلام وليست خارجة عنه.